رحبوا معنا بالمدرب الفاشل

2023-01-05 12:16
المدير الفني البرتغالي جوسفالدو فيريرا (يسار) يخوض فترته الثانية مع نادي الزمالك المصري (Getty)
علاء عزت
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"إللي تعرفوا أحسن من إللي ما تعرفوش" ، مثل شعبي مصري يؤمن به جدًا القيادات المسؤولة عن إدارة الاتحادات والأندية الرياضية في مصر، وهو الإيمان الراسخ الذي جعل رؤساء ومسؤولي الأندية يربطون مصير فرق أنديتهم في دائرة مغلقة عند التعاقد مع أي مدرب.

واللافت أن أغلب الأندية عندما تتعرض فرقها للفشل وتبدأ رحلة البحث عن طوق الإنقاذ من خلال التعاقد مع  مدرب جديد، يفاجئ الجميع بأنها تختار مدربًا سبق له تولي قيادة المهمة من قبل ورحل بعد فشله الذريع.

وهي الظاهرة التي جعلت الأندية والمدربين يلعبون معًا وفيما بينهم لعبة الكراسي الموسيقية، حتى أنه قبل موسمين تصادف تعرض ناديين وهما أسوان وحرس الحدود للهزيمة في يوم واحد، وباتا مهددين بالهبوط لدوري الدرجة الثانية، وأمام ثورة الغضب الجماهيرية وبسبب فشل المدربين أعلن الناديان في توقيت واحد إقالة المدربين، وفوجئ الجميع بتعاقد نادي أسوان مع مدرب حرس الحدود، فيما تعاقد حرس الحدود مع مدرب أسوان المقال من منصبه وسط دهشة الجميع، وكانت النتيجة هبوط الناديين معًا.

أما الظاهرة الجديدة تتمثل في تعاقد الأندية مع مدربين سبق لهم أن تولوا المهمة في ذات النادي ورحلوا دون تحقيق أي نجاح، هو ما حدث على سبيل المثال في نادي بيراميدز الذي تعاقد للمرة الثانية في منتصف الموسم الماضي مع المدرب اليوناني تاكيس جونياس قبل أن يقرر الاستغناء عن خدماته بعد الهزيمة الثقيلة التي مني بها الفريق أمام الأهلي بثلاثية نظيفة، ومن قبل السقوط أمام الزمالك، وابتعد الفريق المدجج بالنجوم الدوليين الكبار عن المنافسة في كل البطولات المحلية مبكرًا، ورحل بنفس سيناريو رحيله في المرة الأولى.

ويدرس النادي التعاقد مع مدربين أجانب سبق لكل منهم خوض بعض التجارب الناجحة وأغلبها فاشلة مع الأندية والمنتخب المصري، منهم على سبيل المثال الفرنسي باتريس كارتيرون المدير الفني الأسبق للأهلي والزمالك، والتونسي معين الشعباني الذي لم يكمل مهمته مع النادي الإسماعيلي في الموسم الماضي وتم الاستغناء عن خدماته بداعي الفشل، والأرجنتيني هيكتور كوبر المدير الفني الأسبق لمنتخب مصر والذي قاد منتخب الفراعنة إلى مونديال 2018 ولكنه فشل فشلًا ذريعًا في روسيا وودعت مصر البطولة من الدور الأول بثلاث هزائم.

فيما نجد الفريق المصري مع كل تعثر يهرع للتعاقد مع توأم الكرة المصرية حسام وإبراهيم حسن للمرة الثالثة أو الرابعة في غضون 4 مواسم، والغريب أن مجلس إدارة النادي البورسعيدي الحالي برئاسة رجل الأعمال كامل أبو علي الذي لجأ إلى التوأم لإنقاذ الفريق من تعثره بعد مرور 9 جوالات فقط من الدوري المحلي هو نفسه الذي قرر الاستغناء عن خدمات التوأم قبل انطلاق الموسم.

وبصورة كربونية سارع النادي الإسماعيلي برئاسة رجل الأعمال يحيى الكومي بالتعاقد للمرة الثانية مع أحمد حسام ميدو نجم ومدرب الزمالك السابق، رغم أن ميدو أخفق مع الدراويش في فترة الولاية الأولى، والحقيقة أن النادي الإسماعيلي هو أكثر الأندية المصرية تعاقدًا مع مدربين وحطم كل الأرقام القياسية المصرية والعالمية في عدد التعاقد مع مدربين حتى إنه أضاف شرطًا غريبًا عند تعاقده مع أي مدرب محلي أو أجنبي بوضع بند في العقد يسمح للإدارة بفسخ التعاقد مع أي مدرب في حال تعرض الإسماعيلي لثلاث هزائم متتالية.

وكانت النتيجة أن دراويش الكرة المصرية، ثالث أشهر الأندية المصرية بعد القطبين الأهلي والزمالك، وصاحب أول بطولة أفريقية في تاريخ الأندية المصرية والعربية يتذيل الآن جدول  ترتيب فرق الدوري، وبات مهددًا للموسم الثالث على التوالي بالهبوط للدرجة الثانية، وراهن بعضهم على أن مصيره سيكون نفس مصير نادٍ جماهيري كبير وعظيم وهو فريق أهلي جدة السعودي.

ويبقي الأهلي هو الاستثناء من القاعدة؛ لأن غريمه الزمالك وقت التعثر يقوم هو الآخر بالتفتيش في أوراقه القديمة واللجوء لمدرب سابق كما هو الحال حاليًا مع البرتغالي فيريرا، أمام الأهلي فهو دائمًا ما يراهن على أوراق جديدة وقدم للكرة المصرية في السنوات الأخيرة مدربين أجانب جدد بداية من السويسري فايلر، مرورًا بالجنوب أفريقي موسيماني وسوارش وأخيرًا السويسري مارسيل كولر .

الدائرة المغلقة والتي صنعها وكلاء اللاعبين والمدربين، جعلت الكثير من المدربين في مصر يدخلون موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بتدريب من بين 6 إلى 9 أندية في موسمين فقط، مثل إيهاب جلال وطارق العشري وعبد الحميد بسيوني وخالد جلال والقائمة تطول، ولم يحقق أي منهم أي بطولة مع أي نادٍ باستثناء العشري وبسيوني اللذين أقاما مجدهما التدريبي من خلال الفوز ببطولة من مباراة واحده وهي كأس السوبر المحلي.

وعندما ينشر أي موقع رسمي تابع لأي نادٍ خبر التعاقد مع مدرب "جديد- قديم"  يقول : "رحبوا معنا بمدربنا الجديد" وغفلوا أن يضيفوا كلمة "الفاشل سابقًا".

شارك: