كلنا قطر يا إعلامنا العربي!
القلم أداة قوية في يد صاحبها يحرك به المشاعر، يعبئ به القوى، يفجر به الألغام، يدافع من خلاله عن قضايا حساسة بدافع المواطنة وروح الانتماء للعروبة، فالقلم مُفعم بالأحاسيس والمشاعر ما لا تملكه بعض القلوب.. صحيح أن القلم جماد، لكن حين يسطر لنا ما يخالجنا بصوت صريرهِ عند الكتابة، وما يخطه من حروف وكلمــات، قد تعجز بعض الأفواه عن قوله.
ولست وحدي من يعشق القلم، لأن حمل القلم ليس حكرًا عليَّ، فالكثير غارق بعشق المحبرة والورق، هناك أقلام، حينما تكتب كأنك تقطف الورد من بستان قد فاح عبيره، من شخصية فذة في الإبداع وحسن المظهر بالأخلاق، فنحنُ نرسم على محيانا ابتسامة رضى عندما نتذوق بصدق مداد حروفهم متوجه بإبداع قلم.. ما يُقال عن القلم ينطبق على كل مشتقات الصحافة (المطبوع والمذاع، الإلكتروني، الرسمي، والخاصّ)..
سقت هذه المقدمة لما تتعرض له الدوحة من هجمات عنصرية ممنهجة، منذ أن تقررت إقامة مباريات كأس العالم على أراضيها إلى حدود كتابة هذه الأسطر.
دول ومنظّمات استخدمت «معلومات كاذبة» و«شائعات» بهدف «تشويه سمعة قطر بادّعاءات مضلّلة عمداً»، فهم لا يريدون السماح لدولة صغيرة، دولة عربية، دولة مسلمة، أن تنظّم كأس العالم، فهم على بيّنة تامّة من الإصلاحات التي حصلت، لكنّهم لا يعترفون بها لأنّ دوافعهم عنصرية محضة، ومتخوفون من كل هذه النجاحات، لأنهم يخفون الحقيقة وراء خيوط أَوْهَى من خيوط العنكبوت، وسيُرفع الستار عن مسرحيتهم، وسيشهد العالم وجماهيره التي ستحتج بقوة لقطر أن «القلة العنصرية» التي تجتهد للإساءة إلى قطر لا تعبر عن آراء الجمهور الغربي التواق لمتابعة هذه البطولة، وسوف يكتشف الجميع أن الإساءات التي تم توجيهها لقطر لم تكن في غير محلها فحسب، وإنما كانت تنطلق من أسباب عنصرية بحتة ضد بلد لطالما آمن بالسلام، وكانت له إسهاماته الكبيرة والفريدة، لإشاعة أجواء من الأمن والاستقرار حول العالم.
فهم يعرفون أنها فرصة لتقديم الأنموذج العربي الحضاري للبشرية، وسينكشفون وهذا هو بيت قصيدتهم.. هل تعلمون أن هناك مليارات تُنفق سنوياً لتشويه صورة العرب وديننا حول العالم؟ لذلك أعتقد أن أمامنا فرصة لإظهار الحقيقة لشعوب العالم.. أننا هنا ولا فرق بين ما تقدمونه وتنظمونه، وبين ما ستقدمه قطر للعالم.
للأسف، تابعت بعض الأقلام الشاذة ممن تدعي العروبة، تنفث سمومها، بحبرها الملوث بداء السعار، ويغذيه أعداء النجاح ممن ألفوا الخوض في المياه العكرة، ويكنون العداء لكل عربي ناجح، ولكل دولة تشق طريقها وتقارع الكبار وتكسر كل الصور النمطية وحواجز التصنيف، إنها لوبيات مُسخرة، منها (من يتكلم عربي!) وبتفويض غربي.
وهكذا، بعدما استنفدت الأذرع الإعلامية الغربية كل الذخيرة التي تملكها حول حقوق الإنسان والمثليين والعمال والمناخ، واستغلت كل ما يمكن استغلاله من أجل إرباك الاستعدادات الكبيرة التي حققتها الدوحة لتجعل من المناسبة الرياضية واحدة من أنجح وأفخم المناسبات التي عرفتها كأس العالم عبر التاريخ.
استبشرنا خيرًا بعدما توحد العرب خلف دولة قطر، شيء جميل، خلال القمة العربية بالجزائر.. لكن إعلاميًّا وبالرغم من دعم وزراء الإعلام العرب، لم يفِ الإعلام بوعده، وظل كلامًا مسكنًا، وشعارًا فضفاضًا، ولم يراوح مكانه.
تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى (صدق الله العظيم).
القلم كاسح ألغام
كان علينا نحن حملة الأقلام العرب، أن نوضح للعالم أجمع أن العرب جميعهم مع قطر في هذا المونديال التاريخي، وأنه مونديال لكل العرب.. فماذا هم فاعلون؟
وتظل أقلامنا جاهزة، صامدة فمع ازدياد الحملات التحريضية على قطر شراسة، نزداد نحن قوة وصلابة وتصميماً على التصدي لها بالأفعال والإنجاز في الميدان.. حملة مسعورة بدأت تحت مسميات مختلفة منذ فوز قطر باستضافة كأس العالم.
لكن ما يحز في نفسي ونفسك، ويؤلمني ويؤلمك، ويمزق أشلائي وأشلاؤك، يا عربي يا مسلم، وقوف بعض الإعلاميين العرب دور المتفرج فيما تقوم به صحافة الغرب، من نشر للأكاذيب والادعاءات الباطلة، فهم يقرأون ويتلذذ بعضهم بما يكتب من أباطيل دون أي ردة فعل يترجم روح الانتماء بالعروبة، فقطر ليست بحاجة إلى من يدافع عنها هذه حقيقة، لأن لها آلياتها الإعلامية، مؤكدة حضورها شكلاً ومضموناً، لكن سكوت بعض الإعلاميين الرياضيين، وغير الرياضيين من العرب، هو في حد ذاته مؤامرة، لأن أخطر مؤامرة هو الصمت والكتمان!
كان حريا بنا نحن معشر الإعلاميين الرياضيين العرب، كلٌ في موقعه، أن نتخندق دفاعًا عن أكبر المكتسبات التي منحتها قطر للعالم العربي، وجعلته يتنفس الصعداء بتنظيم تظاهرة كونية، اشتدت فيها المنافسة بين أعتى الدول العالمية، ونقول للجميع نحن عرب ونفتخر بما حققته قطر.
لم يبقَ على انطلاق الحدث الرياضي العالمي إلا أيام، ويعلم أعداء النجاح أن النسخة ستكون ناجحة؛ لأن البلد المنظم قد حشد لها كل أسباب التميز، بل إن هذه البطولة سترسم للعبة العالمية سقفاً سيكون من الصعب على الدول المضيفة مستقبلاً أن تبلغه.
من جهة ثانية، برز جلياً للجميع أن الشعارات الكاذبة التي رفعتها الأذرع الإعلامية الغربية ليست في الحقيقة إلا محاولات يائسة من أجل التأثير في سير اللعبة، وتشويه التجربة الجديدة، ومحاولات انتحارية ليس إلا..
قرأت قبل أيام تعليقًا يقول إنّ قطر ليست مُستعدةً فكريًا وثقافيًا لاستضافة كأس العالم. هل هذه العنصرية مقبولة في أوروبا في القرن الحادي والعشرين؟ كرة القدم ملك للجميع. إنها ليست حكرًا لنادي النخب. 450 مليون عربي مسرورون لأنّ بطولة كأس العالم تُقام أخيرًا في منطقتهم.
علينا أن نوحد إعلامنا العربي للتصدي لكل موجات ادعاءاتهم وتربصاتهم بقطر العربية، ولكل من سولت له نفسه النيل من عروبتنا وأمتنا الإسلامية، فالممارسات الصحفية عليها أن تُقاد أولاً بالضمائِر والمواثِيق الأخلاقية الصحفية، التي تعلو قيمة وأثراً على كل شيء.
فقلبي مع علي.. وسيفي مع معاوية.. سياسة ولّى زمنها.
وبه وجب الإعلام.