عانت من مرض نادر وتحدت فرنسا.. قصة نمور من الكفاح إلى النجاح

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2024-08-04
-
آخر تعديل:
2024-08-05 00:11
أرشيفية - البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

باتت الرياضية الجزائرية كيليا نمور بمثابة قصة ملهمة لكل الرياضيات في العالم عقب تتويجها بالميدالية الذهبية خلال أولمبياد باريس 2024، في رياضة الجمباز اختصاص جهاز المتوازي مختلف الارتفاعات، الذي يعد اختصاصها المفضل وبتفوق واضح على كل منافساتها في العالم.

وخطفت المراهقة الجزائرية (17 عامَا) أنظار العالم خلال دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024، عندما قدمت أداء باهرًا في جهاز المتوازي مختلف الارتفاعات، يقول عنه اختصاصيون إنّه سيُخلَّد في ذاكرة الأولمبياد على اعتبار أنها رفعت سقف الأداء إلى أعلى درجة ممكنة.

ولم تكن مسيرة البطلة الجزائرية نحو منصات التتويج الأولمبي مفروشة بالورود، بدليل الدموع التي ذرفتها عقب الإعلان عن تتويجها بالميدالية الذهبية، اليوم الأحد 4 أغسطس/آب، ما يترجم المعاناة التي كابدتها قبل الوصول إلى المجد الأولمبي، والتي بدأتها من قصة مرضها النادر وتحديها لفرنسا قبل أن تختار الدفاع عن ألوان الجزائر.

نمور ولدت في فرنسا وعشقت الجمباز

ولدت الجمبازية الجزائرية نمور في فرنسا في الـ30 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2006، من أب جزائري وأم فرنسية، وبدأت ممارسة الجمباز في سنّ صغيرة جدًّا بدعم من والدتها، التي رسمت طريقها إلى هذه الرياضة الفنية، ولم تتأخر البطلة الأولمبية في إبراز موهبتها الكبيرة.

وتوّجت فراشة الجزائر بطلة لفرنسا لمسابقة الشباب وهي بسن الـ13 عامًا، قبل أن تتألق بعدها في عدة دورات أوروبية خلال عام 2019 عندما كانت تمثل فرنسا آنذاك، لتصنف في خانة أمل فرنسا الأولمبي في رياضة الجمباز.

مرض نادر غيّر مسيرة البطلة الأولمبية

وفي خضّم صعود نمور كنجمة بارزة في رياضة الجمباز في فرنسا وأوروبا واقترابها من ولوج الساحة العالمية، تعرضت المراهقة لخبر صادم عام 2021 عندما تم تشخيصها بمرض نادر يصيب العظام ويؤثر في النمو الطبيعي.

واضطرت بطلة أولمبياد 2024 إلى الخضوع لتدخل جراحي في كلتا الركبتين لعلاج ما يسمى بالتهاب العظم والغضروف أو الداء العظمي الغضروفي، وهو خلل في نمو العظام والغضروف يصيب الأطفال بشكل أساسي من سنّ الخامسة إلى 12 سنة، وتم اكتشاف مرض الجمبازية المتألقة بسن الـ14 عامًا.

وتعرضت البطلة الجزائرية لصدمة قوّية بعد تعرضها لهذا المرض خشية توقف مسيرتها مبكرًا وتحطيم أحلامها الأولمبية، لكنّها كافحت برفقة عائلتها من أجل العودة إلى المنافسة، وبالفعل نجحت في ذلك بعد حوالي عام كامل بعد ترخيص من طبيبها الخاص.

معركة أخلاقية وقانونية طويلة مع الاتحاد الفرنسي

ولم تفرح نمور كثيرًا بتجاوز المرحلة الصعبة التي أعقبت اكتشاف مرضها النادر وخضوعها لتدخل جراحي معقد في الركبتين، بعد أن دخلت في معركة أخلاقية وقانونية طويلة في الاتحاد الفرنسي للجمباز، الذي حاول -برأي عائلتها والمتابعين- كسر مسيرة الجمبازية المكافحة.

ففي بداية عام 2022 رفض الاتحاد الفرنسي للجمباز الترخيص لبطلة أولمبياد باريس 2024 بالعودة إلى أجواء المنافسة واستقر على قرار عدم أهليتها للتنافس مرة أخرى؛ لأن ذلك يشكل خطرا على صحتها، وهو الأمر الذي لم تتقبله هي وعائلتها، خاصة أن لديها الضوء الأخضر من طبيبها الخاص، الذي رافقها طوال فترة علاجها.

نمور تطلب تغيير جنسيتها الرياضية

وأمام إصرار الاتحاد الفرنسي للجمباز على عدم منح الضوء الأخضر لنمور بالتنافس مرة أخرى، طلبت الجمبازية الواعدة تغيير جنسيتها الرياضية واختارت الدفاع عن ألوان الجزائر بلد والدها الأصلي، وحصلت صاحبة 17 عامًا على موافقة الجزائر والاتحاد الدولي للجمباز.

ولم تتوقف معاناة الفراشة الجزائرية مع فرنسا عند قضية مرضها وإصابتها وعدم أهليتها للتنافس مرة أخرى، بل واجهت مشكلة أخرى تتمثل في رفض الاتحاد الفرنسي الترخيص لها لتمثيل الجزائر، ويقول قانون الاتحاد الدولي إن أي رياضي يمكنه تغيير جنسيته والتنافس بألوان بلد آخر مباشرةً بشرط الاتفاق بين الاتحادين المعنيين (فرنسا والجزائر في هذه القضية).

وفي حال عدم حصول هذا الاتفاق، يجب على الرياضيّ المعني البقاء دون منافسة دولية لمدة عام كامل، وفي هذه الحالة، لم يكن عنصر الوقت في صالح البطلة الأولمبية الحالية، التي كانت مُطالَبة بالمشاركة في المنافسات الدولية لضمان تأهلها إلى أولمبياد باريس حلمها الأبرز، حيث كان الوقت عدو الجمبازية الجزائرية.

واضطرت نمور إلى إعداد عريضة احتجاجٍ وقّع عليها العديد من الرياضيين والمتضامنين معها ضد الاتحاد الفرنسي للجمباز، للسماح لها بتمثيل الجزائر، لكن ذلك لم يجدِ نفعًا إلّا بعد تدخل وزير الرياضة الفرنسية لدى الاتحاد الفرنسي لـ"تحرير" البطلة الجزائرية.

وبالفعل بدأت مسيرة صاحبة 17 عاما مع الجزائر شهر مايو/ أيار من عام 2023 أي قبل أزيد من عام بقليل عن موعد الألعاب الأولمبية بباريس، وتوجت معها بالعديد من الألقاب في أفريقيا والعالم قبل أن تصل إلى المنصة الأولمبية.

وتفتخر نمور بتغيّر مصيرها من رياضية فرنسية غير مرغوبة فيها إلى بطلة جزائرية دخلت قلوب ملايين الجزائريين، وتحظى بشعبية جارفة رغم صغر سنّها وممارستها لرياضة لا تحظى بشعبية كبيرة ولا بتاريخ ذهبي سابق في الجزائر.

شارك: