النجم الأوحد.. يختفي ويبرق 

2022-12-15 15:00
كيليان مبابي نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم (Getty)
علاء عزت
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أعتقد أن قبل مونديال المكسيك 1986، لم يكن العالم يعرف مصطلح "منتخب النجم الأوحد"، حتى عندما قاد الأسطورة الحية، بيليه، منتخب السامبا البرازيلي للقب نسخة عام 1970 في المكسيك، لكن ما فعله الأسطورة الراحلة مارادونا في المكسيك جعل العالم كله يتحدث عن ظاهرة النجم الأوحد، الذي يمكنه أن يقود بلاده لأكبر منصة تتويج كروية على كوكب الأرض.. وبعدها، اختفى هذا المصطلح مع ولادة مدرسة الكرة الشاملة، وإنَّ تقمص زين الدين زيدان شخصية النجم الأول في ملحمة تتويج منتخب الديوك الفرنسية بمونديال 1998، ومن بعده البرازيلي رونالدو "الظاهرة" في مونديال 2002، لكن اسم زيدان لم يُطلَق على مونديال 98، ولم يُطلَق اسم رونالدو على مونديال 2002، مثلما أُطلَق على نسخة 1986 لقب "مونديال مارادونا". 

وقبل انطلاق المونديال الحالي في قطر، كان بعضهم يراهن على عودة ظاهرة "النجم الأوحد"، في ظل وجود ميسي ورونالدو ونيمار، وبكي بعضهم الآخر غياب نجوم كبار آخرين، مثل كريم بنزيما وغيره، عن العرس العالمي، لكن مع انطلاق المنافسات وسماع دوي انفجار المفاجآت تباعًا، راهن الأغبية على سقوط تلك النظرية، على غرار ما حدث حرفيًا في مونديال روسيا 2018، وزاد الرهان بعد مفاجأة سقوط ميسي ورفاقه أمام السعودية، وتأهل منتخب السنغال للدور الثاني رغم غياب النجم الأول والأوحد ساديو ماني، وتحقيق البرازيل للانتصارات رغم غياب نيمار عن آخر مباراتين في مرحلة دوري المجموعات، ونفس الأمر للبرتغال التي مضت قدمًا بسلاسة بينما كان رونالدو جالسًا على دكة البدلاء، مع تألق لافت لفرنسا والمغرب وإنجلترا بالأداء الجماعي.

ومع سقوط منتخب السامبا في وجود نيمار، هلل أصحاب الكرة الجماعية، وقد زاد تهليلهم على وقع استمرار الملحمة المغربية المدوية، وتقدم كرواتيا في الأدوار الإقصائية، وصيحة الديوك الفرنسية القوية، وزئير منتخب الأسود الثلاثة، إنجلترا.

لكن مع الوصول إلى الأدوار النهائية، عاد نجم "النجم الأوحد" يبرق ويلمع من جديد في سماء الدوحة، بعد اختفاء واكتفاء بإرسال إشارات وميض خافتة على فترات، بعدما أيقن الجميع أن النجوم انطفأت بفعل دموع نيمار ورونالدو لحظة الإخفاق والوداع، لكن في عز أحزان إخفاق النجوم الكبار، رأينا لوكا مودريتش، الأسد العجوز، يتحول إلى مقاتل شرس، ويقود كراوتيا إلى نصف النهائي، ورأينا مبابي يتحول إلى "سوبر مان" مُمزقًا شباك المنافسين، أما ميسي، فكأنه هبط بعصاه السحرية من السماء، يبدع ويبهر ويسحر القلوب قبل العيون، ما دفع الكثيرين لتمني فوز الأرجنتين بالكأس، من أجل هذا البرغوث، الذي أعاد للأذهان ذكرى ملحمة ابن جلدته مارادونا قبل 36 عامًا، مُحييًا نظرية النجم الأوحد.

نظريه النجم الأوحد في عالم كرة القدم مختلفة تمامًا عن ظاهرة النجم الأوحد أو النجم الأول في عالم السينما والدراما.. النجم الأوحد في عالم الكرة لا يمكن الرهان عليه؛ لأن تألقه وإبداعه يبقيان مرهونين بتعاون زملائه، وخطة مدربه، إضافة إلى عامل السن الذي لا يضمن له استمرار تألقه ونجوميته، أما في عالم السينما، فيبقى رهان النجاح مضمونًا بفضل وجود النجم الأوحد في العمل، والذي كلما كبر في السن زاد نضوجه الفني وزادت قيمته الفنية، حتى إنه في كثير من الأحيان يكون هذا النجم هو البطل الأوحد للعمل، ويتراجع زملاؤه لصفوف الكومبارس، وهو الأمر الذي يؤكد لنا أهم حقيقة؛ وهي أن كرة القدم لعبة جماعية، لا تنجح فيها نظرية النجم الأوحد إلا في حالات نادرة، مرهونة بظهور لاعبين أفذاذ، يتحولون بفعل قدرتهم على الإبداع وتحقيق الانتصارات والبطولات، رغم أنف الترشيحات، إلى أساطير حقيقية.

شارك: