3 محاور على طاولة فيتوريا حال غياب النني عن منتخب مصر
كان لاعب وسط أرسنال، محمد النني، سيئ الحظ بعدما أصيب في أوتار الركبة وخرج قبل الأوان من مباراة فريقه أمام مضيفه أيندهوفن في الجولة الختامية لمنافسات دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا والذي تصدّر فيه الغانرز مجموعته وتأهل لدور الـ16.
وكان النني قريبًا من التسجيل في شوط المباراة الأول بعدما سدد كرة قوية من على بُعد 30 ياردة تقريبًا لتصطدم بالقائم الأيمن لحارس الفريق الهولندي وتخرج إلى خارج الملعب.
واضطر النني لمغادرة اللقاء في الدقيقة (62) ليحل مكانه مارتين أوديغارد؛ لكن أرسنال لم يُصدِر بعد بيانًا حول مدى قوة الإصابة والمدة التي يُنتظر أن يغيبها الدولي المصري.
تسديدة محمد النني التي ارتطمت بالقائم
ورغم أن أغلب المتابعين يتوقعون ألّا تؤثر تلك الإصابة في مشاركة النني مع منتخب الفراعنة في أمم أفريقيا القادمة التي تبدأ بعد شهر بالضبط من الآن، إلّا أنه من المؤكد أن روي فيتوريا سيقوم بما هو لازم ليدرس كافة الاحتمالات في حالة غياب لاعب أرسنال.
وتزداد تلك الاحتمالات أهميةً بالنظر لفقدان منتخب الفراعنة بالفعل لخدمات لاعب الارتكاز الآخر طارق حامد الذي أعلن اعتزاله اللعب الدولي بعد مسيرة استمرت لـ10 سنوات مع المنتخب المصري، وذلك بعد عقاب لاعب وسط ضمك السعودي برفقة ثنائي الأهلي المصري حسين الشحات وإمام عاشور بالاستبعاد من رحلة سيراليون في تصفيات كأس العالم 2026.
ترتيبات فيتوريا لحدث مثل هذا يتمحور حول شقّين:
لاعب الارتكاز
لعب النني لفترات طويلة مع منتخب مصر في مركز لاعب الارتكاز، خاصةً في حقبة هيكتور كوبر الذي كان يفضّل اللعب بطريقة 4-2-3-1؛ لكنها كانت طريقة تستخدم لاعبي ارتكاز بوجود النني إلى جانب طارق حامد "double pivot"، إذ لم يكن النني يتقدم كثيرًا ليتحول إلى ما يشبه مركز 8، خاصةً مع وجود عبد الله السعيد أمامه.
وخاض النني كذلك الكثير من المباريات الدولية كلاعب ارتكاز مع المنتخب برفقة كارلوس كيروش، الذي لم يكن يعتمد على طارق حامد، بل كان يتبادل النني وحمدي فتحي الدور على هذا المركز الذي كان يُؤخذ فيه على النني عدم دخوله في صراعات بدنية كبيرة، بل كان يعتمد بشكل أكبر على الرقابة المناطقية وحماية المساحة أكثر من الدفاع ضد لاعب بعينه وهو ما ينعكس على ضعف أرقامه الدفاعية.
ويمكن ملاحظة هذا الأمر في مباراة الأمس أمام أيندهوفن مثلًا، ففي 62 دقيقة لعبها النني خلال المباراة، لم يقم بأي قطع للكرة interceptions أو أي استخلاص tackle أو بلوك لتسديدة blockes، بينما مرر 21 تمريرة صحيحة من أصل 24 تمريرة بنسبة 88%، مع التأكيد من جديد على أن أسلوب لعبه لا يعتمد بشكل أساسي على ما يجعل الأرقام تتحرك كثيرًا في هذا الصدد.
صحيح أن مروان عطية وحمدي فتحي يعدان خيارات جيدة في مركز الارتكاز في العموم، فإن خبرة عطية ما زالت بحاجة لثقل عند خوض غمار بطولة بحجم كأس أمم أفريقيا ولا يعرف بعد مدى قدرته على تقديم نفس الإجادة والتميز في التمرير تحت ضغط أكبر كالذي يفعله مع الأهلي، أمّا فتحي فصحيح أنه أكثر خبرة من عطية إلّا أنه لم يعطِ انطباعًا جيدًا في أمم أفريقيا الماضية عند لعبه في هذا المركز، خاصةً في لقاء نيجيريا الافتتاحي للمنتخب.
مركز 8
يُعَدّ النني كذلك أحد خيارات روي فيتوريا في مركز المُوزّع أو لاعب "البوكس تو بوكس"، وصحيح أنه لا يجيد متطلبات هذا المركز بالشكل الأمثل فكثيرًا ما يلجأ للخيارات الآمنة في التمرير في وقتٍ يحتاج فيه هذا المركز لبعض الجرأة، فإن العامل البدني لا زال أحد النقاط التي تمنح لاعب أرسنال مميزات يُحبّها المدربون، فهو قادر على الارتداد بسرعة دون تعب أو كلل.
وفقد النني في الوقت الحالي بعضًا من أهميته في مركز 8 بالنظر للخيارات التي لجأ إليها فيتوريا مؤخرًا، لكن مشكلة عاشور الأخيرة مع فيتوريا واعتماد المدرب البرتغالي على أحمد مصطفى زيزو في هذا المركز جعلت باب التكهنات مفتوحًا عمّا إذا كان فيتوريا سيلجأ للعب بالثنائي زيزو وإمام عاشور معًا في هذا المركز، أو دائمًا ما سيفضل اللعب بأحدهما إلى جانب النني ومن خلفهما إمّا عطية أو فتحي.
ويبقى اختيار محمود حمادة واردًا بالنظر لجمعه بين الخصال الدفاعية للنني والهجومية لعاشور إلّا أنه يبدو احتمالًا أقل للعب أساسيًّا حتى في حالة إصابة النني.
ويبقى آخر اختيار لمثل هذا المركز ممثلًا في أحمد فتوح مستفيدًا من تجربته الناجحة جدًا مع مدرب الزمالك السابق خوان كارلوس أوسوريو؛ لكن ما يقف عائقًا أمام مثل هذا الحل ضعيف الاحتمال هو أن فتوح كان يلعب في شكل تكتيكي مختلف جدًا، وكذلك ربما لتفضيل فيتوريا لفتوح على بديله محمد حمدي رغم تقديم ظهير بيراميدز الأيسر أداءً جيدًا جدًا في كل مرة يحصل فيها على الفرصة.
خيارات جديدة؟
في ظل ضيق الوقت الحالي، لا يبدو أن روي فيتوريا سيفكر في خيارات جديدة في حالة غياب النني عن كأس أمم أفريقيا، خاصةً أنه رفض من قبل ضم لاعبين جدد عقب استبعاد الثلاثي المذكور آنفًا، لكن إن حدث فإن الخيارات محدودة ويبقى أقربها لاعب وسط الزمالك نبيل عماد دونغا الذي يمر بفترة أفضل نسبيًا من حالته الكارثية التي كان عليها في فترة أوسوريو، أو في لاعب وسط الأهلي أحمد نبيل كوكا بعد تقديم الأخير لعدة عروض جيدة عندما منحه مارسيل كولر الفرصة، وكلا اللاعبين يستطيع أن يكون خيارًا في مركزي الارتكاز والمحور.
لكن هناك اختيار لم يفكر فيه فيتوريا أبدًا، ويبدو خيارًا واعدًا للغاية بالنظر إلى ما يقدمه حاليًا مع فريقه إيبسويتش تاون وهو سام مرسي الذي يحتل حاليًا مع فريقه الإنجليزي مركزًا مؤهلًا للبريميرليغ الموسم المقبل.
مرسي قائد لناديه الذي سجل معه هدفين هذا الموسم وصنع اثنين آخرين، كما أنه يتمتع بخبرة سابقة مع منتخب مصر قد تُمكّنه من التأقلم بسرعة مع الأجواء ليكون أحد خيارات البرتغالي.
وعلى الأرجح سيجنبنا النني كل هذه التساؤلات وسيكون جاهزًا لغمار البطولة الأفريقية؛ لكنها كانت فرصة جديدة لإدراك كم يفتقد بلد كبير كرويًا على الصعيد الأفريقي كمصر الغزارة في الجودة في مركز خط الوسط منذ سنوات طويلة.