إسبانيا وإيطاليا من أجل النهائي الكبير
يبدو أن مواجهة إيطاليا ضد إسبانيا في نصف نهائي بطولة كأس أمم أوروبا 2020، (مساء اليوم الثلاثاء 6 يوليو/تموز في الساعة 22:00 بتوقيت مكة) ستحدد البطل حسب جميع المراقبين، الذين يضعون هذين المنتخبين في مرتبة متقدمة على أحد المتأهلين من لقاء نصف النهائي الثاني والذي سيجمع إنجلترا والدنمارك.
لقد أقنع الفريقان بشكل كبير، أغلب المراقبين خلال مجريات البطولة، وإن تراوح الأداء في بعض المباريات، لكن يمكن القول إن الفائز من لقاء العملاقين الكبيرين اللذين سيتواجهان على ملعب "ويمبلي" في العاصمة الإنجليزية لندن، سيكون المرشح وإن كان على "الورق" من أجل رفع الكأس الفضية ذات الأذنين، في النهائي الكبير.
كفة متعادلة تاريخياً
في مثل هذه المواجهات التي يكون طرفاها عضوين في نادي الأبطال، يتبادر للذهن من يملك الكلمة العليا في المواجهات التاريخية بينهما، وما إن تقلب في صفحات اللقاءات المباشرة، سيدهشك الرقم الذي آلت إليه.
طيلة عقود كانت مواجهة "الأزرق والأحمر" عامرة بالإثارة والندية، لا يمكن التنبؤ بالفائز بينهما، ولذلك كان من الطبيعي أن تتعادل الكفة بينهما خلال الـ37 مباراة التي تواجها فيها على كل الأصعدة.
ففي تلك المباريات، فاز كلاهما بـ11 مباراة، فيما فرض التعادل نفسه في المباريات الـ15 الأخرى. لكن تملك إيطاليا الأفضلية النسبية في اللقاءات الستة التي تواجها فيها خلال بطولة كأس أوروبا وكأس العالم، حيث فاز الإيطاليون مرتين مقابل مرة للإسبان، فيما فرض التعادل نفسه في 3 مباريات.
وبعد هذه المواجهة، سيتوجب على الفريقين خوض نفس المنافسة، عندما يلتقيان في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، لكن على ملعب سان سيرو في ميلانو الإيطالية، من أجل الذهاب نحو لقب النسخة الثانية من البطولة الجديدة.
مشوار متناقض!
على النقيض تماما، بدأت إيطاليا مشوارها في كأس أوروبا 2020 بشكل مثالي للغاية، وحققت ثلاثة انتصارات في دور المجموعات، أمام تركيا وسويسرا ثم ويلز، قبل أن تواصل المسيرة اللافتة بفوز صعب على النمسا بعد وقت إضافي، ثم تمكنت من اجتياز حاجز بلجيكا في ربع النهائي.
أما إسبانيا، التي كانت مرشحة للقب قبل انطلاق المنافسات، فقد جلبت الشكوك في أول مباراتين، بتعادلها مع السويد وبولندا بشكل غريب، قبل أن تتعافى بفوز كبير على التشيك في الجولة الأخيرة من دور المجموعات.
وفي الدور الثاني، حقق "لاروخا" فوزا كبيراً ومستحقا على كرواتيا 5-3 لكن بعد التمديد، وفي ربع النهائي احتاجت لكثير من الحظ والتوفيق حتى تتغلب على سويسرا "العنيدة" بركلات الترجيح.
سلسلة قياسية
بعد الغياب الحزين عن نهائيات كأس العالم روسيا 2018، قام الإيطاليون بتغييرات شاملة، ليس للأفراد، إنما بالعقلية التي كانت تحمل الطابع الرسمي لكرة "الكاتانشيو". ومع تسلم المدرب روبرتو مانشيني للدفة، تمكن "الآزوري" من تقديم نفسه بشكل مختلف.
فخلال التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس أوروبا، وخوض مباريات دوري الأمم، وتصفيات كأس العالم 2022 إضافة لبعض المباريات الودية، حضر الإيطاليون إلى "يورو 2020" بسلسلة ناصعة البياض، تم تعزيزها في البطولة.
لقد وصل الفريق إلى 32 مباراة متتالية دون خسارة، تضمنت 27 فوزاً (منها 13 انتصاراً متتالياً) فيما انقاد الفريق للتعادل في 5 مباريات، ليحطم هذا الفريق العديد من الأرقام القياسية التي كانت بعهدة أجيال سابقة.
نصف النهائي وثلاثة ألقاب
لا يمكن التخمين بهوية الفريق الفائز، لا بناء على المعطيات الحالية، ولا حتى اعتماداً على تاريخ المنتخبين في نصف النهائي، فكلاهما حقق ناجا لافتا في كل مرة يصل فيها إلى هذا الدور الهام من البطولة القارية.
إسبانيا لعبت نصف النهائي في أربع مناسبات سابقة، حققت فيها الفوز جميعا، كانت مبارتها الأولى أمام المجر في نسخة 1964 وحققت الفوز 2-1 بعد التمديد، لتحقق لقبها الأول فيما بعد على حساب الاتحاد السوفييتي 2-1 في النهائي.
وبعد عقدين من الزمن، لم تكمل المهمة أمام الدنمارك في فترة الأوقات الإضافية، بل احتاجت لركلات الترجيح لتفوز وتتأهل لنهائي نسخة 1984 الذي خسرته لمصلحة فرنسا 0-2 في باريس.
وانتظر "لاروخا" قرابة ربع قرن، قبل أن يجدد العهد مع نصف النهائي في نسخة 2008 ولكن مع جيل ذهبي فرض سيطرته خلال تلك الفترة، حيث فاز على روسيا 3-0 ثم أتم المهمة أمام ألمانيا 1-0 في النهائي، ليحقق لقبها الثاني.
وفي النسخة التالية عام 2012، تجاوزت إسبانيا البرتغال وكريستيانو رونالدو بفارق ركلات الترجيح 4-2 بعد التعادل 0-0، ومن بعد ذلك لا يمكن نسيان الفوز التاريخي في النهائي على إيطاليا برباعية نظيفة لتحرز اللقب للمرة الثالثة.
ثلاث نهائيات ولقب يتيم
في الجهة المقابلة، خاضت إيطاليا نصف النهائي أربع مرات أيضا، لكن بمحصلة أقل نسبيا، حيث حققت الفوز ثلاث مرات، تأهلت فيها للنهائي، لكن لم تنجح إلا في الظفر باللقب الوحيد الذي تملكه منذ عام 1968.
في تلك النسخة الثالثة من حيث الترتيب التي أقيمت على ترابها وجماهيرها، لعبت إيطاليا نصف النهائي (مرتين) أمام الاتحاد السوفيتي، حيث تعادلا أولا دون أهداف، وبسبب قوانين البطولة آنذاك، التقيا مرة ثانية وتعادلا 1-1، واحتكما للقرعة نظرا لعدم اختراع مبدأ ركلات الترجيح. فازت إيطاليا بالقرعة وتأهلت للنهائي الذي لعبته مرتين أيضا، حيث تعادلت مع يوغسلافيا 1-1، قبل أن تفوز بمباراة الإعادة بهدفين لتنال اللقب اليتيم.
بعد عقدين من الزمان، تأهلت إيطاليا لنصف نهائي نسخة ألمانيا 1988، ولكنها خسرت أمام الاتحاد السوفيتي 0-2، قبل أن تستعيد ذاكرة الفوز في نصف نهائي نسخة 2000 بتفوقها على هولندا في موقعة لا تنسى بفارق ركلات الترجيح 3-1، بعد التعادل في وقت اللعب دون أهداف. وفي نسخة فرنسا 2012، خالفت إيطاليا التوقعات، بعد أن قهرت ألمانيا القوية والمرشحة آنذاك، وحققت فوزاً لا ينسى 2-1.