الجزائرية إيمان خليف تصنع التاريخ وتقترب من الذهب الأولمبي

تواصل الملاكمة الجزائرية إيمان خليف قصتها الملهمة في أولمبياد باريس 2024، عندما تأهلت، اليوم الثلاثاء 6 أغسطس/ آب، إلى الدور النهائي لوزن 66 كيلوغرامًا، لتقترب من حلم التتويج بذهبية أولمبية وسط عاصفة عالمية من التنمر والعنصرية تعرضت لها منذ بداية الأولمبياد، وتحدتها الجزائرية بإصرار وعزيمة منقطعي النظير.

ودونت إيمان خليف اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الأولمبياد بوصفها أول امرأة جزائرية وعربية تصل لنهائي أولمبي في رياضة الملاكمة، وسط تشكيك موجه بخصوص جنسها، أدرجه الجزائريون في خانة تمييز أراد به البعض كسر حلم امرأة جزائرية شابة نشأت في الجزائر وكافحت للوصول إلى العالمية.

وتخطت خليف (25 عامًا) نظيرتها التايلاندية جانجام سوانافينغ في الدور نصف النهائي لوزن 66 كيلوغرامًا، بامتياز واقتدار وبإجماع الحكام، حيث بسطت البطلة الجزائرية سيطرتها على الجولات الثلاثة في المنازلة الأكثر متابعة عالميًا تبعًا لحجم اللغط والجدل الذي أُثير بغير وجه حق حيال البطلة الجزائرية.

وبهذا التأهل ضمنت الملاكمة الجزائرية فضيةً على الأقل في الألعاب الأولمبية، في انتظار استهدافها الذهبية الأولمبية، الحلم الذي تلاحقه منذ خطواتها الأولى في هذه الرياضة، متسلحةً بدعم ملايين الجزائريين والمتعاطفين والداعمين عبر العالم، خلال أولمبياد باريس عقب حملة التنمر والعنصرية والكراهية التي طالتها، من خلال التشكيك في أهليتها للتنافس مع السيدات.

ودخلت إيمان خليف قاعة "رولان غاروس" لإجراء المنازلة وسط دعم جماهيري قياسي من طرف الجماهير الجزائرية الحاضرة بقوة، وحتى من الجماهير المتعاطفة معها، وضجت القاعة العامرة بالحناجر الجزائرية بأهازيج دعم الملاكمة الجزائرية التي تحولت إلى أيقونة لدى الجزائريين والكثير من المتعاطفين عبر العالم.

وحظيت منازلة الجزائرية إيمان خليف بمتابعة قياسية من طرف الجزائريين، الذين حبسوا أنفاسهم على موعد مواجهتها للملاكمة التايلاندية، في موقف ذكر الجميع بالمباريات التاريخية لمنتخب الجزائر الأول لكرة القدم، وفي مقدمتها نهائي كأس أمم أفريقيا 2019 ومباراة الدور ثمن النهائي لمونديال البرازيل 2014، ما يبرز الهالة الكبيرة والشغف الذي تركته خليف في قلوب الجزائريين.

وسارع مشاهير الجزائر بتقديم التهنئة إلى البطلة الأولمبية، يتقدمهم إسماعيل بن ناصر لاعب خط وسط ميلان الإيطالي، الذي نشر تغريدة عبر حسابه الرسمي في منصة إكس "تويتر" سابقًا، قال فيها: "برافو إيمان على التأهل إلى النهائي، سندعمك حتى النهاية".

وضجت منصات التواصل الاجتماعي المختلفة برسائل الدعم القوية للبطلة الجزائرية، وتمنيات الجماهير الجزائرية لتتويج خليف بالذهبية الثانية للجزائر في أولمبياد باريس، بعد تلك التي أحرزتها الجمبازية كيليا نمور قبل يومين.

الجزائرية إيمان خليف تحمل راية الشرف والكرامة في عالم "التمييز"

كانت الملاكمة الجزائرية ردت في تصريحات إعلامية قبل مواجهة الدور نصف النهائي، على الحملة المسعورة التي طالتها، ووجهت دعوة إلى وقف الإهانات التي يتعرض لها الرياضيون في المنافسات الدولية، في رسالة مؤثرة تحمل كل قيم الميثاق الأولمبي والمبادئ السامية للرياضة.

بغداد بونجاح يدعم مواطنته إيمان خليف في أولمبياد باريس

اقرأ المزيد

وقالت خليف: "أوجه رسالة إلى كل شعوب العالم، عليهم التمسك بمبادئ الميثاق الأولمبي والابتعاد عن التنمر على جميع الرياضيين". وأضافت: "مثل هذه الأمور تمس بكرامة الإنسان، وهي مؤثرة جدًا.. بإمكانها حتى أن تدمر أشخاصًا وتفرق بين الشعوب".

وعبّرت البطلة الجزائرية إيمان خليف عن امتنانها للجنة الأولمبية الدولية ورئيسها توماس باخ لدعمهما إياها بعد أن واجهت عقبات من الاتحاد الدولي للملاكمة، والتي اندلعت باستبعادها من المنافسة على الميدالية الذهبية في بطولة اتحاد السيدات في مارس 2023.

وصرحت: "كل الشكر لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية، توماس باخ، لقد بعث لي رسالة شخصية، ساندني وشجعني من خلالها.. أشكر اللجنة الدولية على هذه المساندة وإظهار كلمة الحق"، قبل أن تؤكد طموحاتها الكبيرة في دورة باريس 2024، وقالت: "منذ صغري وأنا طموحة.. هدفي هو الأولمبياد، وأنا هنا لتحقيق حلمي وأتمنى العودة إلى بلدي الجزائر بأفضل نتيجة ممكنة".

اللجنة الأولمبية تنتصر للملاكمة الجزائرية

بدورها لم تتردد اللجنة الأولمبية الدولية في دعم الملاكمة الجزائرية، وعلى وجه التحديد عبر رئيسها توماس باخ، الذي قال في تصريحات إعلامية عقب حملة إيذاء خليف: "إن المضايقات التي كانت إيمان خليف ضحيتها غير مقبولة ويجب أن تتوقف. وسنبذل قصارى جهدنا لحمايتها وضمان حقوقها".

وزاد: "إيمان امرأة، ليس هناك شك في ذلك. إنها تتبع القواعد بشكل مثالي. نحن إلى جانبها"، مضيفًا: "الملاكمة الجزائرية إيمان خليف امرأة وليس هناك شك على الإطلاق. لقد أجرينا اختبارات واسعة النطاق وثبت ذلك".

وأضاف: "لقد وُلدت كامرأة وعاشت وتربت كامرأة ونافست كامرأة طوال السنين الماضية من دون أي مشكلة"، وأوضح: "البعض يريد تغيير مفهوم ماهية المرأة وماهية الرجل. لهذا السبب كل ما يمكنني فعله هو أن أتحداكم أن تعطوني إثباتًا علميًّا على ما تروجون له، وما هذا التعريف الجديد للمرأة الذي تروجون له؟! نحن على استعداد لسماعكم".

جدير بالذكر أن البطلة الجزائرية خليف ستواجه الملاكمة الصينية يانغ لي في النهائي يوم الجمعة 9 أغسطس/ آب، بطموح التتويج بالميدالية الذهبية.