عن منتخب المغرب نتحدث.. أهو غرور أم حالة أسد يمرض ولا يموت؟

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-06-19 14:06
المنتخب المغربي لكرة القدم يعاني قاريًا بعد تألقه عالميًا (frmf.ma)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

جميع المغاربة على الإطلاق عبروا عن رضاهم على أداء الأسود الذين كانوا في مستوى الحدث العالمي كأس العالم قطر، وأبانوا عن علو كعبهم وأعلنوا عودتهم القوية إلى حلبة المنافسات ومقارعة الأقوياء وتغنى الجميع بهذا الإنجاز التاريخي.

لكن بعد الأداء المتواضع أمام جزر القمر في لقاء إعدادي، والباهت ضد جنوب أفريقيا برسم إقصائيات كأس أفريقيا للأمم، دخل المغاربة مرحلة شك وبدأوا يطرحون أسئلة كبيرة وعريضة، هل هي الأسود نفسها التي زأرت بالدوحة أمام منتخبات عالمية هي التي أمامنا؟ أم أنها أسود تمر بحالة مرضية عابرة؛ لكنها لا تموت؟!

"الكوتش" وليد الركراكي كان صريحًا كعادته وهو يعلن أمام الصحافيين، عن استيائه للمستوى المتدني الذي ظهر به لاعبو الفريق الوطني أمام منتخب الرأس الأخضر.

وبنبرة حزينة وغاضبة استشعر وليد الخطر ودق ناقوس الانتباه، مؤكدًا: "مباراة الرأس الأخضر إنذار لنا كي نعرف ماذا ينتظرنا، هذه فرصة مهمة لنعمل على ترتيب الأوراق، صحيح أننا نسعى لمنح الفرصة لبعض اللاعبين لكن المستوى العام لم يكن مرضيًا، نعتذر من الجماهير ونعدها بالأفضل".

لكنه في مستودع الملابس، صب الركراكي جام غضبه على اللاعبين، وقال لهم: "أرجوكم لا تخذلوا الجماهير التي تهتف بأسمائكم وتتغنى بعطاءاتكم وتضع صوركم في بيوتها وهواتفها، بادلوهم الحب بالانتصار".

لكن للأسف الشديد لا نرغب في إسقاط الاستصغار من قواميسنا، فعادة ما يستصغر اللاعب المغربي الفرق المغمورة فلا يستعد لها بما يكفي، وغالبًا ما يعتبرها مباراة إعدادية، حتى نتفاجأ بصفعة قوية توقظنا من هذه الآفة؛ لأنها حالة مرضية أسقطت العديد من المنتخبات، وأتت مباراة جنوب أفريقيا لتكشف حقائق أخرى، وتزيد في طين المنتخب بلة، وتضع الركراكي أمام المحك.

فالتواضع هو الطريق الوحيد للنجاح والاستمرار في النجاح، وإن الثقة إذا زادت عن حدودها تتحول إلى غرور وتكبر، وكل الأخطاء تبدأ دائمًا من خانة التكبر.

وكم أخشى على المنتخب المغربي لكرة القدم الآن (لاعبين ومدربين) من الغرور والتكبر بعد الانتصارات الخالدة في مونديال قطر.

للأسف.. ما أتابعه الآن على الصفحات والشاشات وفي مواقع التواصل الاجتماعي يحمل مخاطر كثيرة لتسرب غرور قاتل إلى نفوس الكثيرين، وهو فيروس مدمر إذا انتشر.

المنتخب الحالي هو الأفضل في كرة القدم المغربية منذ عدة عقود على الصعيدين الفردي والجماعي هذا أمر واضح، وحقق نتائج جيدة في  كأس العالم قطر، وارتفع مستوى أدائه إلى مصاف دول كبرى في كرة القدم، ولديه الآن مجموعة من العناصر الموهوبة والمؤثرة أمثال بونو وزياش وأمرابط وحكيمي وأوناحي والنصيري وغيرهم من الأكفاء؛ لكن كل تلك العناصر الإيجابية تحتاج أولًا وأخيرًا إلى التواضع في الأداء ليتحقق لها الانسجام في اللعب والتوفيق في النتيجة.

وما يحدث الآن من عزف دائم في كل مكان على أوتار النجاح الفائق والكمال في أداء الأسود وانتظار الكأس المضمونة في أمم أفريقيا القادمة يمثل إنذارًا مخيفًا لغرور يسبق السقوط.

فلا وجود لشيء مضمون في عالم الرياضة وفي كرة القدم، ولكنني سآخذكم إلى منتخبات أقوى وأمهر ذهبت إلى بطولات دولية باستهتار بالغ فكان الأمر وبالًا عليهم ونتائجهم أكثر سقوطًا.

منتخب البرازيل الذي سافر إلى مونديال إسبانيا 1982 مكتظًا بأمهر لاعبي الكرة على مر العصور، زيكو وسقراط وفالكاو وشيريزو وجونيور، خمسة من العمالقة الذين يمكن لواحد منهم فقط أن يرجح كفة أي فريق، وبالفعل التهموا كل منافسيهم في الدور الأول ثم أطاحوا بالأرجنتين ومارادونا في مطلع الدور الثاني، ووصلوا في الغرور إلى الذروة فأسقطهم لاعب إيطالي واحد اسمه باولو روسي وهزمهم 3-2 وأطاح بهم من المونديال، ولو تكررت البطولة مئة مرة ولو أعيدت المباراة مئة مرة لما فازت إيطاليا ولما خسرت البرازيل اللقب؛ لكنه الغرور الفيروس القاتل.

أخشى كثيرًا على المنتخب المغربي من فيروس الغرور الذي يسري الآن تحت رعاية غريبة من خبراء وأنصار سعداء بالمستوى العالي للأسود عالميًا وقاريًا، ولكي ندرك خطورة ذلك الوباء أدعو الجميع إلى إعادة مشاهدة لقاء جنوب أفريقيا، وتابعوا بإمعان وتركيز كيف لعب أغلب لاعبي المنتخب المغربي، وكيف تركوا الأداء الجماعي الذي رفع شأنهم في المونديال إلى الأداء الفردي الذي يدمر أي عمل في أي زمان ومكان.

لأن المرض الذي ينخر عطاء اللاعب هو الغرور والعيش على حلاوة نتائج سابقة، ومحاولة إثباث الذات كيف لا؟ ونحن على أبواب الميركاتو!

لا يمكن تحميل اللاعبين أو حتى المدرب مسؤولية الخسارة؛ فالكرة ربح وخسارة والمباراة تلعب على أدق التفاصيل والأخطاء واردة وبها يصنع الفارق في مثل هذه المنافسات، لكن مع ذلك يجب تقييم العمل والوقوف على ما ارتكب من أخطاء حتى لا تتكرر، والتي كان لها تأثير كبير في معاناة عشاق الأسود.

أخطاء تجلت في كون الأسود ما زالوا يعيشون في عسل إنجازات قطر، فعلًا قطر كانت دائرة الضوء وأنارت الطريق للسير قدمًا لقطع أشواط أكبر، لكن علينا أن نواصل مسيرة الإنجازات بكفاح ونضال ولا نعود من منتصف الطريق.

فالمنافسة في القارة الأفريقية مختلفة، وقد تعلم الإطار التقني للأسود كثيرًا من هذه المباراة، ووجب عليهم التعافي سريعًا بعد هذه المباراة.

الخلاصة المهمة في المباراتين السابقتين هي رؤية أسماء أخرى، هناك من كان الركراكي سعيدًا لمردوده، وهناك آخرون ممن حدث العكس معهم، وفي سبتمبر القادم تدعو الضرورة القصوى ليكون المنتخب المغربي جاهزًا لكأس أمم أفريقيا في ساحل العاج.

كلامي الأخير 

رئيس الاتحاد المغربي، فوزي لقجع، وهو رئيس لجنة المنتخبات ستكون له وقفة صريحة مع الأطقم التقنية للوقوف على هذه المعطيات حتى لا تتكرر، نعم لم تقنع  الأسود في اللقاءين الأخيرين؛ لكن في المحصلة منتخب فتي يحمل آلام وآمال المغاربة وقادر في الأيام القادمة أن يصنع التاريخ ما دامت خزائن نجوم المغرب لا تنضب، وما دامت الروح الوطنية مغروسة في الأشبال الواعدة.

يلزمنا الكثير من العمل فلا هامش للخطأ ولا مجال للصدفة فالبناء والتنظيم والعطاء لا بد أن تكون نهايتهم التوفيق.

شارك: