ذكريات خلدها التاريخ في ملاعب نهائي كأس العالم
لا يمكن محو ذاكرة المشجعين عندما يتعلق الأمر بالمباراة النهائية لكأس العالم، المناسبة الأضخم على الإطلاق في لعبة كرة القدم والرياضة أجمع، مباراة ليست كغيرها من المباريات، موعد ينتظره عشرات الملايين من كل مكان بشغف كبير كل 4 سنوات.
ومع بقاء أقل من أربعة أشهر على موعد نهائي مونديال قطر 2022 في استاد لوسيل، يعد المشجعون العدّة من أجل متابعة نهائي ينتظر أن يكون مشهوداً في ختام نسخة يتوقع الجميع أنها ستكون الأفضل على الإطلاق في تاريخ بطولات كأس العالم FIFA.
خلال النسخ الـ21 الماضية من تاريخ المونديال، استضافت ملاعب عظيمة المباريات النهائية، وبفضلها أضحت تلك الملاعب خالدة في تاريخ النهائيات الطويل، بل إن تلك الأحداث اقترنت بتلك الملاعب، فمن ينسى ولادة الملك بيليه في ملعب رازواند السويدي، وأهداف جيوف هيرست ولقب إنجلترا اليتيم في ويمبلي.
تألق مارادونا الخيالي في آزتيكا بمكسيكو سيتي، واحتفاظ البرازيل بكأس جول ريميه في ذات المكان، وتألق زين الدين زيدان في استاد دو فرانس، وبداية النهاية لمسيرة النجم روبرتو باجيو في روز بول، وخيبة أمل شعب الأرجنتين وأسطورته لونيل ميسي في ماراكانا.
سيُقام نهائي كأس العالم في نسخة قطر 2022 يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، على أرضية استاد لوسيل، والذي يتسّع لـ80 ألف مقعد بتصميم عربي أصيل يمزج بين تفاعل الضوء والظلال، فمن سيحظى في الأضواء على هذا المسرح الرائع في اليوم الموعود.
يرصد "winwin" في التقرير التالي أبرز الملاعب التاريخية التي استضافت المباراة النهائية لكأس العالم، والأحداث التي اقترنت بها.
كأس العالم 1930: أوروغواي تفتتح نادي الأبطال
كلما أتى الحديث عن المباريات النهائية لبطولات كأس العالم، يأتي ذكر المواجهة الأولى التي جمعت أوروغواي والأرجنتين في نهائي مشهود على ملعب سينتيناريو في العاصمة مونتفيديو، حيث استفاد أصحاب الأرض من الدعم الجماهيري الكبير لتحقيق الفوز على الأرجنتين 4-2، وتحقيق اللقب الأول في تاريخ المونديال.
- المستضيف: أوروغواي
- البطل: أوروغواي
- الملعب: سينتيناريو – مونتفيديو
- الحضور: 80 ألف مشجّع
- النتيجة: أوروغواي 4-2 الأرجنتين
كأس العالم 1950: كارثة ماراكانازو التاريخية
بعد نسختين في أوروبا وانقطاع بسبب الحرب العالمية، عادت كأس العالم إلى قارة أمريكا الجنوبية بعد 20 عاماً من الغياب، وكانت البرازيل تحاول الفوز باللقب الأول، وظنت أنها على بعد خطوة واحدة منه، ذلك أن تعادل في الدور النهائي من البطولة سيمنحها فرصة معانقة الكأس، ورغم التقدم بهدف أول، إلا أن منتخب أوروغواي قلب الطاولة رأساً على عقب، وهز شباك البرازيل مرتين، وضرب عشرات الآلاف في ملعب ماراكانا بمقتل، لتتحول الأفراح المنتظرة إلى نهر من الدموع، وجرح في القلب لم يلتئم حتى الآن.
من هول الصدمة وقوتها اقترنت خسارة البرازيل بذلك النهائي باسم "ماراكانازو"، نسبة للملعب الموجود في ريو دي جانيرو، والذي شهد الحضور الجماهيري الأكبر على مدار تاريخ كأس العالم. الملعب الذي كان يفترض أن يشهد أفراح "سليساو" ظل أسيراً للذكريات الحزينة، حيث شاهد البرازيليون تتويج ألمانيا فيه في نهائي نسخة 2014.
- المستضيف: البرازيل
- البطل: أوروغواي
- الملعب: ماراكانا – ريو دي جانيرو
- الحضور: 173 ألف مشجّع
- النتيجة: البرازيل 1-2 أوروغواي
كأس العالم 1958: شهادة ميلاد الملك بيليه
عندما خسرت البرازيل لقب نسخة 1950، كان هنالك فتى يبرع في كرة القدم، يمتلك موهبة لا مثيل لها، ويحمل رغبة جامحة في النجاح، لفتت براعته الأنظار ليُمنَح شرف ارتداء قميص المنتخب البرازيلي.
لم يكن أحد يتوقع أن تنفجر موهبة الشاب إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، خلال تلك البطولة بهذه الطريقة، ولم يكتفِ الشاب الواعد بمساعدة زملاء الخبرة، بل كان أحد أفضل اللاعبين، ومن أجل التأكيد على قدراته، سجل ثنائية متميزة في النهائي أمام السويد (5-2)، عززت الثلاثية التي أحرزها في شباك فرنسا خلال نصف النهائي على ذات الملعب "روسوندا"، الملعب الذي سيقترن دوماً بدموع الفرح والحمل على الأعناق وولادة من أصبح فيما بعد "الملك بيليه".
- المستضيف: السويد
- البطل: البرازيل
- الملعب: رازواند - ستوكهولم
- الحضور: 51 ألف مشجّع
- النتيجة: البرازيل 5-2 السويد
كأس العالم 1966: ويمبلي والانتصار اليتيم
إنجلترا مهد كرة القدم، صاحبة التاريخ والعراقة، كانت تشاهد إيطاليا وألمانيا تفوزان بكأس العالم على مضض، ورغم المحاولات السابقة، لكنها انتظرت حتى استضافت نسخة 1966 من أجل تحقيق حلمها المنشود. على استاد ويمبلي التاريخي، حقق "الأسود الثلاثة" فوزاً مثيراً على ألمانيا 4-2، في لقاء ما زال يقترن بذلك الهدف الذي لم يُعرَف بعد هل تجاوزت فيه الكرة خط المرمى أم لا؟
نهائي خالد شهِد تسجيل جيوف هيرست ثلاثية كاملة، ألحقت هزيمة كبيرة بالماكينات الألمانية، ومنحت إنجلترا شرف الفوز بالكأس العالمية، التي ظلت يتيمة منذ ذلك الوقت، إذ لم تستطع الأجيال اللاحقة رغم براعتها من "كسر النحس" أو حتى مجرد الوصول للنهائي الكبير.
- المستضيف: إنجلترا
- البطل: إنجلترا
- الملعب: ويمبلي - لندن
- الحضور: 96 ألف مشجّع
- النتيجة: إنجلترا 4-2 ألمانيا
كأس العالم 1970: نهاية عهد كأس جول ريمييه
كما كان للملك بيليه بداية في تاريخ كأس العالم عبر المباراة النهائية لبطولة السويد 1950، أتت النهاية السعيدة في نهائي المكسيك 1970، وفيه قدم البرازيليون على استاد "آزتيكا" في العاصمة مكسيكيو سيتي، واحدة من أروع العروض التي قدمها الفائزون في المباريات النهائية.
انتصار بالأداء والنتيجة 4-1 أمام إيطاليا "المتوجة سابقًا مرتين"، كان هذا الفوز الثالث للبرازيليين باللقب لتحتفظ بالكأس الذهبية للأبد، ومعه انتهى وجود الشكل القديم للكأس التي كانت تسمى جول ريمييه "نسبة للرئيس السابق لـFIFA وصاحب فكرة كأس العالم"، لتظهر بعدها نسخة كأس العالم الحديثة، فيما اختتم بيليه مشواره الدولي مع سيليساو في العام التالي.
- المستضيف: المكسيك
- البطل: البرازيل
- الملعب: أزتيكا – مكسيكو سيتي
- الحضور: 107 آلاف مشجّع
- النتيجة: البرازيل 4-1 إيطاليا
كأس العالم 1986: مارادونا البطل الأوحد
لم تقترن أي نسخة من نهائيات كأس العالم باسم لاعب، كما اقترنت نسخة المكسيك 1986 بالأسطورة دييغو آرماندو مارادونا، بعد أداء ونتائج مخيبة لمنتخب "البيسيليستي" في النسخة السابقة 1982، وصل دييغو إلى المكسيك رفقة زملائه وهو عازم على إثبات أحقيته بأن يصبح من كبار اللاعبين على مدار التاريخ، لكن ما قدمه مارادونا في استاد "أزتيكا" فاق الخيال.
ثنائية لن تُمحى أمام إنجلترا، هدف إعجازي أسقط فيه المنافس تلو الآخر، وبات فيما بعد يلقب بـ"الهدف المارادوني"، في تسمية صارت تُطلَق على كل هدف يُسجَّل بعد مراوغة للخصوم.
ولم يكتفِ مارادونا بهذا الهدف، إذ سجل هدفاً آخر استخدم فيه اليد بدلًا من الرأس أو القدم، وعاد في نصف النهائي ليهز شباك بلجيكا مرتين، ومن ثم ليحسم بلمسته الساحرة النهائي المشهود أمام ألمانيا، ليترك بورتشاغا في المواجهة مع شوماخر ويز شباكه وتحرز الأرجنتين اللقب، لتبقى صورة عناق مارادونا للكأس عالقة أبد التاريخ في قلب استاد آزتيكا.
- المستضيف: المكسيك
- البطل: الأرجنتين
- الملعب: أزتيكا – مكسيكو سيتي
- الحضور: 114 ألف مشجّع
- النتيجة: الأرجنتين 3-2 ألمانيا
كأس العالم 1994: نكسة جديدة للنجم باجيو
ضاعت على إيطاليا فرصة استعادة المجد على أراضيها وخسرت نصف نهائي 1990 أمام الأرجنتين، وتعيّن على النجم الأول وقت ذاك روبرتو باجيو حمل آمال منتخب الـ"أتزوري" وملايين الإيطاليين على كاهله، وبعد بداية صعبة وتأهل شاق، بدأ باجيو برفع طموحات البلاد بأكملها، حتى تمكن من إيصال الفريق للنهائي الكبير.
وعلى ملعب "روز بول" في كاليفورنيا أقيم نهائي نسخة الولايات المتحدة 1994 تحت شمس حارقة، جعلت اللاعبين يتصببون عرقاً، وبذل باجيو بالتحديد جهداً كبيراً للتغلب على إصابته العضلية، ومع صافرة النهاية بالتعادل السلبي، كانت ركلات الترجيح نقطة الفصل، وانقلبت الأمور وأهدر الإيطاليّان باريزي وماسارو ركلتين هامتين، لكن إضاعة باجيو للركلة الحاسمة وخسارة اللقب، ظلت اللقطة الأشهر التي أرشفها تاريخ ملعب روز بول.
- المستضيف: الولايات المتحدة
- البطل: البرازيل
- الملعب: روز بول - كاليفورنيا
- الحضور: 94 ألف مشجّع
- النتيجة: البرازيل 0-0 إيطاليا
- ركلات ترجيح: البرازيل 3-1 إيطاليا
كأس العالم 1998: تألق زيدان وغياب رونالدو
غابت فرنسا عن آخر نسختين في إيطاليا 1990 وأمريكا 1994، وتقرر أن تستضيف نسخة 1998، ولذلك تم تحضير منتخب مكون من لاعبين يُنتظَر منهم الكثير، وخلال فترة التحضيرات لمع اسم عربي في الكرة الفرنسية، زين الدين زيدان صاحب الأصول الجزائرية، مُنح وقتها الرقم الأسطوري 10، وبذلك أعلنت فرنسا أنها تعقد عليه آمالها من أجل تكرار نجاح بلاتيني الذي قاد "الديوك" للفوز بكأس أوروبا 1984.
لم يخيب "زيزو" الآمال فكان قائد الجوقة التي عزفت أفضل أداء في مسيرة "الزرق" نحو النهائي الكبير، كان "استاد دوفرانس" أحدث الملاعب في فرنسا، وبني خصيصاً لتلك النهائيات، فإما أن يكون مصدراً للفخر أو أن ينقلب لمجرد ذكرى حزينة ومؤلمة.
ضرب الفرنسيون موعداً مرتقباً مع البرازيل، في يوم تاريخي كان ينتظر فيه بروز الهداف البرازيلي الفتاك رونالدو نازاريو دا ليما، ولكنه حضر جسداً وغاب أداءً في الملعب، ليخطف زيدان كل الأضواء، وينال دور البطولة المطلقة بهدفين رأسيين قضى بهما على أحلام البرازيليين، ليمكن فرنسا من لقبها الأول.
- المستضيف: فرنسا
- البطل: فرنسا
- الملعب: ستاد دو فرانس - باريس
- الحضور: 80 ألف مشجّع
- النتيجة: فرنسا 3-0 البرازيل
كأس العالم 2014: ماراكانا.. خيبة جديدة أصابت ميسي
ماراكانا من جديد، من سيصاب بلعنته هذه المرة! أراد البرازيليون الانتقام لأنفسهم من خسارة لقب 1950، لكن الماكينات الألمانية أنزلت بهم هزيمة نكراء في نصف نهائي النسخة التي أقيمت في الأراضي البرازيلية عام 2014، سبعة أهداف كاملة دمرت كبرياء "سيليساو"، ورغم قساوة المشهد ودموع الحزن التي عمت البلاد، كانت الخشية الأكبر أن يحقق الأرجنتينيون "ألد الخصوم" اللقب ويكسب ميسي شرف رفع الكأس أمام نيمار مكرساً ما فعله مارادونا من قبل.
ولكن أهدر ميسي وزملاؤه كل الفرص المتاحة للتسجيل والفوز، وخسروا بهدف ألماني قاتل سجله جوتزه في الوقت الإضافي من المباراة التي سيظل ماراكانا شاهداً عليها، وعلى إخفاق ميسي والأرجنتين.
- المستضيف: البرازيل
- البطل: ألمانيا
- الملعب: ماراكانا – ريو دي جانيرو
- الحضور: 75 ألف مشجّع
- النتيجة: ألمانيا 1-0 الأرجنتين