المونديال والأسد..
"الأسد" فلم أسترالي شهير يروي قصة حقيقية لعائلة هندية فقدت طفلها في محطة للقطارات، وفي مشاهد مؤثرة نشأ الطفل في ملجأ للأيتام قبل أن تتبناه عائلة أسترالية، ومع تسلسل الأحداث نجح الطفل الذي أصبح شابا بالعثور على عائلته التي تعيش في قرية صغيرة، بعد سنوات طويلة كان مجرد التفكير فيها بإيجاد عائلته أمرا مستحيلا.
حسنا، ما علاقة الفلم بالمونديال؟ أولا أنصحك بحضور الفلم.. ستستمتع كثيرا..
قصة أخرى... هل سمعتم بزيارة الرجل النبيل لمعسكر الفيلة الذي وجد فيه حبلا نحيلا يقيد فيلة عملاقة، الأخيرة قادرة بحركة واحدة -ولو حتى بخرطومها- على تمزيق الحبل والهرب، لكنها لم تفعل، لأن صاحب المعسكر روّضها أو أخافها -إن صح القول- منذ الصغر من تمزيق الحبل، فعاشت حياتها كاملة خائفة ولم تمزق الحبل.
هذا هو، نعيش دوما في أوهام نشأنا عليها منذ الصغر نرفض بسببها تجربة المستحيل باعتبار أنه مستحيل ولا طائل منه، لو أن منظمي مونديال 2022 فكروا بهذه الطريقة، لما تقدموا أصلا بملف البطولة، ما الفائدة! وقطر بلد صغيرة في منطقة ليست رائدة في استضافة الأحداث الكبرى، ما الفائدة ودرجة الحرارة صيفا تتجاوز الـ40 درجة! ما الفائدة وملفات مثل الولايات المتحدة وأستراليا واليابان تنافس على نفس البطولة!
شخصيات رياضية كبيرة داخل قطر تعرف قدرة البلاد على تنظيم الأحداث الكبرى، ومع ذلك لم تتوقع فوز البلد الخليجي بشرف الاستضافة.
منظمو المونديال رفضوا الانصياع لكل هذه الحجج وتقدموا بملفهم، وكانت المفاجأة فوزهم باستضافة كأس العالم 2022.. منظمو المونديال رفضوا تكبيلهم بحبل البلد الصغير ودرجة الحرارة المرتفعة، حولوا الحبل من قيد يمنعهم من الانطلاق إلى حبل يمهد لهم الطريق.
بلد صغير، كانت نقطة سلبية، ثم صارت من أهم ميزات البطولة؛ إذ إنك تستطيع الانتقال بين الملاعب في فترة لا تتجاوز من 20 إلى 60 دقيقة، وتحضر أكثر من مباراة في نفس اليوم.
درجة حرارة مرتفعة، لا مشكلة.. غيروا موعد البطولة إلى الشتاء، واستخدموا ميزة التبريد في الملاعب، وكل ذلك وسط مراعاة أدق شروط الإرث والاستدامة.
الطفل الصغير في الفلم عاش في أوهام منذ الصغر باستحالة إيجاد عائلته، وهو ما أخر كثيرا عودته، والفيلة لم تجرب أصلا تمزيق الحبل، وكم من دولة في منطقتنا تملك مقومات استضافة أحداث كبرى لكنها قنعت بالمستحيل، فيما شق آخرون طريق الصعاب، ونجحوا بنيل شرف الاستضافة!