الملك تشارلز وعشقه للكرة.. وحكاية معزوفة دوري أبطال أوروبا

تحديثات مباشرة
Off
2023-05-08 15:54
الملك تشارلز يحمل قميص فريقه المفضل (annoukhba)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

بعد أن ظهرت كرة القدم في بلاد الإنجليز، وانتشرت كالنار في الهشيم وبسرعة في جميع أرجاء العالم، تمكنت من أسر قلوب الجميع كباراً وصغاراً، وكأن سحرا وقع يربط المتابع فيها، لدرجة أن تطبيقها لم يعد يقتصر على المكان والزمان، أو الشكل، لما لها من طابع جذاب.

كرة القدم فن راق وعلم يدرس ومتعة تمارس وعشق ساحر يبهر، تأسر قلوب ملايين المشجعين حول العالم، فهي الرياضة الشعبية الأولى في العالم، وعلى الرغم من أنها حصلت من قِبل الكثيرين على لقب لعبة الفقراء، فإن عشقها يصل إلى كافة طبقات المجتمعات حتى وصلت للبلاط الملكي الإنجليزي، فبعدما توج تشارلز الثالث وزوجته كاميليا رسميا، ملكا وملكة على العرش البريطاني في حفل تاريخي يعد الأكبر منذ 7 عقود، عزف خلاله نشيد دوري أبطال أوروبا الذي يحمل عنوان "Zadok the Priest" ويعد من أهم الأشياء التي تشعل حماس جماهير اللعبة ونجوم الكرة عند اصطفافهم قبل خوض كل مباراة من المسابقة. وتثير هذه المعزوفة مشاعر كل متتبعي الكرة ومجانينها، لكن أصيب البعض بالدهشة حينما سمعوها وهي تعزف في تتويج الأمير تشارلز ملكا لبريطانيا بشكل غير متوقع لعشاق كرة القدم، ولكن هذا الظهور لا يأتي لأسباب رياضية، بل يتعلق بشكل أكبر بأصول هذه المعزوفة.

فالنشيد المعروف لم يتم تأليفه خصيصًا لدوري أبطال أوروبا، بل قام الفنان جورج فريدريك هاندل بتأليفه لتتويج الملك جورج الثاني في عام 1727، قبل ما يقرب من 300 عام من إنشاء الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه المقطوعة الموسيقية جزءًا من كافة التقاليد البريطانية؛ إذ تُستخدم في تتويج الملوك والملكات بالمملكة المتحدة؛ لذلك تم عزفها من أجل الملك تشارلز.

وفي الواقع فإن موسيقى دوري أبطال أوروبا ليست تمامًا مثل الإصدار الذي يتم تشغيله في التتويج؛ إذ قام الموزع توني بريتن بإعادة توزيع المقطوعة في 1992 لتستخدم كنشيد أساسي للبطولة.. وهو الأمر الذي جعل بعض الأشخاص من جماهير كرة القدم يسخرون من الترنيمة التي عُزفت خلال مراسم تتويج الملك تشارلز؛ لأنها تشبه النشيد الخاص ببطولة دوري أبطال أوروبا. وهو الأمر الذي يغيب في قاموس العديد من الساخرين! 

وحتى يكون الرأي للمختصين في الأمور الموسيقية، ماكسيم جوس، أستاذ التاريخ الموسيقي في المعهد الموسيقي لمدينة ليل الفرنسية، كشف أن النشيد الرسمي لدوري أبطال أوروبا مقتبس ومستوحى من القطعة الموسيقية "صادوق الكاهن" للملحن الشهير، جورج فريديريك هاندل، وهو أمر لم ينكره بالمرة بريتن، وهي ليست عملية احتيال، وأول من سمع هذا اللحن لهاندل، كانت الملكة كارولين والملك جورج الثاني عام 1727، بمناسبة تنصيب الأخير، والنشيد كان عبارة عن نوع من الموسيقى المقدسة، مرتبطة بالقداس الأنغليكاني، وغالبا ما تستخدم هذه الموسيقى في المواقف الملكية الكبرى وإعطاء شيء من الحماس.

وعلاقة بالمعزوفة وكرة القدم، تتمتع العائلة المالكة البريطانية بإمكانية الوصول إلى أرقى الأشياء في الحياة ولكنها ليست محصنة ضد إغراءات اللعبة الجميلة، فمن المعروف أن أفراد العائلة المالكة يضعون ثقلهم وراء بعض فرق كرة القدم المحترفة.

وعلى الرغم من أنه يجب أن يظلوا محايدين سياسياً؛ فإنه لا يوجد مرسوم يقضي بعدم تحيز أحد أفراد العائلة المالكة تجاه فرق كرة القدم التي اختاروها.

فالملكة إليزابيث هي الأطول خدمة في تاريخ بريطانيا؛ لذلك من العدل القول إنها رأت الجيد والسيئ والقبيح عندما يتعلق الأمر بكرة القدم؛ لهذا السبب ليس من المستغرب أن تكون الملكة غامضة بعض الشيء فيما يتعلق بمن تدعم.

ولكن هناك قدر كبير من التكهنات بأنها من محبي نادي أرسنال في شمال لندن، حيث ادعى لاعب خط وسط أرسنال السابق سيسك فابريجاس أن صاحبة الجلالة أخبرته أنها من مشجعي الفريق خلال حفل استقبال في قصر باكنغهام في عام 2007.

لكن على الرغم من هذا وذاك.. لم ترغب الملكة أبدًا في أن يعرف الناس من تدعم؛ لأنها تريد أن يُنظر إليها على أنها محايدة. 

لكن بالنسبة إلى الملك تشارلز فعشقه للكرة جعل والدته الملكة إليزابيث، منذ ريعان شبابه، ترغمه على المشاركة في تدريبات كرة القدم كي يتخلص من حساسيته مع رفاقه، ويصبح شخصاً عادياً لا تجرحه الكلمات البسيطة، معللاً رأيه بأنه: "على أرض الملعب لا يحترم الأولاد أي شخص"، في إشارة إلى أن هذا الأمر سيذيب الجليد بينه وبين رفاقه.

وانتقل الملك تشارلز في أغسطس/ آب 1957 إلى مدرسة "تشيم"، وهناك استمرت علاقته بالرياضة بل وتطورت أيضا، وكشف تشارلز أنه وجد في "تشيم" الفرصة لممارسة أكثر من رياضة، أبرزها إلى جانب كرة القدم الكريكت والرغبي.

واستمرت حياة الأمير تشارلز فيما بعد بعيداً عن كرة القدم، لكن بالطبع كان للعبة الجماعية الأكثر شعبية في العالم دور لافت في حياته لاحقا، وكيفية اندماجه مع البشر، قبل أن يصبح في 2023 ملكاً للبلاد.

والمفاجأة أنه في عام 2012، تبين أن الأمير تشارلز كان من أنصار بيرنلي، فخلال قيامه بأعمال خيرية في المنطقة تم سؤاله عن سبب دعمه للنادي، فقال: "مر بيرنلي ببعض الأوقات الصعبة للغاية، وأنا أحاول إيجاد طرق للمساعدة في تجديد ورفع التطلعات واحترام الذات في هذا الجزء من العالم". ومن حسن الصدف يتزامن تتويجه ملكا لبريطانيا مع عودة ناديه لمنافسات الدوري الإنجليزي الممتاز.

فعلى الرغم من حرص الأمير تشارلز على عدم إعلان ناديه الكروي المفضل، فإنه منذ سنوات أعلن أخيرا أنه من مشجعي نادي بيرنلي الذي ينتمي لمدينة بيرنلي الصغيرة شمال مدينة مانشستر.

وتشارلز قبل أن يصبح ملكا، يملك بطاقة انخراط سنوية لحضور مباريات بيرنلي في تورف مور، الملعب الرسمي لبيرنلي، وينضم بيرنلي بذلك للقائمة الكروية الملكية إلى جانب نادي أرسنال الذي كانت تشجعه الملكة إليزابيث الثانية ولا يزال يشجعه حفيدها الأمير هاري، بينما يشجع الأمير ويليام نادي أستون فيلا، الذي يرأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم.

شارك: