هل كُشف السر؟ لماذا باريس 2024 بخيلة في أرقام السباحة القياسية؟

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2024-08-02
الصيني بان زانلي صاحب الرقم القياسي في سباق 100 متر سباحة حرة رجال في أولمبياد باريس 2024 (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

حقق السباح الصيني بان زانلي رقمًا قياسيًّا جديدًا في سباق 100 متر حرة سباحة رجال، وذلك بعدما كسر الرقم العالمي الذي يحمله هو شخصيًّا بفارق أربعة أعشار من الثانية، ليتحول الرقم القياسي من 46,4 إلى 46,8 ثانية، في أولمبياد باريس 2024.

كان هذا هو الرقم القياسي العالمي الوحيد المسجل حتى الآن في منافسات السباحة، سواء للرجال أو السيدات بأولمبياد باريس، وهي الظاهرة التي تساءل حولها كثيرون.

سباق القرن عزز من التساؤلات في باريس 2024

أكثر ما دفع الجميع للتساؤل حول الأمر هو ما عُرف بـ"سباق القرن"، الذي تنافست فيه السباحة الأسترالية أريارن تيتموس والأمريكية كاتي ليديكي والكندية سمر مكنتوش في منافسات 400 متر حرة سيدات، وهو السباق الذي انتهى على فارق حوالي ثانيتين كاملتين عن الرقم القياسي العالمي، رغم افتراض شدته بين ثلاثة سباحات لا يشق لهن غبار.

النظرية الأكثر انتشارًا في الأوساط الرياضية في الوقت الحالي، تتحدث عن أن عمق حمام السباحة في باريس أقل مما كان عليه الأمر في أولمبياد طوكيو 2020 وريو 2016، اللذين تم تسجيل 8 أرقام قياسية و6 أرقام قياسية عالمية فيهما على التوالي.

إذ يبلغ عمق حمام السباحة في باريس 2,20 م، فيما بلغ عمق سابقيه 3 أمتار، علمًا بأن المواصفات التي ينص عليها الاتحاد العالمي للسباحة هي 2,5 م، وذلك بعد تحديث الرقم من 2 م إلى 2,5 م، لكن هذا التحديث كان بعد توقيع اتفاقية تنظيم الأولمبياد باريس 2024. وذلك بحسب صحيفة "نيوزويك" الأمريكية.

خبيرة المعلومات والإحصاءات بالمنتخب الأمريكي للسباحة كين أونو، أخبرت موقع ياهو أن "حمام السباحة في باريس أسرع من الحمامات التي تراها في نادي السباحة المجاور لك، لكنه ليس مثاليًّا لتحقيق الأرقام القياسية والسبب الرئيسي يرجع لعمق الحمام".

ويشرح خبراء السباحة الأمر في أن حمام السباحة الأكثر ضحالة ينتج عنه أمواج معاكسة أقوى، فضربات السباحين تنتقل موجتها إلى جانبي الحمام وإلى الأسفل، لتضرب عمق الحمام ثم ترتد من جديد صانعة اضطرابات في سطح الماء، الأمر الذي يؤثر في أداء السباحين سواء في تناسق ضرباتهم أو سحب المياه للأسفل، ومع عمق أقل يزداد هذا الأمر تأثيرًا في السباحين، كما هو الأمر في باريس 2024.

أما كيتي ليديكي فلم تشتكِ لوكالة أسوشييتد برس من الأمر، عندما قالت: "كلنا سباحات سريعات. نحن نجعل الحمام سريعًا بالقدر الذي نريده، ولا أفكر كثيرًا في الأمر".

بينما كان ما يهم السباحة الأمريكية كيتي جريمز –التي أحرزت فضية 400 متر متنوع- أن الأمر يسري على الجميع، وذلك بعدما أخبرت أسوشييتد برس: "سواء كان حمام السباحة بطيئًا أم لا، فإن هذا الأمر لن يؤثر في لاعب واحد، بل سيؤثر في الجميع وهو ما يهم".

نظرية حقيقية.. أم خرافة؟

صحيفة ذا غارديان فتحت تحقيقًا حول الأمر، ونشرت حديث المدير التنفيذي للشركة الإيطالية التي قامت بإنشاء حمام السباحة في باريس، وهو الذي نفى تأثير الأمر لراديو مونتي كارلو.

الصحيفة الإنجليزية تحدثت عن أن تأثير الفارق في العمق يكاد يكون غير موجود، فالموجات تحت الماء هي بالأساس موجات صوتية تم إنتاجها بسبب فارق الضغط في الماء، وتسير بسرعة 1500 متر في الثانية، ما يعني أنه بدلًا من استغراقها حوالي 4 ملّي ثانية للوصول للعمق والارتداد، فإنها ستصل في حوالي 3 ملّي ثانية في حمام السباحة الأقل عمقًا، وهو تأثير لا يُذكر.

لكن ما قد يؤثر نوعًا ما، هو أن هناك ما يعرف بالسرعة الحرجة أو بسرعة الهيكل hull velocity، وهو أمر معروف أكثر في الإبحار، ويستخدمه كذلك السباحون في المسافات المتوسطة والكبيرة، لضبط سرعة جسدهم مع وضعية الأمواج لتوفير المجهود والطاقة.

ولأن تلك السرعة ستتغير إلى رقم أقل قليلًا مع حمام سباحة ذي عمق أقل، فإن السباحين بشكل غير واع سيقومون بتخفيض سرعتهم بقدرٍ قليل، ليناسب سرعة الهيكل هذه، والتي يشرح موقع علم السباحة swimming science كيف تعمل في هذه الصورة.

صورة توضح فكرة سرعة الهيكل hull velocity 
صورة توضح فكرة سرعة الهيكل hull velocity 

لكن الصحيفة العريقة اختتمت تقريرها بأن كل هذه النظريات قد تكون ذات تأثيرات ضعيفة جدًّا ولا تُذكر، وأنه لربما وصل الإنسان إلى ذروة أدائه مع التكنولوجيا الحالية، وأنه قد نمر بفترة ركود إلى حين التوصل إلى أساليب وتقنيات أفضل وأقوى.

مثلما حدث مثلًا مع الرداء الشهير للسباحة في أولمبياد بكين 2008، والذي صنع 25 رقمًا قياسيًّا عالميًّا جديدًا، ثم 43 رقمًا قياسيًّا عالميًّا في بطولة العالم التالية، قبل أن يقرر الاتحاد الدولي للسباحة إيقاف استخدامه من أجل المحافظة على نزاهة المسابقات، والتركيز على السرعة البشرية أكثر من أي معدات مستخدمة.

ونزيد من جانبنا من الشعر بيتًا حول نظرية الحمام الضحل، وهو أن نفس ذلك الحمام تم تحطيم عدة أرقام قياسية أولمبية فيه في الدورة الحالية، ما يعني أن حمام الـ2,2 مترًا لم يمنع السباحين من تحطيم أرقام تخص حمامات الثلاثة أمتار في الدورات السابقة، حتى ولو يتم تحطيم الرقم القياسي العالمي الذي من الممكن تحطيمه في أي بطولة أخرى وليس حصرًا في الدورات الأولمبية، لكن ربما كان هناك من هم قادرون على مقاومة أي ظروف معاكسة في باريس 2024، إن كانت موجودة.

شارك: