"درس السعودية" في ذاكرة الأرجنتين قبل مواجهة أستراليا
رغم فوز منتخب التانغو على بولندا واحتلالها صدارة المجموعة، ما زال "درس السعودية" في ذاكرة الأرجنتين وهي مقبلة على مواجهة لا تحتمل القسمة على اثنين أمام أستراليا في الدور ثمن النهائي من كأس العالم قطر 2022، إذ ستكون مطالبة بالحذر لضمان حجز مقعد في ربع النهائي ومواصلة الطريق نحو تحقيق حلم التتويج باللقب.
انتظرت الأرجنتين حتى الجولة الأخيرة من دور المجموعات لحسم تأهلها إلى ثمن النهائي والإبقاء على حلم قائدها ليونيل ميسي في إنهاء مسيرته باللقب الأهم الذي يغيب عن خزائنه، وذلك بفوزها على بولندا 2-0، لا سيما أن "البرغوث" أعلن أن النسخة الحالية من المونديال ستكون الأخيرة بالنسبة له.
ووضع فريق المدرب ليونيل سكالوني نفسه في هذا الموقف بعد صدمة الخسارة افتتاحاً أمام السعودية 1-2 قبل أن يعود إلى الطريق الصحيح في الجولة الثانية على حساب المكسيك (2-0)، وصولاً إلى حسم تأهله وصدارة المجموعة الثالثة بفوز ثانٍ على حساب روبرت ليفاندوفسكي ورفاقه.
وبعد الفوز، الأربعاء، على بولندا التي رافقت العملاق الأمريكي الجنوبي إلى ثمن النهائي بفضل فارق الأهداف عن المكسيك، بدا سكالوني حذِراً بشأن الأستراليين الذين أنهوا دور المجموعات على نفس المسافة من فرنسا حاملة اللقب، وتأهلوا إلى ثمن النهائي للمرة الثانية في تاريخهم بعد 2006 في الوصافة بفارق الأهداف عن "الديوك".
رأينا ذلك ضد السعودية
وقال سكالوني: "إن جميع المنتخبات المشاركة في النهائيات صعبة. لقد رأينا ذلك ضد السعودية. إذا كنتم تعتقدون أن أستراليا سهلة، فأنتم مخطئون، فهم أظهروا ذلك من خلال التأهل بمواجهة فرق صعبة في كأس العالم هذه".
ويبدو أن صدمة السعودية أعادت إلى الأذهان الخسارة الافتتاحية للأرجنتين أمام الكاميرون عام 1990 قبل أن تواصل طريقها حتى النهائي، وأيقظت ميسي ورفاقه الذين قدّموا أداء ممتازاً في المباراتين التاليتين أمام المكسيك وبولندا.
لكن سكالوني رفض مقولة أن الهزيمة الافتتاحية قد تفيد الأرجنتين لما تبقى من مشوارها في المونديال القطري، قائلاً: "كلا، لا أعتقد أن الخسارة مفيدة. لم نستفد أي شيء من هذه الهزيمة وكنا نعلم أنه يتوجب علينا الفوز بالمباراتين المتبقيتين".
مجرد الفوز على بولندا "لا يجعلنا أبطال عالم"
وبعدما شدد على ضرورة "تحليل الخصوم"، قال سكالوني: "يتوجب علينا أيضاً التفكير بكيفية إيذائهم"، معترفاً أنه وطاقمه لم يتابعوا كثيراً أستراليا لمعرفتها بشكل جيد لكنهما سيقومان بهذا الأمر الآن.
ورفض سكالوني المبالغة في التفاؤل بقوله بعد مباراة الأربعاء: "إذا كنتم تعتقدون أن مجرد فوزنا اليوم سنصبح أبطالاً للعالم، فأنتم مخطئون". وتقام المباراة على ملعب أحمد بن علي في الريان بعد يومين راحة فقط لميسي ورفاقه.
هذا الأمر دفع سكالوني للتعبير عن استيائه، قائلاً: "نحن سعيدون اليوم (الأربعاء) لكني لا أريد المبالغة في الابتهاج. أعتقد أنه من الجنون أن نلعب بعد ما يزيد قليلاً عن يومين على الرغم من فوزنا بهذه المجموعة، لا أفهم ذلك. دخلنا في يوم الخميس وأمامنا يومان ثم علينا أن نلعب".
وستكون مواجهة السبت الأولى بين الأرجنتين وأبطال آسيا لعام 2015 في نهائيات كأس العالم، لكنهما تواجها في الملحق الدولي المؤهل لمونديال 1994 وخرج المنتخب الأمريكي الجنوبي منتصراً إياباً 1-0 بعد التعادل ذهاباً 1-1.
وأظهر المنتخب الأرجنتيني شخصية قوية جداً، يوم الأربعاء، بعدما تجاوز خيبة إهدار ركلة جزاء عبر قائده ميسي، وخرج منتصراً بهدفي أليكسيس ماك أليستر وخوليان ألفاريز، وهذا ما تطرق إليه لاعب الوسط رودريغو دي بول بالقول: "أظهرنا الكثير من الشخصية. نستحق الاحترام لإنهائنا المجموعة في المركز الأول وبالطريقة التي لعبنا بها"، فيما رأى قلب الدفاع نيكولاس أوتامندي: "أننا فريق يزداد قوة تحت الضغط ونواصل إظهار ذلك".
صناعة المزيد من التاريخ
على الورق، تبدو الأرجنتين مرشحة بقوة لتخطي عقبة الأستراليين والتأهل إلى ربع النهائي حيث ستواجه الفائزة من مباراة هولندا والولايات المتحدة.
لكن فريق المدرب غراهام أرنولد لن يكون لقمة سائغة وقد أثبت ذلك في دور المجموعات بعدما اختبر سيناريو مشابهاً للأرجنتين بخسارته مباراته الأولى أمام فرنسا 1-4، قبل أن يستعيد توازنه على حساب تونس 1-0 ثم يحسم تأهله بتغلبه على الدنمارك 1-0 أيضاً.
وأظهر "سوكِروز" أنه قاتلٌ بهجماته المرتدة التي ستكون سلاحه مجدداً أمام الأرجنتين في مباراة ستكون الهيمنة الميدانية فيها لصالح ميسي ورفاقه على أغلب الظن.
وحذَّر المهاجم ميتشل ديوك، الذي سجل هدف الفوز على تونس، من مغبة الاستخفاف بمنتخب بلاده قائلاً: "لا يجب استبعادنا (من الحسابات). هناك شيء مميز جداً يحصل حالياً (في الفريق من ناحية الثقة)".
وتابع "لكن المهمة لم تنتهِ بعد. نحن متحمّسون لصناعة المزيد من التاريخ والذهاب حتى أبعد من ذلك... الإيمان هائل في صفوف هذه المجموعة وأعتقد أننا أظهرنا ذلك. لقد فزنا للتو على الدنمارك، خصم من الطراز العالمي".
بالنسبة للمدرب أرنولد الذي يأمل قيادة المنتخب إلى تجاوز إنجاز عام 2006 حين وصل إلى ثمن النهائي للمرة الأولى قبل أن ينتهي المشوار على يد إيطاليا، فهو "موجود في اللعبة لفترة طويلة بما فيه الكفاية لأعلم أن الأمر الأهم هو التعافي، النوم والحرص على القيام بكل شيء لتكون جاهزاً للمباراة التالية".
وسيكون الهدف الأساسي لأرنولد كيفية إيقاف ميسي الذي سيقاتل بكل ما لديه من أجل محاولة الإبقاء على حلم الانضمام إلى الأسطورة الراحل دييغو مارادونا، وقيادة بلاده إلى اللقب للمرة الأولى منذ 1986، من أجل إنهاء مسيرته الدولية بأفضل طريقة ممكنة بعدما ألمح في أكثر من مناسبة إلى أن مونديال قطر سيكون الأخير له.