توماس توخيل "الديكتاتور المتطلب".. هل تناسب أفكاره منتخب إنجلترا؟!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2024-10-16
الألماني توماس توخيل المدير الفني الجديد لمنتخب إنجلترا (Getty)
محمود عبدالرحمن
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

وافق توماس توخيل على تولي منصب مدير منتخب إنجلترا الفني، بعقد سيتحصل بموجبه على 5 ملايين جنيه إسترليني سنويًّا، سيمتد لـ18 شهرًا، بمعنى آخر أن كأس العالم 2026 في أمريكا الشمالية قد تكون البطولة الكبرى الوحيدة التي يتولى فيها المسؤولية.

مدرب تشيلسي السابق سيكون ثالث مدرب غير إنجليزي لإنجلترا في تاريخها، وقد أثار تعيينه جدلاً كبيرًا بين الأوساط الإعلامية والكروية في إنجلترا، بين مؤيد وشريحة كبيرة معارضة تقودها صحيفة الديلي ميل، المعروفة أنها ضد أي مدرب غير إنجليزي.

صحيفة الديلي ميل بمجرد الإعلان عن اسم المدرب الألماني، عنونت بعبارة "يوم مظلم لإنجلترا". نفس الصحيفة بقلم الكاتب المخضرم جيف باول، كتبت عند تعيين الراحل إريكسن: "نحن نبيع حقنا الطبيعي في المضيق البحري لأمة تضم سبعة ملايين من متزلجي الجليد، ولاعبي رمي المطرقة الذين يقضون نصف حياتهم في الظلام الدامس".

لماذا توماس توخيل ؟

يتمتع توماس توخيل بسيرة ذاتية جيدة في ما يتعلق بالبطولات، بعد فوزه بألقاب الدوري مع باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ، بالإضافة إلى دوري أبطال أوروبا وكأس السوبر وكأس العالم للأندية مع تشيلسي، وعمل مع قائد إنجلترا هاري كين في النادي البافاري.

الأهم أن صحيفة الديل ميل لا تتجاوز حقيقة واضحة، مفادها أن اسم توخيل على الأقل أفضل من أي مدرب إنجليزي آخر؛ إذ لم يفز أي مدرب إنجليزي بكأس أوروبية، منذ بوبي روبسون مع برشلونة في عام 1997؛ ولم يفز أي مدرب إنجليزي بلقب الدوري منذ هوارد ويلكينسون مع ليدز يونايتد في عام 1992.

كما لم يفز أي مدرب إنجليزي حتى بكأس الاتحاد الإنجليزي منذ هاري ريدناب مع بورتسموث في عام 2008، أو بكأس الرابطة منذ ستيف مكلارين مع ميدلسبره في عام 2004، بل إنه منذ عام 2003، تولى المدربون الإنجليز مسؤولية 44 مباراة فقط في دوري أبطال أوروبا، والتي توج بها توخيل، وهؤلاء المدربون الإنجليز هم (فرانك لامبارد 16 مباراة، ريدناب 10 مباريات، جراهام بوتر 7 مباريات، إيدي هاو 6 مباريات، كريج شكسبير 3 مباريات، مايكل كاريك مباراة واحدة، جاري نيفيل مباراة واحدة).

إنجلترا كانت ترى في ساوثغيت قدرة على محاكاة إنجازات المدرب لويس دي لا فوينيتي مع إسبانيا، من خلال خبرته مع فرق الشباب، وتكوين منتخب شاب لإسبانيا بجيل جديد، أو مع الأرجنتين تحت قيادة ليونيل سكالوني الفائز بكأس العالم.

لكن الاختلاف أن إنجلترا منتخب يتمتع بمواهب كبيرة بالفعل، وبالتالي المشكلة في كفاءة المدرب القادر على إخراج أفضل ما لدى اللاعبين، وتوظيفهم بشكل جيد، وهو ما فشل فيه ساوثغيت.

توخيل متحدي الصعاب

طوال مسيرته، كان توماس توخيل مطالبًا بتحدي الظروف، بداية بإصابة الركبة التي أنهت مسيرته كلاعب في سن الخامسة والعشرين، والنهاية اليوم بقيادة منتخب بلاد مهد كرة القدم المتعطش لتحقيق بطولة غائبة منذ 1966. حقيقة أنه ألماني -المنافس التاريخي لإنجلترا- ستصعب من مهمته.

كان توماس توخيل يبدو مختلفًا بعض الشيء عندما كان مساعدًا لمدرب فريق شتوتغارت تحت 19 عامًا في عام 2004-2005. لم يكن قد تحول بعد إلى نظام غذائي نباتي أو خالٍ من الكربوهيدرات، ولم يرتدِ الملابس المحبوكة ذات اللون الداكن التي تمنحه مظهر مهندس معماري.

كان الرجل الذي درس الاقتصاد يرتدي ملابس غريبة وسترات باركا العصرية، مع قصات شعر بريطانية آنذاك، ولكن بصرف النظر عن هذه السطحية، فهو مطور رائع للمواهب، ومدرب يتعمق في التفاصيل الدقيقة للعبة، فضلاً عن كونه شخصية تجيد استخراج 100% مما لدى لاعبيه.

سرعان ما صنع توخيل اسمًا لنفسه بكرة القدم المتطورة والهجومية، حيث قاد ماينز وهو أحد أصغر وأفقر فرق الدرجة الأولى -بميزانية سنوية 15 مليون يورو (12.5 مليون جنيه إسترليني، 16.3 مليون دولار)- إلى الدوري الأوروبي مرتين.

خلال السنوات الخمس التي قضاها في ماينز، لم يجمع سوى الأربعة الكبار -بايرن ميونخ وشالكه وبوروسيا دورتموند وباير ليفركوزن- نقاطًا أكثر منه. لقد تفوق توخيل على سجلات يورغن كلوب أسطورة تدريب ماينز.

علاقته باللاعبين.. ديكتاتور!

المشكلة بالنسبة لتوخيل هو ما قاله مصدر لم يذكر اسمه لموقع ذي أثيليتك: "كان توخيل متطلبًا للغاية من اللاعبين، لدرجة أن الكثير منهم لم يعد بإمكانهم تحمل الأمر. كان لا يغفر كثيرًا ويحمل ضغائن شخصية".

وفي وقت سابق، وصفه حارس مرمى ماينز الاحتياطي هاينز مولر بأنه "ديكتاتور"، لا يهتم سوى برأيه، ويقاتل عليه حتى النهاية. غيّر توماس توخيل النظام الغذائي للاعبين، وكان يضعهم في مواجهة مشكلاتهم بمحاضرات الفيديو المكثفة، ويجعل أجواء التدريب قاسية جدًّا ومتطلبة، وقد يمتد التدريب لأوقات أكثر.

فلسفة توماس توخيل وأفكاره

يقول توماس توخيل عن فلسفته: "فلسفتي؟ إنها جمالية: الجمالية تعني التحكم في الكرة، والإيقاع، والهجوم في كل دقيقة، ومحاولة تسجيل أكبر عدد ممكن من الأهداف".

في تشيلسي بنى فريقًا تُوِّج بدوري أبطال أوروبا بطريقة 3-4-2-1، وبعد أول يوم له في النادي وبعد التعادل من دون أهداف مع وولفرهامبتون في ستامفورد بريدج، قدم وعدًا بقوله: "سنبني فريقًا لا أحد يريد اللعب ضده".

توخيل وماونت
في تشيلسي قال توخيل إنه سيبني فريقًا سيكره الخصوم اللعب ضده

صدق المدرب الألماني في وعده، حيث نجح توخيل في تحويل تشيلسي بين عشية وضحاها إلى وحش دفاعي، حيث بدأ ولايته بـ 14 مباراة من دون هزيمة في جميع المسابقات، حيث لم يتلق سوى هدفين في 1260 دقيقة.

كانت الخسارة غير المتوقعة 5-2 على أرضه أمام وست بروميتش ألبيون في أبريل/ نيسان هي المرة الوحيدة في أول 30 مباراة لتوخيل، في المسؤولية التي استقبل فيها الفريق اللندني هدفين أو أكثر.

لكن في بايرن ميونخ كان توماس توخيل في المكان الخطأ والوقت الخطأ، وهو بنفسه اعترف بأنه لم يكن ينبغي له أن يتولى الوظيفة في منتصف الموسم. على العكس من تشيلسي، كان بايرن معه غير متوازن وضعيفًا، وأثبت مرونته بالتخلي عن طريقة 3-4-2-1 التي صنعت مجده الأوروبي مع تشيلسي، ولعب بطريقة 4-2-3-1 في 90% من مباريات بايرن ميونخ.

وعندما فاز بالدوري الألماني 2023، كان فقط بسبب انهيار بوروسيا دورتموند المدوي في الجولة الأخيرة، وليس بسبب براعة بايرن ميونخ في موسم كان فوضويًا بامتياز، حيث كان "أسود الفيستفال" بحاجة للفوز لتحقيق اللقب، ولكنهم تعثروا وتركوا البطولة تذهب للفريق البافاري.

تغيير صورة المدرب الأجنبي للمنتخبات

توماس توخيل متحدي الصعاب سيواجه حقيقة قاسية عن المدربين الأجانب للمنتخبات الوطنية، فكل المدربين الفائزين بكأس العالم جاؤوا من نفس البلد الذي حقق الكأس. ومن بين 17 بطولة أوروبية "اليورو"، فاز أوتو ريهاغل (الألماني) فقط باللقب مع دولة أخرى، وهي اليونان في عام 2004.

ومن بين 19 نسخة من بطولة كوبا أمريكا منذ منتصف السبعينات، عندما أعيدت تسمية البطولة القارية لأمريكا الجنوبية، توج بها 17 مدربًا محليًّا، باستثناء تشيلي في عامي 2015 و2016 عندما كان تحت قيادة الأرجنتيني خورخي سامباولي، والإسباني المولود في الأرجنتين خوان أنطونيو بيزي على التوالي.

كأس الأمم الأفريقية هي الاستثناء الواضح، إذ إن 17 فقط من أصل 34 مدربًا فائزًا بالبطولة ينحدرون من البلد الأصلي.

شارك: