لكي لا يخوض فينيسيوس جونيور الحرب وحيدًا ضد العنصرية

2023-02-13 13:37
نجم ريال مدريد والمنتخب البرازيلي فينيسيوس جونيور (Getty)
سعد مبروك كاتب مقالات في winwin
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

عادت إلى الظهور -هذه الأيام وبشكل لافت ومخيف- أعمال العنف والعنصرية وكراهية اللاعبين الأجانب -الأفارقة والعرب وأصحاب البشرة السوداء- داخل الملاعب الأوروبية عامةً، والإسبانية خاصةً، وذلك بعد ما تعرض له منذ عدة أسابيع نجم ريال مدريد والمنتخب البرازيلي فينيسيوس جونيور من هجمات عنصرية وصفتها الصحف الإسبانية بـ"البغيضة" و"المخزية للمجتمع". 

يلاقي فينيسيوس، في معركته الحالية ضد العنصرية في إسبانيا، دعمًا كبيرًا من قبل اللاعبين والأندية والسياسيين ومن شخصيات المجتمع المدني في العالم أجمع تقريبًا. 

ولم يكن الجناح الأيسر للنادي الملكي الإسباني أول اللاعبين الذين يتعرضون لمثل هذه الأعمال العنصرية في الملاعب العالمية ولا سيما الأوروبية منها.

فالتعصب والحقد وكراهية الأجنبي والتمييز العرقي والعنصري، كلها أمور متفشية خارج الملاعب وداخلها، بما فيها ما ينفثه بعض اللاعبين أنفسهم ضد بعض منافسيهم. 

آفة هذه الظاهرة في الملاعب تتمثل في صافرات الاستهجان والهتافات العنصرية، وأبشعها نعت اللاعبين بالقردة، ورميهم بالموز وبمختلف المقذوفات. 

الحوادث عديدة يطول سردها وتعدادها، وضحاياها كثيرون، إلا أن ما خلد في الأذهان بشكل لافت هو ذلك التصرف "الساخر" والهادئ الذي تعامل به النجم البرازيلي داني ألفيش عندما كان يستعد، في أبريل/ نيسان 2014، لتنفيذ ركلة ركنية لفائدة فريقه برشلونة خلال لقائه مع فريق فياريال في ملعب "المادريغال"، حينما أكل موزةً رماه بها أحد المشجعين العنصريين لتشبيهه بقرد. 

لكن مثل هذا التصرف، ورغم الاستحسان والتأييد والإشادة التي لاقاها من جميع الأوساط الرياضية والشعبية والرسمية ومن كبار المسؤولين في العالم وفي مقدمتهم رئيسة البرازيل حينذاك، ديلما روسيف، التي وصفت تلك الحركة وذاك التصرف بالرد "الشجاع والقوي على العنصرية في الرياضة"، فإنه لا يكفي للتصدي للعنصرية في ملاعب كرة القدم.

ذلك أن استئصال هذا الورم الخبيث يتطلب عملًا وجهودًا مكثفةً ومتواصلة دون هوادة من مختلف الفاعلين في المجال الرياضي وخاصة في ميدان كرة القدم، تتم بتنسيق تام وتكامل وثيق دائم. 

هذا ما أكدته عدة دراسات وندوات عُقدت لهذا الغرض في السنوات الأخيرة في كثير من العواصم الأوروبية والعالمية، وتلك اللقاءات والمنتديات التي نظمتها مؤسسات وهيئات دولية، على غرار منظمة اليونسكو. 

فجميعها يبرز أهمية القوانين والقضاء والتشريعات ودورها في ردع الإساءات والهجمات العنصرية، ومعاقبة مرتكبيها، كما تثمن التدابير والقرارات التي اتخذها الاتحاد الدولي والاتحاد الأوروبي لكرة القدم وتحض على تنفيذها. 

وبالتوازي مع ذلك، تعمل الحكومات والاتحادات والأندية، بشكل مشترك، على بلورة رؤى وتدابير لمواجهة التحديات الكبيرة التي تفرضها الهجمات العنصرية وأعمال العنف في الملاعب، ومظاهر استهداف اللاعبين والتمييز. 

كما لا ينبغي أن نغفل عما للمجتمع المدني من دور تثقيفي وتوعوي رائد يجب أن يضطلع به بين الجماهير وأنصار الفرق من أجل نبذ الكراهية والحقد والتعصب. 

كل هذه العناصر الفاعلة التي سبق ذكرها، وغيرها، لا يمكنها أن تنجح منفردةً في التصدي لظاهرة العنصرية التي تجتاح ملاعب كرة القدم. وحقًا من شأن تضافر هذه العناصر وتكاملها الدائم، وتشديد العقوبات مع تنفيذ الأحكام بحزم ونشر روح التسامح والتآخي والاختلاف بما فيه من ثراء، واعتبار أن العنصرية لا توجد في الملاعب فحسب بل هي ظاهرة من مظاهر أخرى تنخر المجتمع، أن يُسهم في التصدي لهذه الآفة بنجاح، وستسمح لفينيسيوس بكسب معركته الراهنة ضد العنصرية في إسبانيا، كما ستسمح لغير فينيسيوس بكسب معاركهم ضد العنصرية والحقد والتمييز في أي زمان، وفي أي ملعب من ملاعب كرة القدم في العالم.

شارك: