مُحاكاة الدوري العراقي "تونسيًّا"

تحديثات مباشرة
Off
2023-07-16 15:29
نادي الشرطة حسم لقب الدوري العراقي قبل جولة الختام (Al-Shorta SC /Facebook)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

قبل جولة ختام دوي كرة القدم العراقي للموسم الحالي، قبضَ لاعبو نادي الشرطة على الدرع السادس في تاريخ البطولة المحليّة منذ انطلاقها عام 1974، مؤكّدًا جدارته في نيل اللقب بعد أن جمعَ 79 نقطة وسَّعتْ الفارق بينهُ وبين أقرب مطارديه نادي القوة الجوية.

وإذا كان هناك من يستحقُّ جائزة الختام في نهاية البطولة فهو الجمهور العراقي الوفي الذي بقي يُطارد أنديته في ظروف مناخيّة صعبة وصل الحال به أن يتسمَّرَ في مقاعدهِ تحت درجة حرارة تجاوزت الخمسين درجة مئوية، ولم يتهرّب أو يُقصِّر في أداء التزامهِ بمؤازرة اللاعبين ومنحهم الثقة حتى انقضاء دقائق المباريات ومهما كانت حظوظه فيها.

جولة واحدة فقط ويحتفي اتحاد كرة القدم بوداع مسابقة الهواة التي صمدَتْ طوال 49 عامًا، وشهدت تنظيم 49 بطولة لفرق الممتاز، أُسقِطَتْ خمس منها رسميًّا لأسباب الحروب وغيرها، لتصبح المسابقة الثانية في العراق بدءًا من 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث من المؤمّل أن يُدشّن العراق أول بطولة لدوري المحترفين بإشراف رابطة لاليغا الإسبانية التي سبق أن أبرم اتحاد كرة القدم عقدًا معها برعاية دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في قرية دجلة بالعاصمة بغداد يوم الأحد 4 يونيو/ حزيران 2023.

إن تطبيق نظام الاحتراف خطوة متقدّمة للكرة العراقية، وإن جاءت متأخّرة بعدما سبقتها دوريات عربيّة لم يكن لاتحاداتها الوطنية أي وجود قبل 75 عامًا؛ فالاتحاد العراقي لكرة القدم المؤسَّس في 8 أكتوبر 1948، لم يعرف الاحتراف في شؤونه الإداريّة والفنيّة والتسويقيّة رغم النجاحات التي حقّقها وأهمّها تأهيل المنتخب الوطني إلى نهائيات مونديال المكسيك عام 1986 والفوز بكأس أمم آسيا عام 2007، وبقي يدير مسابقاته الوطنيّة بلوائح روتينيّة مُستنسخة بتوالي البطولات، دون أن يخرج لاعبين بقيمة هادي أحمد وحسين سعيد وأحمد راضي ويونس محمود مثلًا إلا بعدد أصابع اليد الواحدة كل عشر سنوات وربّما أكثر.

عدا إقدام اتحاد كرة القدم على التعاون مع رابطة لاليغا الإسبانية وما يعكسه من إيجابيّات في تحسين العمل الفني والإداري لمنظومة اللعبة، يُفترض به أن يُراعي مصير الأندية التي ستفقد فرص الظهور في أوّل نسخة احترافيّة للموسم المقبل، وعليه أن يدرس مدى إمكانيّة الاستفادة من تجربة اتحاد كرة القدم التونسي في تنظيم مسابقتين، واحدة للرابطة التونسيّة المُحترفة الأولى، والأخرى للرابطة التونسيّة المُحترفة الثانية، بعد استيفاء الأندية العراقيّة (النُخبة والممتاز) للمُحترفين -كمُقترح لتبنّي الفِكرة- معايير نظام المسابقة الجديدة.

ما وراء المُقترح، هناك ضرورة مُلحَّة للاهتمام بالأندية الفاقِدة لمقاعد دوري الأضواء (بطولة دوري المُحترفين) لأنها منضوية حاليًا تحت مُسمّى (الدوري الممتاز) بفرقهِ العشرين، ومهما استحصل اتحاد كرة القدم الدعم الشرعي من تعديل نظامه الأساس بالإبقاء على 12 أو 14 فريقًا في الدوري الجديد، سيقع الظلم على الأندية المُبعدة كأنها مُعاقبة بالنزول إلى درجة أدنى.

وتماهيًا مع حرص الاتحاد على تطوير الأندية حسب مقتضيات التعليمات الواردة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، نرتئي أن تتضمَّن مسودّة تعديل النظام الأساس تقنين عدد المشاركين في أوّل نسخة من دوري المحترفين إلى 8 أندية فقط، وتشارك بقيّة الفرق الـ 12 حسب ترتيبها في النسخة المُنتهية الحاليّة في بطولة دوري المحترفين لأندية المُمتاز يُضاف إليهما ناديان متأهّلان من مسابقة الدرجة الأولى.  

كلّ ذلك مُرتبط بمدى تطبيق الأندية العشرين لمعايير الاحتراف الحقيقيّة في حدودها المقبولة، فضلًا عن سعي الحكومة الجاد بدعم كرة القدم من خلال تخصيص الأموال اللازمة لإنجاح البطولة الاحترافيّة لأوّل مرّة في تاريخ العراق، وذلك ما أكّده دولة رئيس الوزراء في أثناء استقباله المنتخب الأولمبي بطل غرب آسيا تحت 23 عامًا بنسختها الرابعة، يوم السبت 24 يونيو 2023 بقوله: "إن اهتمامنا بتكريم المُنتخبات يمثّل منهجًا وتوجّهًا حكوميًّا لإيماننا بأهميّة الرياضة".  

كُلّ الخيارات مطروحة أمام اتحاد كرة القدم، شريطة أن يبلور نظامه الأساس النقاط الموضوعيّة والعمليّة لإدارة مسابقتهِ الجديدة، والتخلّص من ماراثون الدوري الذي غالبًا ما ينطلق في أكتوبر ولا ينتهي إلا في يوليو أو أغسطس من العام التالي، وهي فترة مُرهقة ومُعرقلة لبرامج المُدراء الفنيين للمنتخبات الوطنيّة، ومُستنزفة للأموال والجهود، وحريّ بالاتحاد مواكبة النظام العالمي الذي يُنهي جميع دورياته في شهر مايو، ويمنح الأندية ومدربيها ولاعبيها الوقت الكافي لالتقاط الأنفاس والتحضير للموسم التالي.

شارك: