ألقاب الريال في الأبطال: موهبة استثنائية أم عقدة لدى البقية؟

تحديثات مباشرة
Off
2024-06-02 16:10
ألقاب الريال تحتضن مولودها الخامس عشر في دوري أبطال أوروبا (Getty)
لوغو winwin
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

تدفع ألقاب الريال المتعاقبة بوتيرة سريعة في دوري أبطال أوروبا، الكثير من عشاق الكرة الأوروبية، للتساؤل عن السبب الذي يقف خلف هذه الموهبة الاستثنائية، التي سمحت للنادي الملكي باكتساح المشهد في أمجد الكؤوس القارية.

سؤال عاد إلى الواجهة بقوة، في ظرفية تتزامن مع تتويج عملاق إسبانيا بلقبه الخامس عشر في مشواره ضمن دوري الأبطال، والذي عزّز فيه هيمنته على المسابقة.

ونجح ريال مدريد، أمس السبت، في تنصيب نفسه مجددًا على عرش القارة العجوز، بعد أن تمكّن من حسم موقعة النهائي على أرضية ملعب ويمبلي الشهير، على حساب بوروسيا دورتموند الألماني بثنائية نظيفة، حملت توقيع كل من داني كارفاخال والبرازيلي فينيسيوس جونيور تواليًا في الدقيقتين (74 و83).

ألقاب الريال.. تفرّد لا نقاش فيه!

بعيدًا عن الفوارق التي تصنعها انتماءات المشجعين لأي ناد أوروبي، فإنّ "السواد الأعظم" يمتلك قدرًا من الواقعية والمنطقية، ليقرّ بأنّ ألقاب الريال الأوروبية ولا سيما في دوري أبطال أوروبا، هو تفرّد لا يقبل التشكيك، برغم أنّ التاريخ يحتفظ بالعديد من الشوائب التي تحوم حول عدد من النسخ الماضية، غير أنّ الصورة الواضحة، لا يمكن أن تحمل معها طعنًا في جدارة "الميرنغي"، الذي يسبح في مكان عميق وبعيد عن البقية.

ألقاب الريال الأوروبية التي وصلت في نهائي ويمبلي يوم أمس إلى الرقم 30، تحمل بين دفاترها الكثير من الأرقام الخرافية، التي تصبّ جميعها في هذه الكاريزما الأخاذة للعملاق الأبيض، الذي حصد -كما هو معلوم- لقبه الخامس عشر في 18 نهائيًّا كاملًا في المسابقة، ليوسّع الفارق مع ميلان الإيطالي، أقرب ملاحقيه في سلّم المتوجين إلى 8 ألقاب.

ولم يخسر المارد الإسباني أي مباراة نهائية خاضها في المسابقة منذ 43 عامًا، وتحديدًا منذ سقوطه أمام ليفربول الإنجليزي عام 1981 بنتيجة (1-0)، وعلى ذكر الإنجليز، فهم معنيون برقم مخجل أيضًا عند المقارنة بـ"لوس بلانكوس"، كيف لا وهم من يعادلون مجتمعين ما حققه الريال وحيدًا (15 لقبًا)، حيث يساوي تاريخ الريال في الأبطال ما حصدته لإنجلترا بأكملها، والتي نالت كأس البطولة عبر السداسي ليفربول (6 مرات)، ومانشستر يونايتد (3 ألقاب)، وتشيلسي ونوتنغهام فورست (لقبان)، ومانشستر سيتي وأستون فيلا (لقبًا واحدًا).

ألقاب الريال تاريخيًّا، تحاكي في عظمتها الموسم الحالي، الذي نجح فيه الفريق في رفع لقب المسابقة من دون أن يتعرض لأي هزيمة (10 انتصارات و3 تعادلات)، وتمكّن هجومه من هز شباك المنافسين في 28 مناسبة، في حين لم تستقبل شباكه سوى 15 هدفًا، كما حصّنها في 4 مباريات (كلين شيت).

أضف إلى كل ذلك تحطيم ريال مدريد لمفارقة تاريخية قديمة تتعلق بملعب ويمبلي بالذات، حيث بات الفريق الإسباني أول فريق يحقق اللقب على أرضية ويمبلي وهو في "ثوب الضيف"، حيث إنّ النسخ السبع الماضية، عرفت تتويج المضيّفين أعوام 1963 و1968 و1971 و1978 و1992 و2011 و2013.

نهائي ويمبلي 2024 يحمل حقيقة مغايرة

مع تنحّي المعطيات التاريخية جانبًا، والتي لا تعترف كثيرًا بالجدل، لأنّ العبرة دومًا في ما بقي في الأرشيف، فإنّ وقائع المباريات وسيناريوهاتها تعرف بالمقابل تأويلًا من نوع آخر، فالدخول في تفاصيل النهائيات قد يبرز حقيقة مختلفة عن التسليم، بأنّ ما يقف خلف ألقاب الريال هي أياد خفية أو قوى خارقة!نهائي ويمبلي 2024، حمل معه جانبًا من هذه الحقيقة المغايرة، والتي قدّمت ريال مدريد مرشّحًا فوق العادة، وفقًا للأرقام والسجلات وأرصدته الثرية من التمرس بالبطولة، غير أنّ كل ما فات تمّ ضربه عرض الحائط، لأنّ فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، "لم يحظر" فنيًّا إلى قمة النهائي إلاّ مع مطلع الدقيقة 70، حين استعاد "الملوك" شيئًا من هيبتهم قبل أن يلدغوا منافسهم برأسية كارفاخال، ومن ثمّ يجهزون عليهم سريعًا بـ"رصاصة" فينيسيوس التي حملت معها خبر "الموت الرحيم" الذي استغرق مدة تنفيذه، 9 دقائق فقط.

ما نودّ الإشارة إليه هو أنّ ألقاب الريال رغم بصمة الجدارة الواضحة المطبوعة عليها، غير أنّها لم تكن دومًا مقترنة بالإقناع على المستوى الفني، فسفير ألمانيا إلى نهائي الأبطال كان في الموعد على جميع الأصعدة وكان الأقرب للتهديف، غير أنّه أخفق في اغتنام رياحه رغم هبوبها لـ70 دقيقة، قبل أن تأتيه الرياح العكسية وتعصف بأحلامه من دون رجعة، وهو سيناريو يعود إلى قصور في "أسود فستفاليا" أكثر منه هيمنة لنجوم الملكي، الذين سجلوا غيابًا جماعيًّا عن موقعة النهائي باستثناء بعض اللمحات، التي قدّمها البرازيلي فينيسيوس خاصة، والتي كانت كافية لحسم الأمور.

في التاريخ شواهد أخرى

دورتموند لم يكن الأول الذي اكتوى بسيناريوهات الريال المرهقة، فكثير ممّن سبقوه إلى عين الماء، ولكنه عجز عن بلوغ مراد الشرب منها، وأبرز شواهد التاريخ على ذلك أتلتيكو مدريد، الذي كان يحلم في 2014 بمعانقة الكأس "ذات الأذنين" لأول مرة في تاريخه، قبل أن تبخّر رأسية "المطرقة" سيرخيو راموس أحلامه في الدقيقة (90+3) في مباراة انتهت على نتيجة (4-1) بعد التمديد.

تأجلت أحلام الأتليتي إلى 2016، حين تواجه الفريقان مجددًا في نهائي "سان سيرو"، ولكنّ الريال أنجز المهمة من بوابة ركلات الترجيح، ليسلّم الجار المدريدي الصغير أمره للواقع المرير.

نهائي دوري الأبطال عام 1956 ضد رانس الفرنسي (4-3)، ونهائي عام 1958 ضد ميلان الإيطالي (3-2)، ونهائي عام 1966 ضد بارتيزان بلغراد الصربي (2-1)، وغيرها.. جميعها عينة بسيطة من نهائيات أوروبية في المسابقة، عرفت سيناريوهات مدريدية مجنونة كان ضحيتها المنافس، والتي أسهمت بشكل أو بآخر في ألقاب الريال وشخصيته الاستثنائية وتاريخه المتفرّد، الذي ما يزال يدفع عجلة الفريق نحو المجد إلى اليوم، والأمر مرشّح للاستمرار إلى سنوات قادمة.

شارك: