طموح حكامنا العرب على المحك في مونديال قطر!

2022-10-31 23:01
ماسيمو بوساكا وبيير لويجي كولينا المسؤولان عن التحكيم في الفيفا (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أصبحنا على بُعد أقل من 3 أسابيع على انطلاق أكبر بطولة بقطر، وحتى موعد كتابة هذه الأحرف "يوم الإثنين، ما زال الضجيج والاحتجاج مستمرين على التحكيم ببعض الدوريات العربية، وخاصة في الدوري المغربي، مع نهاية كثير من المباريات.

مشهد مهاجمة الفريق الخاسر لحكم المباراة ومحاصرته من المدربين واللاعبين يعكس منظرًا غير حضاري في الدوري المغربي، حتى في أثناء مجريات المباراة اعتراضات لا تتوقف من الإداريين بطريقة مبالغ فيها. وهو الأمر الذي يسيء لتحكيمنا عمقًا وجوهرًا؛ لأنه كما الأعين شاخصة على تحضيرات المنتخبات المؤهلة، فإن الأعين تتابع باهتمام التحكيم والحكام، وهل الحكم مؤهل للتحكيم في هذه البطولة الكونية أم لا، ولو كان قاضياً في منصة الـVAR.

مسألة الأخطاء التحكيمية قاعدة عامة في العالم لكنها تختلف، فهناك أخطاء لا يمكن القفز عليها مهما حاولنا غض الطرف عنها ومهما حاول البعض تبريرها واعتبارها من ضمن عناصر اللعبة. وهناك أخطاء أخرى تتعدى حدود الأخطاء التقديرية، وهذه حقيقة.. فهناك أخطاء تجاوزت المقبول، وتخطت القوانين، ومنها ما كاد يدخلنا للجان النزاعات في الاتحاد المغربي والدولي.

ومع أن اتحاد الكرة المغربي وفّر كل ما هو متاح في سبيل دعم جهاز التحكيم، وكان من أوائل الاتحادات التي استعانت بتقنية الفار في المنطقة سعياً منها لتقليل الأخطاء قدر الإمكان، إلا أن جميع تلك المحاولات كانت بلا جدوى، واستمرت الأخطاء، حتى تسبب بعضها في تغيير مجريات المباريات وأثر في المسابقات المحلية. وهو الأمر الذي جعل البعض يشن حملة شعواء على الحكم خاصة على منصات التواصل الاجتماعي.

وقد طال سيل من الانتقادات الحكم رضوان جيد (في لائحة حكام الـVAR بقطر)، بعد أن كان حكمًا رئيسيًا لتقنية الفيديو في المواجهة النارية بين الوداد الرجاء المغربيين. فبأي نفسية سيقود لقاءات كأس العالم 2022؟

والحضور في هذا الحدث الكروي البارز يمثل الكثير بالنسبة إلى الحكام، وحلم لطالما كانوا قد انتظروه، فضلًا عن أن كأس العالم هي أفضل بطولة يتمناها أي حكم".

حضور محتشم لحكامنا العرب

التحكيم من أهم مقاييس نجاح أي مباراة أو بطولة مهما كان مستوى الأداء، ونحن على أبواب بداية المونديال في قطر، وينتظر عشاق الكرة في العالم انطلاق هذه البطولة العالمية بفارغ الصبر، لما يتوقعونه من إثارة ومتعة وتألق للنجوم، خاصة أن قطر وفرت كل الظروف لإنجاح هذه البطولة بكل المقاييس.

وبما أن التحكيم في جميع المنافسات الرياضية له دور مهم في تحقيق العدالة، فاختيارات لجنة حكام الفيفا تم بناء على جودة هؤلاء الحكام وأدائهم في بطولات الفيفا وباقي المنافسات الدولية والمحلية في السنوات الماضية بعد كأس العالم روسيا 2018.

ومن جديد تطل علينا الفيفا باختيارات عربية محتشمة وهو تقصير في حق التحكيم العربي، وللأسف فالحضور التحكيمي العربي ضئيل و"لا يعبر عن الكفاءات العربية الموجودة في مجال التحكيم".

مشاركة الحكام العرب بمونديال قطر، تتجسد بحضور 3 حكام ساحة من بين 36 حكما، و7 حكام مساعدين من بين 69، وهذا يجعلنا فخورين بالحكام العرب المشاركين بمونديال قطر 2022، لكن هل نحن راضون كعرب عن هذه الأرقام التي تنم على النظرة الدونية للتحكيم العربي؟ هل سيكون دور حكامنا من جديد تأثيث ما رسمه وهندسه كولينا، الذي يجعل حكامنا "كومبراسا" في المشاهد الأولية ثم لا يظهر لهم أثر في اللقاءات الحاسمة المتبقية.

آن الأوان ليكون للحكم العربي أدوار متقدمة في نهائيات المونديال ويكون فاعلًا أساسيًا، وهذا هو بيت القصيد، ونرجو أن نرى القطري عبد الرحمن جاسم، أو الإماراتي محمد عبد الله، أو الجزائري مصطفى غربال المشاركين في مونديال قطر يحكمون في مباريات الأدوار المتقدمة في البطولة، وأن نجد حكام الـVAR حاضرين بقوة في اللقاءات الحاسمة، وألّا نرى حكامنا يؤدون أدوارا محسوبة في صمت لينمحي أثرهم لاحقاً!

المتوقع هو استمرار سياسة كولينا بعدم الاعتماد على الحكام العرب بشكل كبير في قطر كما حدث عندما تولى المسؤولية في مونديال روسيا، وهي ضربة موجعة جديدة ستُوَجّه للتحكيم العربي.

ويبقى دائرة الضوء الحكم العربي الوحيد الذي يتوقع أن يُدير مباريات كبيرة هو عبد الرحمن الجاسم، ليس لأنه يمثل البلد المضيف فقط، بل لأنه أصبح من كبار حكام آسيا، وأجاد في المباريات الكبيرة التي اعتمدت الفيفا والاتحاد الآسيوي عليه فيها، وأبرزها نهائي كأس العالم للأندية 2019 التي تُوج بها ليفربول الإنجليزي، كما سبق وشارك في مونديال روسيا أيضًا.

حتى لا ننسى سعيد بلقولة

التحكيم العربي سيظل شامخًا بالرغم من التهميش الذي يطاله في كأس العالم أبى من أبى وكره من كره، فحكامنا العرب تركوا بصمات مشرفة وسمعة طيبة عالميًا، منذ سنة 1966 مع الحكم المصري قنديل، كونه أول حكم عربي بالمونديال.

إلى أن أتى الحكم الدولي المغربي الراحل سعيد بلقولة العام 1998، حيث أدار المباراة النهائية بين فرنسا والبرازيل بكفاءة عالية، ليحمل مشعل التألق، ويحول صافرته البرونزية إلى ذهبية ويُشرِّف العرب.

وما زالت الأجيال تتناقل وتستعيد ذاكرة إشهاره البطاقة الحمراء في وجه زيدان أمام الرئيس الفرنسي والضغط الجماهيري القوي عليه، لكن شخصيته جعلته يتخذ قرارات صارمة وجريئة، والأدهى من هذا أن البرازيل لوَّحت بالانسحاب قبل لقاء النهاية لتعيين الفيفا لحكم مغربي عربي! وأمام كل هذه الضغوطات حكم الحكم بلقولة، وكان عادلا، وتمت الإشادة به. وكان البرازيليون متخوفين من انتقام بلقولة بعد الإطاحة بالمنتخب المغربي، وتآمرهم عليه في لقاء البرازيل بالنرويج، الذي وصف بلقاء المؤامرة.

ونأمل أن يقود الحكام العرب المباريات التي سيقودونها بقطر، بكفاءة واقتدار وثقة عالية؛ لأن ذلك ينعكس على سمعتهم وسمعة بلادهم بشكل كبير، وعلينا كعرب.

نحن لا نقلل من القيمة المهنية للحكام العرب، فمنهم من يمتلك مؤهلات التحكيم على المستوى القاري والدولي، ومع ذلك لا بد من تحديث وتطوير المؤهلات التي يجب أن تتوفر بالحكام؛ لأن من شأن التحكيم الجيد الارتقاء بالساحرة المستديرة على مستوى الفرجة واللعب والتطبيق والتشجيع الرياضي المطلوب، وهذا في اعتقادي ما يمكن أن يسهم به التأهيل الأكاديمي العربي والدولي.

وفي هذا الإطار، على اتحادات الكرة مسؤولية التدخل للرقي بالتحكيم الذي يرهن تطور الكرة في كل المسابقات. والاتحاد العربي للتحكيم مطالب كذلك بتبني الكفاءات العربية وتنميتها وتدريبها وتأهيلها للمشاركة بمونديالات كأس العالم المقبلة، ومن هنا سيتم الحصول على فرصة المشاركة بشكل أوسع في بطولات كأس العالم المقبلة.

آخر الكلام

ننتظر تألقكم يا حكامنا وكل الثقة في إمكانياتكم وحنكتكم وخبرتكم فقد بدأتم فترة الإحماء منذ أشهر لتكونوا وازنين في أحلى مونديال، لأن كل الطرق تؤدي إلى قطر العالمي. والله تعالى الموفق.

شارك: