كيليا نمور.. مراهقة جزائرية أنقذت العرب في أولمبياد باريس

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2024-08-05
كيليا نمور.. الجمبازية الجزائرية اليافعة التي خطفت الأنظار في أولمبياد باريس (Getty)
لوغو winwin
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كيليا نمور.. اسم مراهقة جزائرية قرّرت دخول التاريخ من الباب الأوسع بسيناريو مثير وقصة ملهمة، لم تؤثر فقط في تاريخ بلادها الأولمبي، وإنّما انطلقت نحو رحاب أشمل، عندما أنقذت بذهبيتها الخالدة في الجمباز تاريخ العرب الأولمبي من أحد أكثر المشاركات قتامة.

وخطفت "فراشة الجزائر" البالغة 17 عامًا فقط أنظار العالم، خلال دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024، عندما قدمت أداءً مبهرًا في جهاز المتوازي مختلف الارتفاعات، مختارة السقف الأعلى للأداء ومحققة درجة مبهرة (15.700).

وباستثناء قصة كيليا نمور الملهمة نحو المجد الأولمبي، فإنّ الأكثر أهمية وتميزًا، كان دخولها التاريخ الكبير للأولمبياد، من خلال إنجاز غير مسبوق سيكتب بأحرف من ذهب، ليست في سجلات الجزائر فحسب، وإنما أرشيف العرب الأولمبي ككل.

كيليا نمور تنقذ العرب من أحد أسوأ مشاركاتهم

تخطى إنجاز اليافعة نمور حدودها الشخصية، ليبلغ مداه المستويين الوطني الجزائري والإقليمي العربي، إذ باتت بتحقيقها الذهب صاحبة أول ميدالية في رياضة الجمباز في تاريخ مشاركات العرب عامة، والتي بدأت منذ النسخة التاسعة للألعاب، والتي احتضنتها أمستردام الهولندية في 1928.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أنقذت ذهبية كيليا نمور -وهي الميدالية العربية الثالثة في هذا الأولمبياد بعد فضية التونسي فارس فرجاني وبرونزية المصري محمد السيد (كلاهما في المبارزة)- العرب من السقوط في أحد أسوأ نسخهم الأولمبية على مر العصور، والتي تبلغ 23 مشاركة باحتساب دورة باريس الحالية.

وقبل ميدالية النجمة الجزائرية، كان رصيد العرب يتزيّن بميداليتين فقط، وهي الحصيلة التي تكررت في ثلاث نسخ سابقة ومتتالية للأولمبياد أعوام 1964 بطوكيو و1968 بمكسيكو و1972 بميونخ، والتي يمكن اعتبارها من بين الأسوأ على مستوى الحصيلة تاريخيًّا، باستثناء ثلاث نسخ أخرى صفرية أعوام 1932 بلوس أنجلوس و1956 بملبورن و1975 بمونتريال، ونسخة رابعة عام 1980 بموسكو عرفت ميدالية وحيدة.

وببلوغ سقف الميدالية الثالثة ببصمة كيليا نمور، يكون العرب قد تخطو حاجز أسوأ المشاركات، رغم أن الطريق ما تزال طويلة مقارنة بأفضل حصيلة عربية في الأولمبياد، والتي تحققت في نسخة طوكيو الماضية عام 2020، والتي عرفت 18 ميدالية كاملة (5 ذهبيات و5 فضيات و8 برونزيات).

ذهبية فريدة

تفرّد ذهبية المميزة نمور اتخذ أوجهًا عديدة، ولكن من أهمها أنها الأولى عربيًّا وأفريقيًّا في رياضة الجمباز، وهي الرياضة التي لا تمتلك أي تقاليد في هذه البلدان، مقارنة برياضات أخرى أكثر شهرة وإنتاجية على غرار ألعاب القوى مثلًا، وهي الأكثر حصدًا للميداليات في التاريخ العربي بالحدث الكبير (43 ميدالية)، أو رفع الأثقال والملاكمة (17 ميدالية)، والمصارعة (12 ميدالية).

من جهة أخرى، قد يعود تألق نمور التي تنحدر من أب جزائري إلى جذورها الفرنسية من والدتها، حيث ولدت في فرنسا وتعلمت أصول الجمباز منذ نعومة أظفارها (4 سنوات)، ثم مثّلت المنتخبات الفرنسية للشباب لاحقًا، قبل أن تلتحق بمنتخب الجزائر إثر مشاكل مع الاتحاد الفرنسي للجمباز.

تحيين التاريخ

إنجاز كيليا نمور المبهر لم يخطئ طريق التاريخ، حيث تمكنت الجزائرية من إهداء بلادها ميداليتها الثامنة عشرة، لتعزّز مركز الجزائر الثالث في جدول ميداليات العرب بالأولمبياد، بعد كل من مصر الأولى (39 ميدالية) والمغرب الثانية (24 ميدالية) حتى الآن.

كما نجحت نمور في البصم على ميدالية الجزائر السادسة من عيار المعدن النفيس، وهي الأولى لبلادها منذ 12 عامًا، وتحديدًا منذ ذهبية توفيق مخلوفي في سباق العدو 1500 متر ضمن أولمبياد لندن 2012.

قصة ملهمة

وراء كل هذه الإنجازات، تخفي النجمة الجزائرية قصة ملهمة، بدأت بحكاية مرضها النادر في العظام، والذي كان يهدّد استمرار مسيرتها، ثم دخولها في دوامة مشاكل لا حصر لها مع الاتحاد الفرنسي للجمباز، الذي رفض اعتماد أهليتها لمزاولة اللعبة رغم حملها لتقرير طبي خاص، ثم عرقلة مسار تحويل جنسيتها الرياضية إلى الجزائر.

مشاكل نمور مع الاتحاد الفرنسي للعبة انتهت قبيل الأولمبياد الباريسي بسنة، لتعود اليافعة وعلى أرض فرنسا بالذات لتخطف الأضواء، وتدخل التاريخ أمام أعين من حاربوها بشتى الطرق، في حكاية عزم جديرة بأن تكون مصدر إلهام للكثيرين.

شارك: