وداعًا 2022.. أهلًا 2023
مرت سنة بحسناتها وسيئاتها وبإنجازاتها وإخفاقاتها، بفرحها وحزنها، وتبقى أكبر فرحة للعرب هو الإنجاز الباهر في شخص قطر بتنظيمها لأحسن بطولة بالعالم عبر تاريخها، وسقطت أقنعة المتربصين وخفافيش الظلام، أعطتنا قطر درسًا بليغًا ومتميزًا في الصبر والجلد والجدية، في العمل والمثابرة دون الإكتراث للأصوات المبحوحة، التي كانت رغبتها وَأْد كل تحدٍ وعمل عربي؛ فجاء النصر كفلق الصبح أضاء العالم، وتحولت قطر إلى قمر وفجر جديد كسر ليل العرب كما تراه الأعين الغربية المتربصة وتترصد أي هفوة، لكن نجحت قطر على كل المستويات التنظيمية والثقافية، وما دافعت عنه من قيم ثقافية وحضارية كان محل تقدير، كانت رسالة قطر ناعمة واختيارية تدعو العالم لاحترام التنوع.
قطر نجحت وتفوقت بشكل لافت في المحافظة على القيم الأخلاقية والدينية التي يؤمن بها شعوب المنطقة العربية، بعيدًا عن الشعارات والحزبيات ومخالفة تقاليد المجتمعات وخدش الحياء، الثبات على المواقف السوية هي شيمة العظماء مهما حاولت الأبواق المضللة أن تخلط السم بالعسل ستبقى أنوار الحقيقة والفطرة السليمة والنتائج المبهرة والعمل، فالناجحون لا يلتفتون لما يتفوه به الأعداء والمحبطون ستبقى رايتهم منكسة ولن تقوم لهم قائمة، لأن كل أساليبهم الملتوية وجدت أرضية قطرية صلبة، استخلصنا من روح المونديال العربي القطري دروسًا، واستلهمنا قصصًا للنجاحات ستروى على مر السنين، وسيتحدثون عنها في المجالس، وسيتغنون بالمجد العربي القادم، فما علينا إلا الثبات على القيم والمحافظة على الهوية.
وكم أسرتني كلمات الأغنية الرسمية للمونديال التي تعبر عن حال الحالمين المحلقين في السماء حيث النجوم والكواكب وضوء الشمس الذي لا يغيب عن كوكب الأرض، وهيا بنا وارحبوا ومرحبا بكل منجز عربي، كلماتنا وهويتنا ولغتنا العربية وزينا الأصيل بالغترة والبشت، سجل يا زمان بمداد الفخر من هنا، من دولة قطر الشقيقة وصلنا لكل بيت على وجه المعمورة وأبهرنا العالم، وقلنا لهم هنا قطر، فهل من رد!؟ ومن يقول العكس؟ وهل لكم الجرأة والأدوات لذلك.
كما أثبتت البطولة أيضًا وجود رمق من حياة لجسد التلاحم الشعبي العربي وفصله عن أجهزة الإنعاش كالتي توجد في غرف العناية المركّزة، وأنّ وحدة الدين واللغة وصلة الرحم قادرة على صُنْع المعجزات للعرب.
إننا أمام دولة خبيرة بهموم الوطن العربي، تعرف الآن جيدًا ما يحتاج إليه، وترى أن دورها الحالي، بعد نضوج تجربتها وتميزها، واستوائها على سوقها، هو أن تنقل ما حصلته من معرفة وخبرة إلى الآخرين، لعلها تجد من يطلع عليها في أناةٍ، ويستفيد منها في إخلاصٍ، ويترجم ما عرفته إلى ما يسهم به في رفعة بلادها ورقيها.
آخر كلامي، التخطيط للكرة العربية !
بعد نجاح دولة قطر في التنظيم وتأكيد حضورها القوي عمقًا وجوهرًا، وتألق أسود الأطلس المبهر، حان الوقت لمعرفة مكامن داء الكرة العربية، وإيجاد الوصفات العلاجية، كي يتجاوز كل العرب هذه المطبات التي تطال كرتنا، وحتى نكون منافسًا شرسًا ورقمًا صعبًا في جميع البطولات القادمة، يلزمه أن ينطلق من إستراتيجية واضحة ومنظومة مؤسساتية تبني الأهداف وترسم لتحقيقيها البرامج التنفيذية المبدعة في تطبيقها، وأجزم أن من أهم العناوين لتلك الإستراتيجية ومنظومتها المسارعة في خصخصة الأندية العربية، لكي تدار بعقليات الشركات الكبرى، وليس بسيطرة وأهواء بعض أعضاء الشرف واستحداث بعضهم، وهذه هي المعاول الهدامة لكل خطة مستقبلية، فأزمة التسيير هي الإعاقة الحقيقية التي أنهكت جسم الكرة العربية؛ لأن بدون تسيير علمي وعملي وإستراتيجية واضحة؛ فإن جسمنا سيظل عليلًا ولن يقوى على المواجهة، وسنظل حبيسي مصطلحات (لو) كلما انهزمنا وانكسرنا .
الوقت لا يرحم وسقف الطموح لدى كل الشعوب ارتفع بوصول المغرب للمربع الذهبي، وبه وجب الإعلام ياسادة.