التدريب اللياقي وترهّل المدرب!

تحديثات مباشرة
Off
2023-04-30 13:17
جانب من إحدى الوحدات التدريبية لمنتخب العراق (Telegram/Iraq F.A)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كُلّ شيء يصلح للتجريب في الدول المتـأخّرة عن مواكبة نُظم الاحتراف الرياضي لو لم نرَ مثله في بقيّة الدول، طالما أن إعادة التأهيل الفعلي على مستوى ثقافة المُجتمع وإدارة القطّاعات وخُطط الإعداد للمُستقبل تحتاج إلى المُراجعة والإضافة والتصحيح والتقييم، عقب كلّ خطوة غير مألوفة في سياقات العمل تُغيّر سياسات غير مُنتهجة سابقاً وتتباين في نسب النجاح والفشل حسب ظروف البلد.

ولعلّ الوسط الرياضي العراقي يتذكّر أن كثيرًا من المدربين الأجانب الذين زاروا بغداد في فترات مؤقّتة لأغراض الاستجمام والاستفادة من قيم عقودهم، لم يكن لهم أي دور مع الأندية المُشاركة في منافسات دوري الكرة الممتاز منذ أيام اليوغسلافي لوبومير والروسي كوكيزا يوري إيلتشوف في ستينيّات القرن الماضي، ومروراً بالاسكتلندي داني ماكلينن والبرازيليين خورخي فييرا وجورفان فييرا وزيكو والألماني بيرند ستانج والنرويجي إيغل أولسن والهولندي ديك أدفوكات، قبل تسلُّم الإسباني خيسوس كاساس مهمّته الحاليّة، هُم نموذج ممّن مرّوا على الكرة العراقية بالعشرات، وقدّموا خبراتهم على غرار (عامل الخدمة السريعة)، في المناسبات الطارئة لم تستفدْ منهم اللعبة في تفاصيلها المحليّة التي تؤثّر في تأهيل اللاعب دوليّاً عبر ناديه.

لذلك ظلّت عمليّة تحضير اللاعبين طوال الموسم مرهونة بخبرات مدرّبي الأندية بمن فيهم لاعبي المنتخب الوطني من دون منهج واضح يُسلّمهم إلى مدرب المنتخب بكامل الجاهزيّة سواء للدخول في بطولة أو معسكر تدريبي، وجرّاء ذلك تباين أداء بعض اللاعبين نتيجة سوء عمليّة التحضير في ناديه لعدم كفاية الخبرة لدى المدرّب الأول أو مدرّب اللياقة البدنيّة، وسوء تعامل اللاعب نفسه مع مسألتي النوم المبكّر والنظام الغذائي، وأيضاً قلّة ساعات التدريب اليومي!

وكان لإهمال مجالس إدارة اتحاد الكرة المُتعاقِبة منذ عام 2003 لشروط وجود مدرب اللياقة البدنيّة في أندية المستوى الأوّل للمسابقة دور في الإسهام في سماح بعض الأندية بالتعاقد مع لاعبين معتزلين أو أشخاص عاطلين أو مدرّبين لم يجدوا فرصتهم في النجاح مع فرق مغمورة ولجؤوا إلى ممارسة هذا التخصّص، وهُم غير حاصلين على درجة علميّة في علوم الرياضة تؤهّلهم إلى الإشراف على اللاعبين، ووضع مفردات برنامج متكامل لهم، كما يجهلون تحديد مخاطر البرنامج مع بعض اللاعبين الذين قد تبرز لديهم مشكلات صحيّة في القلب تؤدّي إلى الوفاة في حالة زيادة ساعات التدريب، وكذلك عدم تقدير الحالة النفسيّة بالتوازي مع ظروف إجراء التمارين البدنيّة الجماعيّة، والنقطة الأبرز هي عدم صلاح أغلب مدرّبي اللياقة للمهمّة كونهم غير لائقين بدنيّاً بسبب ترهُّل بطونهم!

بتدشين استقطاب اللاعب المُحترف في المنتخب العراقي للمرّة الأولى عام 2012، من خلال ضمّ اللاعبين أحمد ياسين (الدوري السويدي) وياسر قاسم ثم لحقهما جستن ميرام (الدوري الأمريكي) بعد سنتين، ظهر الفارق الفنّي التكتيكي والبدني بينهم وبين أقرانهم المنضوين للأندية المحليّة، والجميع اتفق على أن تأسيس اللاعبين الثلاثة منذ نشأتهم في الأكاديميّات المتطوّرة في أوروبا وأمريكا في سنٍّ صغيرة وراء إجادتهم فنون اللعب والمُحافظة على بُنية جسمانيّة جيّدة، ومن هنا ظهر الفارق الحقيقي ليكشف ضعف الكوادر التدريبيّة في الأندية العراقيّة المُكلّفة بتطوير اللياقة البدنيّة، بعدما شهدت المنتخبات والأندية تراجعاً مُربكاً في الشوط الثاني من منافساتها الخارجيّة ودفعت أثمان ذلك من حظوظها.

لو لم تكن هذه الحقيقة وراء تقهقر نتائج اللعبة في المباريات الدوليّة الوديّة والرسميّة ما لجأ اتحاد الكرة للتنسيق مع الملاك التدريبي للمنتخب الوطني الذي يقوده كاساس لتبنّي منهج موحّد يضمُّ مجموعة تدريبات بدنيّة، تكون الأندية العشرين المشاركة في الدوري المُمتاز مُلزَمة بكلّ تفاصيله لغرض توحيد التدريب اللياقي، كونه الأساس في ثبات اللاعب ومقاومته المنافس بنديّة كبيرة من دون تعرّضه للإعياء.

وتشير المعلومات الواردة من اتحاد الكرة أن مدرب اللياقة خافيير سانشيز، العامل ضمن الملاك الفني للمنتخب الوطني، سيعقد اجتماعاً مع مدربي اللياقة البدنيّة لأندية الدوري الممتاز، للتنسيق حول تطبيق المنهاج المُعدّ لتأهيل لاعبي المنتخب الوطني بما يتوافق مع البرنامج الناجح لسانشيز، لاسيما أن الاختبار الرئيس لنجاح الكادر الإسباني سيكون في نهائيات كأس آسيا 2023 التي ينظّمها الاتحاد القطري لكرة القدم في الفترة (12 يناير/ كانون الثاني- 10 فبراير/ شباط 2024)، ولا بد أن يستفيد "أسود الرافدين" من معسكر إسبانيا في يونيو/ حزيران القادم، لتحديد أبرز السلبيّات التي تواجههم قبيل اقتراب موعد البطولة.

نأمل أن ينجح سانشيز في برنامجه الموحّد مع الأندية العراقية، لكن ذلك لا يكفي للخروج بنتائج إيجابيّة، فكثير من المنتخبات العالميّة يشكو مدرّبوها من تباين مستويات اللياقة البدنيّة للاعبيهم قبل بدء البطولة، ومنهم من لا يستطيع مواصلة اللعبة بتركيز عالٍ خلال دقائق المباراة، وعزوا ذلك إلى تأخّر انتهاء الموسم الكروي، وعدم كفاية مُدّة تجمّع اللاعبين الذين يحتاجون إلى الاستشفاء الخاص، تأهّباً لمواجهة التحدّي الكبير في البطولات القاريّة.

شارك: