بيير دي كوبرتان.. اسم لا ينسى في الألعاب الأولمبية الحديثة

2021-08-04 14:30
الفرنسي بيير دي كوبرتان مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

رغم أن بيير دي كوبرتان كان قصير القامة إذ بلغ طوله 1.62 مترا فقط، إلا أنه ومن خلال العديد من المقاييس، كان الرجل الفرنسي عملاقًا في القرن العشرين، حيث أسس الألعاب الأولمبية الحديثة.  

وُلد بيير دي كوبرتان في الطبقة الأرستقراطية الفرنسية في الأول من يناير/ كانون الثاني عام 1863، وقد اعتنق قيم الجمهورية الفرنسية الثالثة، حيث أحب  الحرية والمساواة والأخوة، وسعى خلال حياته إلى منح الأطفال الفرنسيين ممارسة الرياضة خلال المراحل التعليمية المختلفة، وكان في سن الخامسة والعشرين قائدًا لإصلاح التعليم الفرنسي.  

لعب بيير دي كوبرتان دورًا كبيرًا في الإصلاح الاجتماعي خلال حياته، حيث تأثر من خلال مطالعته وثقافته بكتابات البريطاني توماس أرنولد، الذي يعتبر "مُربي العصر الحديث"، واقتنع بضرورة التوجه إلى التربية الرياضية، وضرورتها في المدارس؛ لتنشئة الجسد والعقل معا بصورة جيدة.  

بعد 7 سنوات من ولادته، حدثت النكسة العسكرية الفرنسية عام 1870، بعد الهزيمة أمام البروسيين بقيادة أوتو فون بسمارك، ليندفع بيير دي كوبرتان منذ البداية في حقل الخدمة العامة، وعزز حضوره بدراسة العلوم السياسية، ووجد في التربية والتعليم المكان المناسب لإعداد قياديين وكوادر قادرة على تولي زمام الأمور.  

كيف بدأت علاقة بيير دي كوبرتان مع الرياضة؟  

 

خلال فترة شبابه، مارس مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة العديد من الرياضات، مثل الفروسية والمبارزة والتجديف والملاكمة، وحرص على تنظيم ندوات كثيرة؛ من أجل دعم فكرة الحركة الرياضية في المدارس والجامعات، ولاقت أفكاره انتشارًا كبيرًا، لتنطلق المسابقات في الجامعات الفرنسية عام 1889.    

وفي عام 1889، قام بيير دي كوبرتان بتنظيم المؤتمر الأول للتربية البدنية والمنافسات المدرسية، وأوفده وزير التعليم الفرنسي آنذاك، أرمان فاليير، الذي أصبح بعدها رئيسا لفرنسا، إلى مؤتمر بوسطن للتربية والتعليم، وجال على المدارس والجامعات في الولايات المتحدة وكندا وسجل الملاحظات وأعد التقارير.    

بعدها تولى دي كوبرتان الأمانة العامة في الاتحاد الرياضي الفرنسي عام 1890، حيث حرص على تطبيق أفكاره بشأن تعميم ممارسة الرياضة في المدارس، وكذلك الإيمان بأن المواجهات الرياضية تذلل العراقيل وتذيب جليد العلاقات بين الأعداء، مما جعله يجد في الألعاب الأولمبية عاملا مساعدا وداعما للسلام.  

بيير دي كوبرتان مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة  

 

في عام 1892، أطلق دي كوبرتان دعوته من على منبر جامعة السوربون، وطالب بإحياء الألعاب الأولمبية القديمة التي عرفت المجد والشهرة أيام الإغريق، وكان رد الفعل رائعًَا من الحاضرين.  

وعقب هذه الدعوة، توجه دي كوبرتان إلى إنجلترا والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، وحظي بتأييد كبير لإعادة إحياء الألعاب الأولمبية، حيث تأكد حينها أن دعوته ستبصر النور لا محالة.

وتكللت جهود بيير دي كوبرتان بالنجاح، وفي يوم 23 يونيو/ حزيران عام 1894 أسس اللجنة الأولمبية الدولية، وكان المكتب التنفيذي مُكونا من اليوناني ديمتريوس بيكيلاس رئيسا، ودي كوبرتان أمينا عاما، فضلا عن الأعضاء، وهم الجنرال الروسي ألكسندر بوتووسكي والجنرال السويدي فيكتور بالك والألماني ويلهلم غبهارد، والتشيكوسلوفاكي ييري غوت ياركوفسكي والمجري فيرنك كيميني.    

بيير دي كوبرتان أحيا الألعاب الأولمبية بعد أعوام طويلة من التوقف
 

ومنذ الوهلة الأولى، أظهر دي كوبرتان تفانيا كبيرا في عمله، حيث أعد بدقة التفاصيل والأنظمة وطريقة تنظيم الألعاب الأولمبية، وكذلك العلم والشعار، لتقام بعد عام واحد في بلاد الإغريق.

وبالفعل بدأت أول دورة ألعاب أولمبية حديثة في أثينا في 5 أبريل/ نيسان عام 1896، واستمر المهرجان لمدة عشرة أيام، وشمل فعاليات مثل التنس، السباحة، الغوص، المبارزة وسباقات الدراجات.  

وصادفت الألعاب الأولمبية في أثينا عام 1896 صعوبات كبيرة، استمرت في باريس عام 1900 والألعاب الثالثة في سانت لويس عام 1904، حتى استقرت الأمور وانتظم الإيقاع تدريجيا في دورة لندن عام 1908.  

بيير دي كوبرتان مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة
 

وحصل دي كوبرتان على تقدير كبير لعمله في عام 1910، حيث زاره الرئيس الأمريكي السابق ثيودور روزفلت، وأبدى إعجابه بمؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة.  

اضطراب في آخر سنوات بيير دي كوبرتان  

 

خلال الحرب العالمية الأولى، عانت عائلة بيير دي كوبرتان من مصاعب كثيرة، وقد هربت إلى سويسرا، قبل أن يقرر مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة التقاعد بعد مشاركته في تنظيم أولمبياد عام 1924.  

السنوات الأخيرة من حياة دي كوبرتان لم تكن جيدة، وكانت شاقة إلى حدٍ كبير، حيث واجه صعوبات مالية، حتى تُوفي في مدينة جنيف السويسرية يوم 2 سبتمبر/ أيلول عام 1937.  

وكان تأثير بيير دي كوبرتان أوسع بكثير مما كان يمكن أن يتصوره هو، حيث أسهم مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة في غرس زيادة الانتماء للوطن، كما أقنع الكثيرين بأن المنافسات الرياضية يمكن أن تُعزز السلام بين الدول.

شارك: