هوس الجماهير يزيد من حدة الضغط على الأرجنتين بمونديال قطر
وسط حالة من الهوس بين جماهير "التانغو" التي تتابع منتخبها بشغف يتجاوز المعقول، تتأرجح الأرجنتين بين النشوة واليأس، حياتها الكروية لا تعرف اللون الرمادي، هي دائمًا بين الأبيض والأسود، تمسك ليونيل سكالوني المدير الفني للتانغو بعبارة رصينة "الشمس ستشرق غدًا، سواء فزنا أم لا" على أمل أن يتحلى الفريق بالاعتدال والهدوء مع بلوغه الدور ثمن النهائي من كأس العالم قطر 2022.
وقال سكالوني بعد الفوز على المكسيك 2-صفر في الجولة الثانية من دور المجموعات "تلقيت رسالة من أخي يقول فيها إنه كان يبكي ولا يمكن أن يكون الأمر كذلك. وكأن الأمر أكثر من مجرد مباراة كرة قدم".
في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، تمسّكت الأرجنتين بخيط رفيع، وهي محاطة بشعور الإقصاء المحتمل من دور المجموعات بعد مباراتين انتهت أولاهما بخسارة تاريخية أمام السعودية 1-2.
وحتّى عندما حرّر ميسي بهدفه الافتتاحي في مرمى المكسيك مجموعة بأكملها، ومن خلفها دولة بأسرها، أظهرت صور التلفاز لاعب الوسط السابق ومساعد سكالوني الحالي، بابلو إيمار (50 مباراة دولية) يذرف الدموع على مقاعد البدلاء.
ردّ سكالوني الذي لم يكن راضيًا عن هذا الفيض الجيّاش من المشاعر "يجب أن يفهم اللاعبون أنها مباراة كرة قدم، وإلا ستكون الأمور دائمًا صعبة. هناك شعور بالارتياح؛ لكن من الصعب جعل الناس يفهمون أن الشمس ستشرق غدًا، سواء فزنا أم لا".
لا يمكن إيقافه
منذ بداية العرس الكروي في قطر حاول سكالوني، بخلاف الأجواء السائدة، تعزيز عوامل الهدوء والاعتدال والحكمة، حيث قال بعد الفوز على بولندا بهدفين نظيفين وبلوغ ثمن النهائي من صدارة المجموعة الثالثة لمواجهة أستراليا في المؤتمر الصحافي الأربعاء "لسنا مرشحين لأي شيء.. نحن فريق سيقاتل؛ لكن يجب ألا نصدق بأننا سنكون أبطال العالم لأننا فزنا الليلة".
لكن سكالوني كان يقف على حافة هوة عميقة، لأن البلد لا يعرف أنصاف الحلول عندما يتعلق الأمر بالمنتخب الوطني، فحتى مع فوز الأرجنتين بكوبا أمريكا على حساب البرازيل في آخر نسخة للبطولة؛ فإن أول مَن استقبل هذا اللقب هو الدموع التي أغرقت عيون الكثيرين من محبي التانغو بسبب الفرحة.
وأكد ليوناردو باليريدي في مقابلة مع وكالة فرانس برس "مشجعو الأرجنتين هم الأكثر فخرًا وحماسةً، لا يتركونك وشأنك أبدًا، في الأوقات الجميلة والأوقات الصعبة، في نهائيات كأس العالم، رأينا ذلك من قبل، أنه حتى لو كان الأمر ثقيلًا من الناحية الاقتصادية بالنسبة للشعب الأرجنتيني، فإن الجماهير تتوافد بأعداد كبيرة إلى كأس العالم ونلاحظهم دائمًا. وهذا لا يمكن إيقافه".
دولة تعاني
شرح دييغو مورسي الحاصل على شهادة دكتوراه في العلوم الاجتماعية في جامعة سان مارتن في بوينوس آيرس والموجود حاليًا في الدوحة لفرانس برس "الأرجنتين دولة تعاني في معظم القطاعات وكأس العالم هي اللحظة التي يشعر فيها الأرجنتينيون بأنهم في موقع مركزي".
وأضاف "كانت هناك قصة بين كرة القدم والأرجنتين. توطدت مع (دييغو أرماندو) مارادونا ثم ميسي. وهذا ما يفسّر الارتباط بين الأرجنتينيين وكأس العالم، خلال المونديال، تصبح كرة القدم الموضوع الوحيد المتاح للنقاش، بخلاف ما يحدث في أوروبا، حيث الارتباط بكأس العالم، هذه البطولة على وجه الخصوص، من دون أدنى شك أقل قوة".
في خضمّ كل ما يحدث، يجد اللاعبون أنفسهم في الوقت ذاته في القمة والحضيض، بين الحماسة والضغط، حيث سيختبرون مرةً أخرى هذا التناقض من الأحاسيس عندما يواجهون أستراليا السبت على مقعد في ربع النهائي، في حين أوضح المدافع ليساندرو مارتينيز "هكذا نحن، متحمسون، متحدون كأرجنتينيين، ولدينا علاقة فريدة مع شعبنا. هناك حب متبادل جميل للغاية".
يبدو أن سكالوني محق، الأحد ستشرق الشمس سواء أفازت الأرجنتين على أستراليا أم لا. ولكن بالطبع سيتوهج قرصها أكثر في حال الفوز! لأن البلد يتنفس عشقًا بالتانغو، ولا يمر الوقت إلا وكرة القدم جزء منه.