قضاة الملاعب تحت التهديد! 

تحديثات مباشرة
Off
2023-04-16 13:26
طاقم التحكيم يتوسط قائدي الجوية والكهرباء (Kahrabaa.SC-Facebook)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أمر مؤسِف ومُقلِق ما يتعرّضُ له قُضاة ملاعب كرة القدم من إساءات وإهانات وتهديد بالموت أيضاً إذا ما شَردَ ذهن أحّدهم وأعلن عن قرارٍ غير صحيح أو تحلّى بالشجاعة ومنح ركلة جزاء يُصعب إطلاق صفّارة تأكيدها ببضعة ثوانٍ، سُرعان ما يُهاجَم من الفريق الخاسِر، وكأنّه ارتكبَ جُرماً شنيعاً لا يستحقُّ الحياة في نظر المُهاجمين.

ما يُعانيه التحكيم العربي خاصّة والعالمي عامّة، من ردود أفعال لا تتناسب مع أجواء التنافس بمبدأ اللعب النظيف الذي رفعهُ الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ تأسيسه، يُبرّر البحث عن بدائل واقعيّة تجنِّب الحُكّام الضَررَ، لا سيما أن العديد منهم يشعرُون بعدم احترام شُركاء المباراة (الإداري والمدرب واللاعب والمُشجّع) لوجودهم بصفة (أسياد الساحة) نتيجة ضعف القرارات الانضباطيّة الصادرة بحقّ المُعتدين والتي غالباً ما تُكبِّلها العلاقات الشخصيّة أو الضغوط الانتخابيّة لاتحاد الكرة من طرف هذا النادي أو ذاك! 

ما جرى في سوريا والعراق (مثالاً وليس حصراً) خلال شهري فبراير الماضي وأبريل الحالي يقودنا لمناشدة الفيفا للبحث عن حلول مُجدية تحمي الحُكّام، وتحفظ كرامتهم، وتُعزّز القرار السديد، وتضمن سير المباراة من دون منغّصات فوق المدرّجات أو داخل المستطيل الأخضر. 

فلجنة انضباط الاتحاد السوري أوقفت لاعب الجيش والمنتخب أحمد صالح مدى الحياة بعدما انفعل بشدة في وجه الحكم وقام بركله (عدّة مرّات) أثناء مباراته مع الوثبة في الجولة 11 يوم 3 فبراير 2023، وفي الدوري العراقي شهدت مباراة فريقي القوّة الجويّة والكهرباء ضمن الجولة 23 يوم 9 أبريل 2023، حيث توجّه عضو إدارة نادي القوّة الجويّة حمادي أحمد ولاعب الفريق والمنتخب إبراهيم بايش لمُهاجمة الطاقم التحكيمي بقيادة الدولي مهند قاسم، وتلفّظا بكلمات قاسية ونابية، وأخذا بالتهديد والوعيد، وحاول اللاعب ضرب الحكم في صورة بعيدة عن الروح الرياضيّة كالتي تناولها تقرير لجنة الانضباط الذي قرَّر حرمانهما من دخول الملاعب لمدة سنتين.

ربّما أوجزنا سرد حادثتي ونتائج التحقيق في ملعبي "الباسل" بمدينة حمص و"ملعب الشعب الدولي" بالعاصمة بغداد، ليأخُذ الآخرون العِبرة منهما بأن الرياضة أخلاق أوّلاً قبل أن تكون مهنة للمُحترفين، وهي عالم فسيح يُنمّي العلاقات البشريّة بإطار إثبات التحدّيات كدول مهتمّة في ألعاب مختلفة ومنها كرة القدم، لا تخرج عن إطارها الودّي في التعبير عن الصداقة والمحبّة والسلام، وإن دعتها بعض البطولات للاستئثار ببطاقات التأهّل، يبقى التآلف هو دافعها للمشاركة، فما بالنا ونحن نتحدّث عن أبناء بلدٍ واحدٍ يخرج بعضهم عن المألوف ويرمي نفسه في دائرة الشُبهات كمواطن غير صالح بسلوكهِ ويستحقُّ العِقابَ ليتعلّمَ ويندمَ قبل أن يعتذر.

غريب جداً أنّ مَن يُمثّل المنتخب الوطني يُصاب بالغرور والتعالي والتميّز عن المواطنين، وتراهُ لا يقبلُ أن يوجِّه لهُ الحكم الكارت الأصفر ويتعامل معه بكراهيّة وحِقد وانتقام!.. كلا هذه ليست صفات اللاعب المُستقيم رمزيّةً وخُلقاً وأدباً مهما كانت منجزاته، فكُلّما يرتقي منصّات التتويج يتواضع ويجبر الناس على احترامهِ لا النفور منه.

إن الاتحاد الدولي لكرة القدم مُطالب بدراسة ظواهر الاعتداء والبصق والشتيمة والضرب والتهديد والتجاوز بحركات مشينة ضد الحُكّام، ويمكنه الاطّلاع على ملفّات تقارير لجان الانضباط في الاتحادات الوطنيّة التي لم يجرؤ في يومٍ ما على طلبها من خلال لجان متخصّصة لبحث كيفيّة حماية الحُكّام بإجراءات مُشدَّدة على الاتحادات ذاتها حينما تهملُ متابعة مصير حُكّام الدوري وتكتفي بإعلان نتائج التحقيق في حوادث متباينة الظروف!

ما يُشجّعنا على مطالبة الفيفا بالانتباه للموضوع هي سياسة رئيسه جياني إنفانتينو ودعمه للحُكّام، وينأى عن لومهم باتخاذ قرارات غير حكيمة أحياناً، بل كان ولم يزل محفِّزاً لهم في أصعب المِحَن، وسبق أن قالَ عبارة شهيرة عند استقباله 129 حكماً وحكماً مساعداً وأعضاء فريق التحكيم بتقنيّة الفيديو قبل بدء مونديال قطر 2022: "أنتم فريقنا.. بل أهم فريق في البطولة لأنه بدونكم لن تكون هناك كرة قدم ولا كأس العالم" ولم يتورّط (إنفانتينو) في نقدهم قط -ولو من باب المزاح- بعكس سلفه جوزيف بلاتر عندما تماهى مع آراء بعض المتضرِّرين من ردّات فعل الحكم الروسي فالنتين إيفانوف الذي يحتفظ برقم قياسي بعدد الكروت التي أخرجها (16 صفراء و4 حمراء) خلال لقاء البرتغال وهولندا في الدور الثاني من نهائيّات مونديال ألمانيا 2006، قائلاً: (كان يتوجّب على إيفانوف أن يُشهر الكارت الأصفر لنفسه أيضاً) ثم اعتذر له لاحقاً.

ترى هل نجد الحلول الآمنة كي يُطلق حُكّام الكُرة صفّاراتهم بقوّة لحماية القانون مثلما يُتابع رفاقهم تقنيّة الـ VAR لضمان الحُقوق في غُرف مُحصَّنة؟!
 

شارك: