وعود "كتارا " وفارس آسيا

تحديثات مباشرة
Off
2023-05-22 13:18
مدربو المنتخبات الآسيوية خلال المشاركة في حفل قرعة كأس آسيا 2023 في كتارا بدولة قطر (ِAFC)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

لم أشهد طوال مسيرتي المهنيّة تلك الثقة الكبيرة التي بدت على وجوه المُدراء الفنيين للمنتخبات الآسيوية بصِغارها وكبارها مثلما رأيتُ واستمعتُ لهم في دار الأوبرا بالحي الثقافي في "كتارا " على هامش حضور قرعة النسخة 18 من كأس آسيا 2023 المؤمّل أن تنطلق في يناير العام القادم بالعاصمة القطرية الدوحة.

قرعة مُنصفة للمنتخبات الـ 24، قابلة للمفاجآت المُثيرة متى ما كان الاستعداد للبطولة يوازي الطموحات والأماني المُشتركة في فتح صفحات جديدة تُمكِّن اللاعبين ومدربيهم لإثبات الهوية الفنية؛ تمهيداً للدخول في تصفيات كأس العالم 2026 في نوفمبر العام الحالي، وهي فرصة لشروع الاتحادات الوطنيّة ببرنامج تأهيل منتخباتها للأشهر السبعة المتبقية عبر استثمار فترات (الفيفا دي) الثلاث لتجريب أبرز العناصر المُستعدِّة لخوض التحدّي القاري الأبرز للجيل الحالي.

عراقيّاً، لم أتفاجأ بتصريح المدرب الإسباني خيسوس كاساس بأن "المواجهات الثلاث في المجموعة الرابعة صعبة، ولا أعترف بالمستحيل" و "أن من يُقاتل حتى النهاية يستحقُّ الفوز.. ونحن سنقاتل من أجل ذلك" هكذا يستند المدرب إلى واقعيّة البناء النفسي في مهمّته التي لم تتعرّض إلى الاختبار الجدّي حتى الآن، مع أنه أهدى العراق اللقب الخليجي الرابع بعد صبرٍ طال 35 عاماً.

كاساس يعرف أن اللاعبين العراقيين يقاتلون في الملعب بأسوأ الظروف التي يفتقدُ خلالها أي فريق الأمل لتفادي الخسارة وليس لتحقيق التعادل، وأن أي مدرب حتى لو كان مغموراً يمكنه معهم أن يتسلّق المجد -إن أخلصوا في العطاء- مثلما جاء المدرب البرازيلي جورفان فييرا قُبيل شهرين من الصراع المُلتهب في النسخة 14 عام 2007 التي ضيّفتها أربع دول لأوّل مرّة وهي (إندونيسيا وماليزيا وفيتنام وتايلند) وعاد إلى بلده مفتخراً بأغلى الكؤوس مع شهادة تاريخيّة على طبق المُعجزة؛ إذ لم يسبق لفييرا أن حقّق أي مُنجز قبل ذلك في مسابقة محليّة أو دوليّة.

أما إشارة كاساس إلى تصدّر اليابان المجموعة الرابعة فكانت فطِنَة لاحترام فريق كبير استحوذَ على زعامة البطولة أربع مرّات (1992و2000 و2004 و2011) وهو تحفيز ضمني لأسود الرافدين بأن القمّة تحتاج إلى منافسة شرسة ولاعبين أشدّاء، ولهذا فهو سيدخل معسكر الإعداد التمهيدي قريباً بتشكيلة يغلب عليها الطابع الاحترافي لما تضمّه من لاعبين متمرّسين في الدوريات الأوروبيّة فرضوا أنفسهم بجدارة، مع قناعة غالبيّة المتابعين من إعلام وجماهير بأن اختيارهم يمثّل إضافة نوعيّة فاخِرة للمنتخب العراقي.

قطريّاً، وفي كلّ مناسبة تسبق أي بطولة، يؤكّد المنظّمون أن لا شيء يُعجزهم عن إبهار ضيوفهم في الدوحة، وأن سقف الطموح في استضافة دولة قطر للبطولات عالٍ جداً، وهذا ما أكّده تنظيمها لكأس العالم 2022 بتمّيُّز يُصعب مُضاهاته مستقبلاً، كما أن تسارع التحضيرات في وقت قصير من موافقة الاتحاد القطري لكرة القدم على التصدّي لمهمّة التضييف بعد اعتذار الصين، دفعت الشيخ سلمان بن إبراهيم رئيس الاتحاد الآسيوي للقول: "بعد تجربة موندياليّة مُبهرة، نحن واثقون أن النسخة الثامنة عشر لكأس آسيا ستكون فريدة من نوعها، ومحطّ أنظار عشّاق كرة القدم في القارّة وخارجها".

آسيوياً، تعيش المنتخبات المتقدّمة فيها قطر والسعودية واليابان وأستراليا وكوريا الجنوبيّة وإيران التي جاءت في المستوى الأوّل في قرعة كأس آسيا 2023، حسب تصنيف الاتحاد الدولي للعبة لشهر أبريل الماضي، تعيش مرحلة نموذجيّة من رعاية المواهب بأعمار سنيّة صغيرة، وتواصل مسيرة البناء في الحاضر ولم تتخلَ عن مسؤوليّة المُحافظة على إنجازات ماضيها بدلالة تتبّع لائحة الأبطال الحاصلين على كأس آسيا ووصفائهم للنسخ الـ 17 السابقة.

عليه، فالجيل المُنتظر في دوحة أمّ البطولات الكبرى سيكون نتاج عمل الاتحادات الوطنية، ومُخرجات جهود مدربي الأندية، لإنجاح مهام المنتخبات أو إفشالها، وتلك من الرسائل الكرويّة العاجلة التي يحرص الجميع على عدم ضياع فرص النهوض بالمستوى الفني وتحقيق الفارق في النتائج وبلوغ أدوار التنافس، لا سيما أن الاتحاد الآسيوي رفع مبالغ المكافآت إلى  15 مليون دولار؛ ما يُشجِّع فرق آسيا على التطوير في مختلف التخصّصات الإداريّة والفنيّة.

من "كتارا" قُطعت الوعود، وفي العاشر من فبراير 2024 ستنجلي حقيقة فارس البطولة، وبمنطق الفلاسفة فالحقيقة دائماً ما تؤلِم مِنْ تعوّد على الأوهام، والإعلام الحُر سينبري بشجاعة لكلّ مسؤول في اتحاد الكرة لا يَصْدق مع الجماهير ويُخرِج منتخبه من البوّابة الخلفيّة للبطولة، أعملوا بجدٍّ واتركوا أقدام اللاعبين تدّك المرامي وتفجّر الفرح فوق المُدرّجات.

شارك: