المنتخبات الكبرى تسعى لمنع تكرار مفاجآت دور المجموعات
شهدت مباريات الدور الأول من كأس العالم قطر 2022 الكثير من المفاجآت، خاصة أمام المنتخبات الكبرى، ولكن الوضع يبدو مختلفا في مرحلة خروج المغلوب؛ إذ تسعى المنتخبات الكبرى في البطولة؛ مثل البرازيل وفرنسا والأرجنتين، لتصحيح المسار ومنع حدوث أي مفاجآت في الأدوار الإقصائية.
ومنذ عام 2010 حين استضافت جنوب أفريقيا المونديال لم تشهد أي نسخة من كأس العالم وجود ممثلين لقارات آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية في الدور ثمن النهائي، في دلالةٍ على أن النسخة التي تقام في قطر منحت الكثير من التنوع في الظهور بين القارات المختلفة، بدلا من سيطرة ممثلين من أوروبا والدول اللاتينية.
البرازيل وسقطة الكاميرون
تبقى البرازيل المرشح الأوفر حظاً للفوز بكأس العالم للمرة السادسة وإنهاء 16 عاماً من الهيمنة الأوروبية على الساحة العالمية؛ إذ يحتاج فريق المدرب تيتي إلى عودة نيمار من إصابة في الكاحل تعرض لها في الفوز الافتتاحي على صربيا (2/0)، لكنه رغم ذلك يمتلك مجموعة رائعة من المواهب الهجومية التي يمكن أن تحلّ بدلاً من اللاعب الأغلى في العالم.
عادة ما يكون الـ"سيليساو" صلباً دفاعياً، لكنه رغم ذلك، ومع 9 تغييرات في التشكيلة الأساسية، خسر مباراته الأخيرة في دور المجموعات أمام الكاميرون بهدف نظيف للمرة الأولى ضد منتخب أفريقي.
ولم يواجه المنتخب البرازيلي خصما كبيرا بعد، ومن المتوقع أن يتخطى كوريا الجنوبية في ثمن النهائي، الإثنين، على أن يواجه لاحقاً في ربع النهائي الفائز بين كرواتيا واليابان، ليبدو الطريق مفروشا بالورود أمامه لبلوغ نصف النهائي.
كما لا يزال حلم المواجهة للأرجنتين في نصف النهائي ممكنة، مع تعافي ليونيل ميسي ورفاقه من خسارتهم المفاجئة في المباراة الافتتاحية أمام السعودية بهدفين لهدف، بالفوز على المكسيك وبولندا 2-0.
وفي حال تجاوز "ألبيسيليستي" أستراليا، فقد يجد نفسه بمواجهة هولندا في ربع النهائي، رغم أنه يجب على الهولنديين أولاً التغلب على منتخبٍ أمريكي صعب؛ إذ كان ندا كبيرا لإنجلترا في المجموعة الثانية.
فريق سيقاتل
دخلت الأرجنتين المونديال من دون هزيمة في 36 مباراة، ومع توقعات عالية بأنها قد تفوز باللقب للمرة الثالثة، لكن المدرب ليونيل سكالوني قلل من تلك الفرص، فقال: "لسنا مرشحين لنيل اللقب. نحن فريق تصعب هزيمته، فريق سيقاتل، لكن الاعتقاد بأننا مع فوزنا (على بولندا) سنكون أبطالًا، سيكون خاطئاً تماماً".
الجانب الآخر من المسار يميل أوروبياً، رغم إقصاء ألمانيا وبلجيكا. وذلك أن فرنسا (حاملة اللقب) هي المنتخب الذي يجب التغلب عليه خصوصاً مع امتلاكه كيليان مبابي، أحد أكثر اللاعبين إثارة في البطولة، ومع تألق رجال ديدييه ديشامب في مجموعتهم، حتى مع التشكيلة الرديفة التي خسر بها في الجولة الثالثة أمام تونس عندما أراد إراحة اللاعبين.
وقال المدرب الفرنسي: "حققنا هدفنا. الآن سوف نتعافى؛ لأن مسابقة ثانية على وشك أن تبدأ"، لكن التاريخ ليس إلى جانب منتخب فرنسي يتطلع إلى أن يصبح أول فريق منذ العام 1962 يدافع بنجاح عن لقبه، خصوصاً أنه في طريقه إلى تصادم محتمل مع إنجلترا في ربع النهائي.
وواصلت إسبانيا إثارة الجدل، بعدما حلت في المركز الثاني في مجموعتها، وسمحت بالصدارة لليابان في مفاجأة من العيار الثقيل، بينما ستواجه المغرب في الدور ثمن النهائي، وإذا ما تجاوزته ستلتقي الفائز من البرتغال وسويسرا.
في حين تدخل إنجلترا المواجهة أمام السنغال، وسط اعتقاد بأنها ستتجاوز المنتخب الأفريقي وتعبر إلى دور الثمانية كي تواجه فرنسا، ولكن ثقة البعض في "الأسود الثلاثة" جعلت المنتمين إلى "أسود التيرانغا" يكشرون عن أنيابهم؛ بسبب استخفاف البعض بقوتهم.
لعبة عالمية
كان النجم الدولي الألماني السابق، يورغن كلينسمان، الذي يعمل في مجموعة الدراسة الفنية في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي تحلل البطولة، هو الذي توقع أن يُنتج مونديال قطر صدمات ومفاجآت.
قال حينها: "أعتقد أن النسخة الحالية قد تشهد مفاجآت كثيرة من قبل منتخبات غير مرشحة، ربما يكون منتخباً أفريقياً أو آسيوياً. إذا كان يتمتع بالشجاعة فربما يستطيع الذهاب بعيداً في هذه البطولة".
وتعكس تركيبة المنتخبات المتأهلة إلى ثمن النهائي على الأقل الطبيعة العالمية لكرة القدم، فاليابان التي لم تذهب إلى أبعد من الأدوار الإقصائية الأولى، أذهلت ألمانيا وإسبانيا، ولديها الآن كرواتيا وصيفة مونديال 2018.
وتأهلت كوريا الجنوبية أيضاً بعد فوزها في اللحظات الأخيرة على البرتغال، لتمثل آسيا للمرة الأولى في تاريخها بثلاثة منتخبات، بجانب أستراليا التي تلتقي الأرجنتين هي الأخرى، وتبحث عن مسار جديد لطموحاتها.
وكان لمونديال قطر فأل جيد بالنسبة إلى أفريقيا أيضاً مع وجود منتخبين أفريقيين في ثمن النهائي مقارنة مع حصيلة منعدمة قبل 4 سنوات، لتثبت القارة السمراء أنها بخير وتستطيع إزعاج الكبار.
السنغال التي تخطّت صدمة خسارة نجمها ساديو ماني؛ بسبب الإصابة، ستواجه إنجلترا، في حين أن منتخباً مغربياً متألقاً يحظى بدعم الغالبية في العالم العربي، سيكون خصم إسبانيا، ورغم الحديث عن منتخبات مرشحة وحظوظ وفيرة، تبقى إمكانية وقوع مفاجآت في الأدوار الإقصائية أمراً قائماً.