لماذا اعتزل أبو غوش صاحب أول ميدالية أولمبية أردنية مبكرا؟

تشارك الأردن في دورة الألعاب الأولمبية "أولمبياد طوكيو 2020" بعدد من الرياضات المتنوعة هو الأكبر في تاريخ مشاركاتها الأولمبية (8 رياضات)، وبعدد من اللاعبين هو الأكبر في تاريخها الأولمبي أيضاً (14 لاعبا)، لكن يغيب عن بعثة الأردن بطل التايكواندو أحمد أبو غوش  إبن الـ25 عاما.

ويعتبر أبو غوش صاحب الميدالية الوحيدة للأردن في تاريخ مشاركاتها بالدورات الأولمبية (ذهبية أولمبياد ريو دي جانيرو 2016) والمرشح الأبرز لنيل ميدالية جديدة في أولمبياد طوكيو 2020 لو كان ضمن البعثة الأردنية لكنه يغيب عن البعثة بسبب إعلانه الاعتزال العام الماضي على خلفية تعرضه للسجن.

وفي التقرير التالي نقدم لكم القصة الكاملة للبطل الأردني أحمد أبو غوش منذ بداياته الرياضية حتى إعلانه إعتزال اللعب:

أول لاعب أردني يحصل على ميدالية اولمبية

نجح أبو غوش في تسجيل اسم الأردن في لائحة الميداليات للمرة الأولى في تاريخ مشاركات المملكة في الألعاب الأولمبية، بعد أن أهدى بلاده أول ميدالية أولمبية في تاريخها، إذ توج بذهبية التايكواندو لوزن 68 كغم في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016.

كانت هذه هي أول ذهبية في تاريخ مشاركات الأردن في دورة الألعاب الأولمبية منذ أن استهلتها في موسكو 1980. وأحدث أبو غوش نقلة نوعية على لعبة التايكواندو، إذ جعل إنجازه جاذبا للاعبين الصغار وجعل من اللعبة "القتالية" واحدة من أوائل اختيارات العائلات لكي تجعل أطفالها يمارسونها لما لها من قدرة على تنمية الثقة بالنفس.

وسبق أبو غوش 3 ميداليات برونزية لم تحتسب وحصل عليها أبطال التايكوندو إحسان أبو شيخة وسامر كمال في أولمبياد سول 1988 وعمار فهد في أولمبياد برشلونة 1992، وسبب عدم احتسابها لأن التايكوندو لم تكن في ذلك الوقت رياضة أولمبية معتمدة رسميا، واعتبرت ميدالياتها شرفية ولا تسجل في قوائم المنتخبات الحاصلة على ميداليات.

أبوغوش، ظهرت موهبته في سن مبكرة ما جعله يتفوق على أقرانه ليحرز بطولة المملكة الأردنية لفئة الأشبال، ليتم ضمه للمنتخب الوطني لنفس الفئة، ليبدأ حصد الميداليات في البطولات الدولية خارج الأردن.

توج أبو غوش بذهبية بطولة الإسكندرية عام 2010 في وزن تحت 45 كغم، وفي ذات العام أحرز ذهبية بطولة غرب آسيا، ثم بطولة كوريا المفتوحة. وتسارعت وتيرة التطوير التي عاشها أبو غوش، لينجح بعد عامين من الفوز بلقب بطولة آسيا للناشئين التي أقيمت في فيتنام، ثم أتبعها بذهبية بطولة العالم في مصر، "وكان العربي الوحيد في تلك النسخة التي حقق ذهبية في البطولة".

طموح لمواصلة الإنجاز

بعد ذهبية ريو 2016 وتحقيق جائزة أفضل لاعب تايكواندو في العالم في العام نفسه أيضاً، أكمل أبو غوش مسيرته وتوج بالعديد من الميداليات القارية والدولية، أبرزها برونزية بطولة العالم عام 2017 وفضية البطولة ذاتها عام 2019.

بعد ذلك تعرض أبو غوش للعديد من الإصابات التي أبعدته عن المنافسة لفترات طويلة، لكن جائحة كورونا، التي فرضت توقف النشاط الرياضي على مستوى العالم لأوقات طويلة منذ نهاية 2019، أعطت الأمل لأبو غوش والجماهير الأردنية من أجل الشفاء والعودة لخوض التصفيات الأولمبية وانتزاع ورقة التأهل.

بيد أن "أبو غوش" أعلن في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 اعتزاله اللعب نهائيا بعمر الـ 24 عاما، لكن قراره لم يشكل مفاجأة لمتابعي الرياضية الأردنية خاصة أن أحداثاً كثيرة حصلت قبل إعلان اعتزال بطل التايكواندو.

ما الذي حصل؟

حسب جهاز الامن العام الأردني الذي أصدر العديد من البيانات الصحفية في ذلك الوقت، فإن "أبو غوش" تعرض للسجن لمدة 80 يوما، وصدر بحقه حكم قضائي بالسجن لمدة 6 أشهر على خلفية قضية جنائية "لا علاقة لها بأي شأن رياضي أو أولمبي"، وأكد الجهاز (في بيان آخر) أن: "كل ما يشاع عن توقيفه لأسباب رياضية أو أولمبية غير صحيح ولا يمت للحقيقة بصلة".

وبعد بضعة أيام من إدانة "أبو غوش"، أصدر جهاز الأمن العام الأردني عفواً خاصاً عنه، وأكد وقتها أن العفو جاء عملاً بروح القانون ومن باب إعطاء الفرصة لـ"أبو غوش" ليتمكن من العودة للانخراط في المجتمع بطريقة سليمة وإفساح الطريق له من جديد للعودة إلى المجال الرياضي: "نأمل أن يكون هذا القرار دافعاً له للتحلي بالانضباط واتباع القوانين وممارسة المواطنة الصالحة".

وأصدر اتحاد التايكواندو بياناً قال فيه إنه لا يعرف دوافع الاعتزال وأسبابه، ويتعذر على الاتحاد التواصل مع "أبو غوش" لأنه مسجون (وقت إصدار البيان)، وأكد أنه لم يتطرق للقضية احتراماً لخصوصية اللاعب، الذي هو أيضاً أحد منتسبي جهاز الأمن العام.

وتحدث بيان الاتحاد عن ضياع فرصة "أبو غوش" للتأهل إلى الأولمبياد بقوله: "أبو غوش فقد فرصته للتأهل المباشر لأولمبياد طوكيو نتيجة تراجع تصنيفه الدولي، بعد الإصابة التي أبعدته عن المشاركة في العديد من البطولات، لكن العمل استمر لتحضيره للمشاركة في التصفيات الآسيوية المؤهلة للأولمبياد".

تفاصيل محاكمة "أبو غوش"

قبل الإعفاء عن "أبو غوش" أدين بـ"تهمة كتم الجنايات والجنح"، وسجلت مديرية الأمن العام دعوى جديدة ضده بـ"تهمة تلقي مساعدات من دولة أجنبية (السلطة الوطنية الفلسطينية)، من دون موافقتها".

وحسب يومية الغد الأردنية التي كشفت تفاصيل محاكمة "أبو غوش" يوم 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 في تقرير لها بعنوان "السجن 6 أشهر للاعب أبو غوش.. والأمن يسجل دعوى جديدة ضده"، فقد جاء في قرار المحكمة، أن "أبو غوش": "كان على علم بوجود قيدين مدنيين لدى أسرته؛ الأول مسجل لدى مديرية الأحوال المدنية والجوازات في العاصمة عمان، والثاني سجل في العام 1996 عن طريق عمه بمديرية الأحوال المدنية في مدينة الزرقاء".

وأدانت المحكمة "أبو غوش" بثلاث تهم، هي: "كتم الجنايات والجنح، ومخالفة الأوامر والتعليمات، ومخالفة المادة (59) من قانون العقوبات العسكري"، وأعلنت عدم مسؤولية "أبو غوش" عن تهم أخرى، منها "الاستعمال المزور"، في وقت كانت بعض التهم مشمولة بالعفو العام (في ذلك الوقت).

وجاء في وقائع القضية، أن والدة اللاعب "أبو غوش" كانت قد راجعت في شهر يوليو/ تموز من عام 2019 دائرة الاحوال المدنية لإصدار وثيقة، وبعد فحص بصمة العين، تبين أن لديها أكثر من قيد مدني؛ ما اقتضى تحويلها وتحويل والده للمدعي العام في محكمة شرق عمان، بتهمة "التزوير".

وبيّن قرار المحكمة أن "أبو غوش" لم يكن يعلم أن هناك رقمي قيد مدني لعائلته"، وكشف القرار أن أحمد أبو غوش مسجل في القيد المدني الثاني، أما اسمه (حمادة) فمسجل فالقيد المدني الأول".

وبين القرار وقائع القضية بقوله إن "أبو غوش": "لم يستخدم سوى الوثائق المعرفة باسمه حاليا، والصادرة عن القيد المدني الثاني، بعد أن علم بذلك مؤخرا، وأن والده لم يتمكن من دخول الأردن لأسباب أمنية، عندما ولد أحمد عام 1996، فأنشأ عمه قيدا مدنيا لأسرة أحمد في الأحوال المدنية بالزرقاء، إضافة إلى القيد المدني المسجل بعمّان، علما أن اسم والدته أيضا، مخالف للوثائق الرسمية الواردة في القيد المدني الأول، وكذلك اسم والده".

أبو غوش يرفض الحديث ومقربون يهاجمون اتحاد التايكواندو

وخلال إعداد هذا التقرير، حاول موقع winwin التواصل مع "أبو غوش" لكنه فضل عدم الإدلاء بأي تصريحات، لكن أحد المقربين من اللاعب أكد لمراسل winwin أن "أبو غوش" تعرض لمؤامرة من داخل اتحاد اللعبة حسب قوله.

وأضاف المصدر المقرب الذي فضل عدم ذكر اسمه: " كنا نتمنى أن يعتبر "أبو غوش" بطلا قوميا بدلا عن محاربته من اتحاد التايكواندو، والذي أدى لتعرضه للسجن وحرمانه من فرصة مواصلة حملة الدفاع عن ذهبتيه الأولمبية"، وختم بقوله: "سيأتي يوم تكشف فيه الأسرار كلها، وسيعرف الجميع السبب الحقيقي لسجن أحمد واعتزاله المبكر بعدأن تعرض لظلم شديد".