بعد خيبة روسيا.. هل يحقق حكيمي حلمه في مونديال قطر؟
"نلتقي في قطر إن شاء الله"، بهذه الكلمات، وعد المدافع أشرف حكيمي جماهير المنتخب المغربي لكرة القدم عقب النافذة الدولية الأخيرة الإعدادية لنهائيات كأس العالم المقررة في الدولة الخليجية.
عبّر حكيمي عن أمله في أن يستثمر خبرته في أعرق الأندية الأوروبية لقيادة المغرب إلى تخطي الدور الأول في المونديال، للمرة الثانية في تاريخه، والأولى منذ عام 1986، مردفًا: "فخور بتمثيل منتخب بلدي المغرب بهذا القميص".
كأس العالم في قطر 2022 ستكون المشاركة الثانية لحكيمي بعد الأولى في روسيا 2018، والذي أنهاها بمركز أخير ونقطة يتيمة في مجموعة، ضمته إلى جانب منتخبين عريقين، هما البرتغال وإسبانيا، وإلى جانب إيران.
انتماء حكيمي، المولود في مدريد، لبلده كان واضحًا وجليًا منذ شبابه، حيث لعب مع منتخبات تحت 17 عامًا وتحت 20 عامًا وتحت 23 عامًا، قبل أن يخوض مباراته الأولى مع المنتخب الأول في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 ضد كندا، خصم أسود الأطلس في الجولة الثالثة (الأخيرة) من منافسات المجموعة السادسة في قطر 2022.
ويدرك حكيمي، أفضل لاعب ناشئ في أفريقيا عامي 2018 و2019، جيدًا صعوبة المهمة، التي لا تختلف عن كأس العالم السابقة في روسيا؛ لأن القرعة أوقعته في مجموعة قوية أيضًا، مع مُنتخبين يحسب لهما ألف حساب؛ هما كرواتيا، وصيفة النسخة الأخيرة، وبلجيكا ثالثتها.
موهبة ملكية
لكن حكيمي شدد على أن الوضع سيكون مختلفًا في قطر، بالنظر إلى الخبرة التي اكتسبها منذ ذلك الحين: "وقتها كنت أبلغ من العمر 19 عامًا، ولم تكن لديّ خبرة المواعيد الكبرى والمواجهات القوية، لكنني الآن بلغت من النضج درجة كبيرة، وأتمنى أن يساعد ذلك في تحقيق نتائج أفضل وبلوغ الدور الثاني".
مباراة بعد مباراة، وموسم بعد موسم، يثبت حكيمي (23 عامًا) أنه أحد أفضل الأظهرة العالمية، إن لم يكن أفضلها، بشهادة نجوم سابقين تألقوا وأبلوا البلاء الحسن في مركز الظهير الأيمن.
قال الدولي الألماني السابق، أندرياس بريمه، عن حكيمي: "إن هناك عددًا قليلًا من اللاعبين أمثاله، أنا متأكدٌ من أنه سيكون ورقة رابحة مهمة"، معتبرًا أن ميزة حكيمي الأفضل هي "قدرته على القيام بتمريرة حاسمة بعد انطلاقة سريعة بالكرة، يعرف كيف يكون حاسمًا".
كما أشاد به مدربه في فريقه السابق إنتر ميلان، أنطونيو كونتي، مؤكدًا "أنه لديه إمكانات هائلة، ولكن عليه أن يتطوّر أكثر.. بإمكانه أن يتحسن كثيرًا في الشق الدفاعي".
تصريحات سابقة لكونتي عن حكيمي
لا تقتصر موهبة حكيمي فقط على سرعته الهائلة وتألقه في المراوغات الفردية، إذ إنه قادرٌ على شغل مراكز عدة، كجناح أو ظهير أيمن مع مهام دفاعية أكبر، أو كمدافع أيسر، فضلًا عن نزعته الهجومية.
أما اللاعب البرازيلي السابق كافو، فقال إن حكيمي حاضر في خانة الأظهرة القليلة على الصعيد العالمي التي تتميَّز بالصّفات التي على من يشغل هذا المركز التحلّي بها، إذا ما أراد التألق والسطوع.
وأوضح: "إذا ما كان عليّ أن أنصح بظهير أيمن، فإنني سأنصح بأشرف حكيمي، الشيء الذي افتقدته مُقارنة به، هو أنه يلعب كثيراً بدون كرة، ويتحرّك نحو العمق وبشكل قُطري. ليس هناك الكثير من الأظهرة التي توائم بين الجانبين البدني والفني، ولديها قراءة جيدة للعب، أستطيع أن أذكر حكيمي ومارسيلو و(داني) كارفخال و(ترنت ألكساندر) أرنولد".
لم يتردد مدرب منتخب بلاده الأسبق، البوسني وحيد حاليلوزيتش، في اعتباره الأفضل في مركزه، بالقول: "يملك جميع المقومات. هذا اللاعب يتمتع بموهبة كبيرة، وهو الأفضل في مركزه، إلى جانب ظهير ليفربول ترنت ألكساندر ارنولد".
بسرعة رهيبة، تحوَّل حكيمي من لاعب غير مرغوب فيه بالنادي الملكي لعدم اقتناع المدرب الفرنسي زين الدين زيدان، بمؤهلاته، في ظل اعتماده على كارفاخال ولوكاس فاسكيز، إلى أحد أفضل الأظهرة في العالم.
فرط ريال مدريد في خدمات حكيمي في مناسبتين، حيث كانت ذريعته في الأولى (بوروسيا دورتموند الألماني) حصول اللاعب على المزيد من الاحتكاك ودقائق للعب، فيما كانت الثانية ببيع نهائي إلى إنتر ميلان الإيطالي.
وفي الحالتين، دخل حكيمي في تحدٍ مع نفسه، ليثبت للريال أنه كان مخطئًا، ونجح في كسب الرهان، والدليل انتقاله إلى باريس سان جرمان الفرنسي، المرصعة صفوفه بالنجوم؛ أبرزهم الفرنسي كيليان مبابي والأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار، وزميله السابق في ريال مدريد، الإسباني سيرخيو راموس.
ارتفاع قيمته السوقية
نشأ حكيمي كمشجع لريال مدريد، الذي ضمه إلى صفوفه في سن الثامنة في فرق الفئات العمرية، وحقق معه عن 18 عامًا أول ظهور في دوري أبطال أوروبا في موسم 2017-2018 حيث فاز باللقب القاري، قبل أن ينتقل إلى دورتموند على سبيل الإعارة.
وبعد عامين مميزَين في ألمانيا مع بوروسيا دورتموند، اعتقد الجميع أن حكيمي، المولود في مدريد، سيعود حتمًا إلى ملعب "سانتياغو برنابيو".
ولكن بعد موسم 2019-2020، الذي شكّل ضائقة مالية لجميع الأندية، بما فيها ريال مدريد، بسبب تداعيات كورونا، لم يقاوم الملكي القيمة الكبيرة التي يمثلها حكيمي؛ إذ وفقًا لموقع "ترانسفير ماركت" المتخصص، زادت قيمة اللاعب السوقية عشرة أضعاف، من خمسة ملايين إلى 54 مليون يورو، بعد تألقه في دورتموند.
نجح إنتر ميلان في ضمه مقابل 40 مليون يورو، وتساءلت صحيفة "كورييري ديلو سبورت" الإيطالية قائلةً: "كل مرة نراه (حكيمي) فيها على أرض الملعب، نبدأ بالتفكير في زيدان: كيف سمح له بالرحيل إلى مكان آخر؟".
علق حكيمي وقتها بأنه يعتقد أن ريال مدريد لم يكن يرغب في أن يراهن عليه، وقال: "حقيقة أنك عندما تنضم إلى ريال مدريد للمرة الأولى قادمًا من كاستيا، من الطبيعي أن النادي لا يراهن كثيرًا عليك لأنك تكون لاعبًا شابًا".
تصريحات حكيمي عن ريال مدريد
وأكد حكيمي، الذي انضم إلى سان جيرمان مقابل 70 مليون يورو، أنه لا يحمل أي ضغينة إزاء الفريق الملكي، وقال: "هو فريق له مكانة في قلبي بسبب كل ما قدمه لي. لقد طوَّرني كشخص وكلاعب، وجعلني أتعلم".
يبقى الهدف الأبرز لحكيمي هو أن يصل إلى المونديال في ذروة مستواه، لتقديم الإضافة ومساعدة الأسود على تخطي الدور الأول، وقد قال بشأن ذلك: "لدينا كل المؤهلات والمقومات لتشريف كرة القدم المغربية، ونتمنى أن نكون عند حسن ظن جماهيرنا، التي لن تدخر جهودًا لمساندتنا، وعلينا ألا نخذلها. نلتقي في قطر إن شاء الله".
يُذكر أن حكيمي هذا الموسم يقدم أداءً رائعًا مع فريقه الباريسي في الدوري ودوري الأبطال، حيث سجل اللاعب هدفين وصنع هدفًا في 13 مباراة شارك بها.