تكتيك وانضباط زائد.. مستوى مباريات اليورو يثير التساؤلات!
يتواصل الصراع بين المنتخبات في بطولة اليورو المقامة حاليًا في ألمانيا من أجل الظفر باللقب القاري الأغلى، وسط تطلعات بتحسن المستوى الفني للمباريات مع تقدم الأدوار حتى نهائي برلين.
خلال أول 36 مباراة من كأس أمم أوروبا 2024 التي لعبت خلال دور المجموعات، نالت جل المنتخبات حصتها من الانتقاد بسبب المستوى العام لها وخاصة طريقة اللعب التي "قتلت متعة كرة القدم" في نظر الكثير من المتابعين، قبل أن يستمر الحال في أول 4 مباريات من الدور ثمن النهائي.
على الرغم من تأهل جل المرشحين إلى أدوار خروج المغلوب خلال اليورو الألماني، إلا أن وصول بعض المنتخبات، طرح أكثر من سؤال بشأن المردود الجماعي والحصيلة التهديفية لأسباب مختلفة، لا يمكن حصرها في اللاعبين أو المدربين، فهناك أشياء مشتركة.
الانضباط الزائد عن اللزوم!
لا شك أن الانضباط التكتيكي جزء لا يتجزأ من لعبة كرة القدم، ولكن "إذا زاد الشيء عن حده انقلب ضده".. هذه العبارة تتجلى فعلًا في مباريات اليورو التي لعبت حتى الآن، ما أثر بشكل مباشر على المستوى الفني بشكل سلبي، وجعل اللاعبين يؤدون تعليمات المدربين فحسب.
خلال بعض المباريات، يأتيك الانطباع أن بعض المدربين يسعون لتحقيق الفوز مهما كان المردود الجماعي للفريق، هذه الأفكار انتقلت إلى اللاعبين فعلًا، فأصبحوا أدوات لتطبيق الأفكار في الملعب، دون الحاجة إلى الإبداع وتقديم نفحات استعراضية تلبي رغبات ملايين الجماهير.
قد يكون الخوف من الإقصاء المبكر سببًا مباشرًا في تراجع مستوى بعض المنتخبات الكبيرة حتى الآن، مثلًا فرنسا التي حصدت الأخضر واليابس في كأس العالم 2022 بالأداء والنتيجة، تبدو عاجزة في البطولة الأوروبية على تقديم أداء رفيع، ما جعل كثيرًا من المختصين يبعدونها عن دائرة المرشحين للظفر باللقب، بعدما كانت أفضل خيار لهم قبل بداية البطولة.
تكتيكات المدربين تقتل متعة مباريات اليورو
يسعى كل مدرب لإثبات جدارته خلال بطولة اليورو وقيادة المنتخب الذي يدربه إلى الجد القاري، لكن ما نراه من تكتيك خلال المباريات يطرح بعض التساؤلات، لا سيما فيما يخص توظيف بعض النجوم على أرض الملعب، يبدو أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب، كيف ذلك؟
عادة؛ المدرب هو من يقوم بتجهيز الخطط التكتيكية حسب الفكر الذي ينتهجه وداوم عليه خلال مسيرته، فمثلًا إذا كان يعتمد خطة 4-3-3 يبقى عليها مع إيجاد الحول المناسبة، لكن ما نراه حاليًا هو العكس، حيث يضطر المدرب في مرات عديدة لتغيير خططه بسبب لاعب واحد أو اثنين.
أصبح بعض المدربين بشكل عام يفتقدون إلى الإبداع وإخراج ما هو أفضل من لاعبيهم، وهذا ما تجلى لدى بعض مدربي منتخبات أمم أوروبا 2024، حيث بات من الصعب عليهم تغيير مركز لاعب ما في الملعب، حتى لو كان لا يؤدي بشكل جيد خلال مباراة ما، يجب أن تظهر حنكة المدرب في هذه اللحظات، فقد يقوم بتغيير تكتيكي يقلب وجه المباراة.
تراجع جودة اللاعبين الفنية
لا يختلف اثنان على أن الجودة الفنية للاعبي الجيل الحالي أقل من الأجيال التي سبقت، ليس لأنهم لا يمتلكون مستويات كبيرة، لكنهم تأثروا فعلًا بكرة القدم "الحديثة" التي يقودها "تكتيكيًا" نخبة من المدربين في العالم وأصبحنا نسمع مصطلحات مثل "فكر غوارديولا".
أصبح اللاعب مقيّدًا فوق أرض الملعب بمهام محددة، ولا يمكنه فعل ما يحلو له سواء في الهجوم أو الدفاع، لهذا لا نرى عددًا كبيرًا من المراوغات والعروض الفنية المميزة خلال مباريات اليورو وهذا لا يختلف كثيرًا عن مباريات الأندية، الحسابات أصبحت كثيرة ومعقدة لدى اللاعبين، وهذا ما جعلهم يظهرون وكأنهم متوسطي الجودة فنيًا.
ادّخار الجهود للأندية!
هناك عامل آخر يعد سببًا إضافيًا في تدهور المستوى الفني في اليورو الألماني، وهو المستوى البدني للاعبين بسبب الإجهاد الذي طالهم خلال موسم كامل رفقة أنديتهم، لهذا تشعر بأن البعض منهم غير جاهز لتأدية 90 دقيقة كاملة بنسق عالٍ.
وإلى جانب ذلك، يحاول بعض اللاعبين تجنب الإرهاق والإصابات وتراهم يلعبون بدون حدّة في تدخلاتهم وصراعاتهم الثنائية، ربما السبب واضح، وهو تفادي الغياب عن أنديتهم خلال الموسم الجديد، هنا يمكننا الحديث عن "الأنانية"؛ لأن الطبيعي أن يستميت اللاعب من أجل تحقيق المجد مع منتخب بلاده مهما كانت الظروف.
هناك عامل آخر تسبب بشكل مباشر في قتل متعة مباريات اليورو وهو تدخل التكنولوجيا بشكل مفرط، فتقنية الفيديو المساعد وتقنية التسلل نصف الآلي، أسهمت في إلغاء عدد من الأهداف خلال البطولة، على غرار إلغاء 3 أهداف كاملة لمهاجم بلجيكا روميلو لوكاكو خلال دور المجموعات.