حرب "الصدمة" لن تُفسِد المونديال!
تنفجر بيانات سُلطات بعض الدول الأوروبية المناوِئة لتنظيم دولة قطر كأس العالم 2022، بين الحين والآخر، عبر تقارير ملغومة بالأكاذيب، تستهدفُ حرق سُمعة الملف، ومحاولة التأثير المعنوي في جماهير المونديال من أبناء جلدتهم، وبرغم الهجوم المستمرّ، فإن شظايا حربهم الخاسرة لن تُفسِد البطولة، ولن تجرح قطر التي تُدرِك أسرار غيظ بعض الأوروبيين قبل أقل من شهر على احتفال العالم بالكأس الذهبية على أرض الدوحة الغالية.
صراحة، تجرَّد بعض المُهاجمين من أهمِّ صفات التعايش الإنساني بين الشعوب، ألا وهي "الصِدقيّة"؛ فهؤلاء لم يستفيقوا بَعد من صدمةِ الإبهار القطري الذي وجَّه لهم صفعات متتالية منذ أن ظفرَ ببطاقةِ الاتحاد الدولي لكرة القدم مكتوبٌ عليها اسم قطر، لتفوز الدولة الخليجية بثقة الفيفا من بين أربع بطاقات لدول أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تواصل قطر إثبات جدارتها واستحقاقها للتنظيم في رحلة التنفيذ التي امتدّت 12 عاماً.
كذَبوا ولم يزالوا في تقارير غير نزيهة تخلَّت عن شرف المهنة لبعض الصحفيين الأوروبيين، ممّن يزعمون أنهم حُماة الشفافيّة في الأنظمة الديمقراطية والأكثر قولاً للحقيقة في العالم، مهما كانت مُرَّة!
انكشف زيف ما يكتبون وما يعلنون عبر فضائيّات وصُحف تُحرّكها حملات مشبوهة تفتقد معايير المنافسة المهنيّة، وبانت عيوبها التي رُفِعت عنها صفة المسؤولية والأمانة، وانتهاكها الصارخ لمبادئ العمل الإعلامي، وهي تلقي بمعلومات غير صحيحة عن تنظيم البطولة.
أساءت تلك التقارير إلى شريحة كبيرة من العُمّال بصناعة قصص بائسة عن ظروفهم وصلت الى حدّ تسليط الضوء على إخلاء مقرّاتهم، ظنّاً بأن ذلك سيلقى تعاطفاً من بقية الدول للتضامن مع الفريّة الجديدة هذه.. بينما الحقيقة أن دولة قطر وحسب زيارتنا الأخيرة لها، على هامش مباراة كأس "سوبر لوسيل" في التاسع من سبتمبر/ أيلول الماضي، بين ناديَي الهلال السعودي والزمالك المصري، تواصل رسم خريطة تنظيم جديدة لمناطق مُحدّدة في العاصمة الجديدة، شملت جميع المواطنين والمقيمين، وليس العُمّال وحدهم، ولا علاقة للإجلاء ببطولة المونديال من قريب أو بعيد!
قمّة السُخرية في ادِّعاءات الحانقين على مونديال العرب 2022، أنهم يطالبون قطر بأن تكون إجراءاتهم بشأن العمّال مُتّسِقة وفقاً لتحسين ظروف العمل، والمُدّعون أصلاً غير مُلبّيين لطموحات نقابات العمّال إزاء تطبيق قانون العمل في بلدانهم، وما يجري هناك من اضطهاد للحقوق بدلالة آلاف المهاجرين نحو أراضيهم ممّن ضاقت بهم سُبل العيش في بلدانهم من جنسيات مختلفة!
لِمَ هذا التناقض والتلاعب في ملف حقوق الإنسان؟
نُدرك -ومعنا ملايين العرب- أن التحدّيات التي واجهها مونديال القرن في جميع مراحل إنجاز منشآته المُذهِلة، وما تحقق من استدامة بأثر عميق، وراء زيادة تسارع ماكينة الإعلام -سيّئة الصيت- لعديمي المهنية بشكل مُطلق من دول ما انقطعت عن مُعاداة بطولة كأس العالم؛ ليس لأنها تقام على أرض قطر بل لأنها النسخة الفريدة على أرض العرب، وما تمثّله من تاريخ أمّة زاخرة بقيم التاريخ العتيد ورجالات الماضي الذين ما زالوا يمتلكون سطوة التأثير في حاضر شتّى علوم الحياة الزاخرة بالعطاء والتضحية.
كأس العالم 22، نتاج تكاتف جهود دولة وشعب على مدى سنوات طوال، لم تُرهِقهما جدولة الأعمال بالتنسيق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم المسؤول الأوّل عن البطولة، وما أبدتهُ لجان الفيفا التخصّصية من تماهٍ مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية حول مؤشّرات إيجابية واكبت مراحل العمل بدقّة، واستمرَّ الإنجاز والاستعراض والتجريب في كلّ مرحلة بنجاحٍ لافتٍ مقياسهُ ما حصدتهُ قطر اليوم من ثناء عظيم سواء من الفيفا نفسه، أو من جميع مسؤولي الدول المشاركة، أو تلك التي نافست في التصفيات وتمنّت الحصول على مقعدٍ تشريفي في البطولة.
كأس العالم 22 فضحت حقيقة مفادها أن الفساد العام لا يقتصر تصوّرهُ على سرقة المال أو تزوير الأوراق أو انزلاق السلوك إلى درجة الانحطاط كمفاهيم سلبيّة عامة في الحياة فحسب، بل يعني أيضاً تكييف الفكر السيئ لتشويه عمل حسَن، ومثل هذا التصوّر أجادتهُ بعض الدول الأوروبية الماكِرة في سيناريوهات خبيثة، رامت تقويض النجاح القطري الشامل، وثلم الفرحة العارمة لمليون ونصف مليون مشجِّع، ينتظرون مقاعدهم في المدرّجات قبل الأمتار الأخيرة من ماراثون الصبر لرؤية أجمل بطولة عالميّة استثنائيّة، تسابَقَ مسؤولو الفيفا في التعبير عن شغفهم لافتتاحها في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ليسعد العالَم المتفائِل برسالة كرة القدم الجامِعَة للشُعوب في مستطيل السلام، بعلاقات التعارف وحُرّيات ممارسة الطقوس، وليرفعوا الصوت بحناجر موحّدة رافضين الإساءات اللئيمة ضد مُنجز قطر المونديالي، ومُباركين شملهم تحت سقوف تُحَف ملاعب العَصْر.