هل يتشبث جيل بلجيكا الذهبي بآخر فرصة مونديالية في قطر؟

كان أعظم إنجاز في تاريخ كرة القدم البلجيكية، الوصول لنصف نهائي كأس العالم 1986 بالمكسيك، حينما اغتال دييغو أرماندو مارادونا حلم "الشياطين الحمر" وسجّل هدفين، ليكمل طريقه مع منتخب الأرجنتين، ويرفع الكأس في نهاية المطاف بالفوز على ألمانيا 3-2 بملعب "أزتيكا" التاريخي، في حين أن بلجيكا خسرت مجددًا في مباراة تحديد المركز الثالث 2-4 أمام فرنسا.

لاحقًا وبعد 3 عقود تقريبًا، أحرزت بلجيكا المركز الثالث في مونديال روسيا 2018 مع جيلها الذهبي بقيادة الفتى الذهبي كيفين دي بروين، لتحقق أعظم إنجاز مونديالي في تاريخها، وتقترب شيئًا فشئيًا من الوصول إلى معانقة الكأس، وإن حدث فستصبح أصغر دولة –جغرافيًا- في التاريخ تحصد لقب المونديال، بالنظر إلى مساحتها التي لا تزيد عن 30 ألف كم مربع.

لم تشتهر بلجيكا سابقًا بكرة القدم، ولم تأت اللعبة ضمن طليعة اهتمامات الشعب البلجيكي الذي يُعد ضمن أغنى 10 دول في العالم، ما يجعله يبحث عن مزيد من الرفاهية بعيدًا عن الرياضات البدنية الشاقة؛ إذ اعتاد البلجيكيون ممارسة الرياضات الراقية؛ مثل الغولف والتنس والسباحة، لكن بعد إخفاق الوصول لنهائي مونديال 1986 تغيّر المشهد في بروكسل.

كيف بدأ الجيل الذهبي لبلجيكا؟

وضعت الجهات المسؤولة عن كرة القدم في بلجيكا بالتسعينيات، خطّة طويلة الأمد لتطوير اللعبة، واستقطاب مواهب ناشئة من كل بقعة في العالم لتكوين منتخب قادر على الفوز بكأس العالم خلال 20 عامًا؛ فجذبت لاعبين من الكونغو الديمقراطية؛ مثل القائد التاريخي فنسنت كومباني، وروميلو لوكاكو، وكريستيان بينتكي، ولاعبين آخرين من المغرب؛ مثل ناصر الشاذلي، ومروان فيلايني، ولاعبين من جنسيات أخرى.

المنتخب البلجيكي الذي وصل إلى نصف نهائي كأس العالم روسيا 2018، هو نتاج عمل هذا المشروع الوطني الذي شجّع المواهب التي في خارج بلجيكا والمهاجرين الذين هم داخلها على الالتحاق ببلجيكا وتمثيلها.

ويكفي معرفة أن لوكاكو ودي بروين وهازارد، الذين هم من أبرز نجوم الجيل الذهبي، نشؤوا معًا منذ الطفولة، وتدرجوا في الفئات العمرية المختلفة وصولًا إلى المنتخب الأول، ليشكلوا أعمدة الجيل الذهبي الذي هو ثمار عمل استمر لسنوات من المسؤولين.

الفرصة المونديالية الأخيرة لجيل بلجيكا الذهبي

مونديال قطر 2022 يُعد الأخير –نظريًا- لأغلب عناصر الجيل الذهبي لمنتخب بلجيكا عطفًا على تجاوزهم حاجز الـ30 من العمر، وأبرزهم ثنائي الدفاع توبي ألدرفيلد ويان فيرتونخن 33 و35 عامًا تواليًا. إضافة إلى أكسيل فيتسل (33) وتوماس مونييه (31). 

قبل المونديال.. بلجيكا تكشف عن قميصها الجديد

اقرأ المزيد

لكن الأخطر في الأمر هو الخط الأمامي؛ إذ يدخل دي بروين وإدين هازارد عامهما الـ32، بينما تخطّى المهاجم ديريس ميرتنز حاجز 35 عامًا، ما يعني أنه لا فرصة أخرى أمام هذا الجيل إن أخفق في مونديال قطر، بينما ستكون هناك فرص أخرى تنتظر الجيل الجديد بقيادة لوكاكو ويوري تليمانس وتشارلز دي كيتلير والبقية.

هل تستطيع بلجيكا الفوز بكأس العالم قطر 2022؟

البدايات دائمًا تنبئنا بالنهايات. تتنافس بلجيكا في مجموعة يمكن وصفها بالصعبة، والتأهل في صدارة تلك المجموعة بأداء ونتائج مقنعة سيكون أفضل اختبار لرفاق دي بروين؛ فالمغرب وكندا وكرواتيا منتخبات لا يمكن الفوز أمامها بسهولة، خاصة الأخيرة التي وصلت إلى نهائي نسخة 2018 في روسيا.

وكان هازارد لأكثر من 7 سنوات هو "ترمومتر" أداء منتخب بلجيكا وصانع ألعابه الأول، وبالتحديد في فترته مع تشيلسي الإنجليزي، لكن منذ انتقاله إلى ريال مدريد الإسباني عام 2019 وتسلسل الإصابات معه، حمل دي بروين على عاتقه منتخب بلاده، وبالنظر إلى ارتفاع نسقه ومستواه حاليًا مع مانشستر سيتي الإنجليزي، فإن 50% من قوة المنتخب البلجيكي تتمثل في الأداء الذي يقدمه دي بروين.

دي بروين أبرز لاعبي منتخب بلجيكا في الوقت الحالي

الرسم التكتيكي (3-4-3) الذي يتبعه المدرب الإسباني روبرتو مارتينيز مع المنتخب البلجيكي يمنح لاعبي الوسط حرية أكثر في التقدّم والإسهام في بناء الهجمات وصناعة اللعب. وبشكل كبير استقر مارتينيز على هذا التكتيك في مونديال قطر 2022، ولا توجد مؤشرات على أنه يرغب في تغييره. لكون هذا التكتيك لا يمنح الحرية للوسط فحسب، بل يضيف صلابة دفاعية كذلك.

أمّا القطعة الأبرز في تشكيلة بلجيكا فتتمثل في حارس المرمى تيبو كورتوا لاعب ريال مدريد الإسباني، الذي أسهم بتصدياته المميزة في حصد "الميرنغي" لثنائية الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا الموسم الماضي 2021-22، ويُنظر إليه حاليًا كأفضل حارس مرمى في العالم. كورتوا وأمامه ثلاثي الدفاع المستقر المتناغم منذ شهور (فيرتونخن– ألدرفيلد– ديناير) سيكون بمنزلة نقطة القوة الأولى للبلجيكيين في المونديال.

التشكيلة المتوقعة لبلجيكا في كأس العالم قطر 2022

لا جدال حول أحقية كورتوا بحراسة مرمى بلجيكا في كأس العالم، كذلك ثلاثي الدفاع المتألق مؤخرًا فيرتونخن وألدرفيلد وديناير.

من الوسط يبدأ الجدال، بالنظر إلى كونه يحتوي أكبر عدد من اللاعبين في خطوط المنتخب البلجيكي بواقع 4 لاعبين، لكن على ما يبدو فإن توماس مونييه من بوروسيا دورتموند الألماني المفضّل في مركز يمين الوسط، وفي اليسار هناك أحد الثنائي يانيك كاراسكو أو ثورغان هازارد. كما أنّ ثنائية قلب الوسط لن تخلو من أكسيل فيتسيل، والأقرب لمرافقته هو يوري تيليمانس نجم ليستر سيتي الإنجليزي.

القالب الهجومي المكوّن من 3 لاعبين، من المتوقّع أن يقوده مهاجم إنتر ميلان روميلو لوكاكو، ومن ورائه ثنائي صناعة اللعب المخضرم دي بروين وهازارد. هذا هو التشكيل المتوقع بحسب أغلب خبراء كرة القدم الأوروبية.