يوفنتوس.. السقوط إلى الهاوية!

2023-02-11 13:03
أزمة كبيرة يعيشها فريق يوفنتوس الإيطالي (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

ماذا يحدث في يوفنتوس؟ هل الأزمة عابرة؟ أم مدبرة بفعل فاعل؟ 
الأجوبة كثيرة، ولكن لا يمكن لها أن تكون دقيقة نظرًا لتشعب التعقيدات التي تغلف القضية. 

يمكن لرئيس النادي أن يقول ما يشاء حول قرار القضاء بخصم نقاط من رصيد الفريق، لكن عليه أن (يلحس) الأرض لأن الاستئناف لا يعني أن (يوفي) سيخرج من تهمة الفساد والتلاعب المالي مثل "الشعرة من العجين". 

ومن السخرية أن (اليوفي) الذي كان سيد الكالتشيو بلا منازع، أصبح اليوم موضع تندر وسخرية من جميع منافسيه وخصومه، وسبحان الذي يغير ولا يتغير، وما أشبه ليلة (يوفي) 2023 ببارحة (يوفي) 2006.

كما لو أن هذا النادي العريق الذي يربض على قمة المدينة الصناعية (تورينو) مدمن فضائح، ومن هواة تلطيخ الشرف الرفيع بأفعال مشينة يتبرأ منها كل مَن له علاقة بالوضوح والشفافية، ففي كل مرحلة يدخل يوفنتوس نفسه بين البصلة وقشرتها، ويحيط نفسه بهالة من الفضائح التي لا تنفع معها مسكنات استقالة الإدارة المتورطة.

الإهانات أصبحت الطبق المفضل لنادي يوفنتوس، فكما تم تهبيطه إلى الدرجة الثانية وتجريده من لقب الدوري الإيطالي على خلفية تلاعبٍ بالنتائج قبل 16 عامًا، ها هو اليوم يعود إلى العادة القديمة ويقحم نفسه في صفقات فساد مالية ضبطها المدعي العام للاتحاد الإيطالي، قبل أن تتحول إلى فضيحة "بجلاجل" بعد قرار القضاء بمعاقبة السيدة العجوز بالخصم النقاطي تارة، وبإيقاف فرسان غسيل الأموال تارة أخرى.

شهرٌ مضى على انفجار فضيحة يوفنتوس، وإيطاليا كلها عن بكرة أبيها تعيش حرب التصريحات من هنا وهناك، فالحديث عن هذه الفضيحة المدوية لم يعد حكرًا على الصحف والفضائيات والمنتديات والمواقع الإلكترونية، بل صار الأمر قضية سياسية بامتياز.

وطالما أن محكمة الاستئناف الفيدرالية قد قبلت طلب المدعي العام للاتحاد الإيطالي لكرة القدم بإعادة فتح المحاكمة الرياضية ضد يوفنتوس، فلا شك أن إدانة السيدة العجوز بالتكسب الرأسمالي غير المشروع مجرد بداية لمسلسل طويل لن تنتهي أحداثه الساخنة والمروعة قبل شهر يونيو/ حزيران القادم.

هذه المرة دخلت السياسة معترك قضية يوفنتوس من بابها الواسع، وانتقلت عدوى إدانة النادي الأشهر والأعظم في بلاد السباغيتي والبيتزا إلى جهات أخرى تلعب "بالبيضة والحجر" في الخفاء، على أساس أن قرار المدعي العام ألقى بظلاله على الطرق الاحتيالية التي تفشّت بين الأندية الإيطالية، ويدفع يوفنتوس ضريبة كل هذا دون غيره.

يخشى نادي يوفنتوس ومحبوه في مختلف أصقاع الكرة الأرضية من النتيجة البائسة التي باتت تتربص كثيرًا بالبيانكونيري، على اعتبار أن زلزال الخصم النقاطي لا زالت توابعه تنذر بعقوبة أخرى تنتظر في مارس/ آذار القادم، بما قد يدفع النادي غير مأسوف عليه للهبوط إلى دوري الدرجة الثانية.

ففي أحدث تهديد علني واضح وصريح أفادت صحيفة "كورييري ديلو سبورت" الإيطالية ذائعة الصيت بأن المدعي العام لاتحاد الدوري الإيطالي لكرة القدم سيطلب مجددًا خصم 20 نقطة عدًّا ونقدًا تضاف إلى الخصم المبدئي السابق 15 نقطة.

ولم تكتفِ الصحيفة بهذا التحذير الذي تحول في إيطاليا كلها إلى سبق صحفي مدهش وضع مستقبل نادي يوفنتوس هذا الموسم على "كف عفريت"، بل إن الصحيفة ذاتها سبرت أغوار العقوبة التي يفترض توقيعها على السيدة العجوز في شهر مارس القادم، وفسرتها على أنها عقوبة جديدة في حق مناورات الأجور، وهي اتفاقيات بين النادي ولاعبيه فيما يتعلق برواتبهم في أثناء تفشي وباء كورونا قبل ثلاثة أعوام.

ويبقى السؤال الذي يطير من رأس كل عاشق ومحب لنادي السيدة العجوز: لماذا يحدث هذا المسلسل المخجل مع يوفنتوس بالذات، و لا يحدث مع ميلان أو إنتر أو روما؟

هل هناك عمليات تربص متعمدة باستهداف خاص لأفضل نادٍ إيطالي؟

وما الجهة التي ضغطت على المدعي العام في الاتحاد الإيطالي جوسيبي تشين ليُصعّد الأزمة إلى محكمة الاستئناف الفيدرالية وإرغامها على إعادة فتح الإجراءات القانونية ضد (البيانكونيري)؟

تدّعي إدارة يوفنتوس المتورطة في قضية الممارسات المالية وما ترتب عليها من مدفوعات للاعبين السريين المزعومة أنها لم تخرق اللعب المالي النظيف، وأن جميع مدفوعات الصفقات منذ جائحة كورونا سليمة.

لاحظوا أن بيان إدارة نادي يوفنتوس بيان إنشائي لا يستقيم عوده طالما وظل البراهين أعوج، وما دام وقعت فأس قرار محكمة الاستئناف الفيدرالية على رأس يوفنتوس بخصم 15 نقطة من رصيده في بنك الدوري، إضافة إلى عقوبة خصم أخرى واردة ومُنتظَرة الشهر القادم، فلا يلوح في الأفق بادرة توحي بأن إدارة (يوفي) ستبطل العقوبة بقرار الاستئناف أو حتى تخفيضها كأضعف الإيمان.

وإذا كان قدر الكرة الإيطالية أنها تلوك الفضائح والتجاوزات بنظام العلكة على خلفية قضايا فساد مهولة، فإن الواقع يؤكد أن الكرة الإيطالية تدور في فلك شبكات مافيا تقتل القتيل وتمشي في جنازته.

وعندما "تتشطر" محكمة الاستئناف الفيدرالية على المدير الرياضي لنادي يوفنتوس فيديريكو تشيروبيني، وتسارع إلى تقديمه كبش فداء وتتغاضى عن الرؤوس الكبيرة، فإنها بهذا الاختزال المؤسف تكيل بمكاييل مختلفة عملًا بالمثل الشعبي: "ما قدرت على الحمار؛ فصبت جام وزبدة غضبها على البردعة".

شارك: