هل اتخذ أرسنال قرارًا صحيحًا في ميركاتو خط وسطه؟
اقترب متوسط ميدان ريال سوسييداد ميكيل ميرينو أكثر من الانتقال إلى أرسنال الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا باللاعب الذي حمل كأس أوروبا للأمم هذا الصيف رفقة منتخب إسبانيا.
ورغم عدم مشاركته أساسيًا إلا أن ميرينو كان قد خطف الأضواء في يورو 2024 وذلك بعدما سجل هدف فوز الماتادور على ألمانيا في نصف نهائي البطولة لتتأهل إسبانيا وتواصل طريقها حتى التتويج على حساب إنجلترا في النهائي.
لاعب وسط ريال سوسييداد قدم موسمين أخيرين مميزين جدًا مع النادي الباسكي تمكن في آخرهما من تسجيل خمسة أهداف وصناعة 3 آخرين، وجاء أداؤه هذا الصيف ليضع "الكريزة على كعكة الأداء" مثيرًا اهتمام عدة أندية في مقدمتها أرسنال وبرشلونة.
أرسنال قام بتوفير الأموال اللازمة
قام النادي اللندني بتحرك منطقي في سوق الانتقالات بعدما غلّب العقل على العاطفة ليبيع سميث رو إلى فولهام مقابل مبلغ وصل إلى 34 مليون جنيهًا إسترلينيًا.
هو رقم يفوق ما يُنتظر أن يدفعه "الغانرز" لضم ميرينو الذي يتبقى عامٌ واحد على تعاقده على مع ناديه ما يسهّل من عملية الخروج خاصة في ظل مماطلته في عملية تجديد عقده.
رئيس نادي ريال سوسييداد كان قد أكد على رغبة ناديه في الإبقاء على لاعبه الذي عاد لتدريبات الفريق الإعدادية، لكنه كذلك لم يستبعد رحيله عن الفريق ولو أنه أكد على أن سوسييداد سيسعى للحصول على أفضل مكاسب جراء تلك العملية.
ميكيل ميرينو الاختيار المناسب؟
لاعب وسط إسباني في منتخب عُرف بالرغبة في الاستحواذ ومن دوري تتنافس الفرق على أكبر استحواذ للكرة؟ حسنًا، ربما يكون الانطباع العام عن لاعبي الوسط الإسبان صحيح، وأن كثيرًا منهم لديه قدرة على الاحتفاظ بالكرة واللعب في مساحات ضيقة والتحكم في النسق أكثر من غيرهم، لكن هل هذه ميزة حقًا في ميكيل ميرينو؟
الإجابة بكل وضوح، قطعًا لا! ميكيل ميرينو ليس معروفًا بهذا النوع من اللعب، وصحيح أنه قد يفوق لاعبين آخرين بجنسيات مختلفة في هذا الصدد، لكنها ليست ميزته الكبرى وحتمًا ليست الخصلة التي لو كان هناك نادٍ يبحث عنها في انتدابه فسيكون ميرينو هو اختياره.
ماذا يريد أرسنال حقًا؟
الأمر يعتمد على أرسنال نفسه وما هي الإستراتيجية التي يريد ميكيل أرتيتا اتباعها في الموسم المقبل، فإن كان المطلوب لاعب محور قادرًا على قيادة الهجمة والتحكم في النسق ورسم خطة لسير اللعب فإن ميكيل ميرينو حتمًا لن يكون الاختيار الأنسب لهذا الأمر، بل إنه حتى لو تمت المقارنة بينه وبين زميليه في خط وسط ريال سوسييداد مارتين زوبيمندي وبرايس مينديس، فإن هذه الصفات ستتوافر في كليهما أكثر مع اختلاف في واجبات ومراكز الأخيرين.
فزوبيمندي لاعب أكثر دفاعية بإمكانه أن يلعب كارتكازٍ ثانٍ إلى جانب ديكلان رايس وهو ما قد يحرر مارتن أوديغارد تمامًا من أي واجبات دفاعية كبيرة كالتي يقوم بها على الجانب الأيمن ومن ثم يتحول "الغانرز" إلى ما يشبه خطة 4/2/3/1 بدلًا من 4/3/3 التي يبدو أرتيتا عاقد العزم على اللعب بها.
ورغم أن زوبيمندي لاعب ارتكاز إلا أنه لديه مميزات التحكم في النسق وقيادة سير اللعب ودفعه إلى جانب معين من الملعب مع قدرة مشابهة لما يفعله أهم ارتكاز في العالم رودري في اللعب حول منطقة الجزاء ولكن بجودة أقل.
بينما يمتلك برايس مينديس خصالًا قريبة جدًا من مارتن أوديغارد، فاللاعب الأعسر بإمكانه أن يتحول لصانع ألعاب متقدم أو كمحور في طريقة 4/3/3 وتحكمه في النسق لا بأس به أبدًا، بالإضافة إلى تمريراته البينية المؤثرة جدًا بينما يُعتبر مسددًا خطيرًا من خارج منطقة الجزاء.
ويشابه مينديس "في بروفايله" لاعب وسط فياريال أليكس بايينا، الرجل الذي كان صاحب أكبر عدد من التمريرات الحاسمة في ليغا الموسم الماضي ولديه قدرة أفضل من مينديس على اللعب على الجانب الأيسر بالإضافة إلى قدرة أفضل على الدخول إلى منطقة الجزاء أو التحول لمركز الجناح الأيسر، والأكيد أنه أفضل من ميرينو في كل ما يتعلق بالنظرة الشعبوية لغالبية اللاعبين الإسبان.
وإن كان أرسنال يرى في ميرينو قدرات دفاعية أفضل من مينديس وبايينا فالأمر صحيح، لكن هذا يعيدنا لخيار زوبيمندي الذي يعد لاعبًا مثاليًا للفكرة الأولى ببروفايل لاعب قادر على أن يكون كالمايسترو في خط الوسط من الخطوط الخلفية ليعاون أوديغارد من الخطوط الأمامية.
بروفايل أكثر إنجليزية؟
كل ما فات يمكن التغاضي عنه بخصوص ميكيل ميرينو إن لم يكن هذا ما يبحث عنه أرسنال، فربما يبحث النادي اللندني عن لاعب بطريقة لعب أكثر إنجليزية، من حيث القوة البدنية التي يتفوق فيها ميرينو على كل من سبق ذكرهم.
كما قد لا يكون لاعب مسيطر على سير اللعب هو البروفايل الذي يبحث عنه ميكيل أرتيتا، بل في لاعب لديه القدرة على كسب الصراعات الثنائية، وهو الأمر الذي يجعل ميرينو في طليعة كل هؤلاء، بل في طليعة كل لاعبي أوروبا بعدما كسب 326 تحديًا في الموسم الماضي وبفارق 50 تحديًا ناجحًا عن لاعب وسط نيوكاسل برونو غيماريش الذي كسب 286 تحديًا، وذلك حسب ما نشرته شبكة سكاي سبورتس مؤخرًا والتي أشارت إلى جملة قالها مدرب أرسنال في وثائقي all or nothing عندما أخبر لاعبيه أنه يكون غاضبًا عندما يخسر لاعبه تحديًا مشتركًا.
أما الميزة الأشهر التي لفتت نظر كثيرين له بعد هدفه في مرمى ألمانيا فهي قدرته على لعب الكرات الرأسية، وهي الكرة التي لم تكن مصادفة أبدًا، فبجانب احتلاله للمركز الثاني في ترتيب لاعبي الليغا من حيث كسب الصراعات الهوائية (168 صراعًا)، كان ميرينو عاملًا مؤثرًا جدًا في استفادة ريال سوسييداد من الكرات الثابتة خاصة الركنية منها في أوقات كان النادي الباسكي لا يمر فيها بأفضل فتراته عكس الموسم قبل الماضي الذي كان الفريق الأبيض والأزرق في قمة مستواه آنذاك.
ميرينو يمتلك أرقامًا لافتة في استخلاصات الكرة كذلك، إذا يحتل المركز الخامس في قائمة أكثر من استخلص الكرة لفريقه في الثلث الأوسط من الملعب بـ112 استخلاصًا، ويحتل المركز الثاني عشر في قائمة اللاعبين الأكثر استخلاصًا للكرة من الثلث الدفاعي للمنافس بـ21 استخلاصًا.
الخلاصة
إذن، إستراتيجية أرسنال ستحدد ما إذا كانت صفقة صاحب الـ28 عامًا هي الصفقة المناسبة للفريق الأحمر أم لا، فإن كان يبحث عن مايسترو في وسط الملعب يمكنه أن يكون قائدًا لكل ما يحدث فيه فإن هناك خيارات أخرى تتفوق على ميرينو، ما لم تكن الحسبة المالية لها دور في الاختيار.
أما إن كان أرتيتا يبحث عن بروفايل إنجليزي أكثر فإن ميرينو سيكون اختيارًا ممتازًا، علمًا بأن المدرب الإسباني بحث عن أشياء اختلف معها كثيرون حول كاي هافيرتز، ورغم أنه يحاول كسب الرهان حتى الآن.
وبينما توجد الكثير من الشكوك حول المهاجم الألماني الذي تحسن في نهايات الموسم، إلا أنه لا يمكن أن توجد نفس الشكوك حول ميرينو إن كان اختياره لما يميزه فعلًا وليس لما يُعتقد أنه يميز كثيرين من الإسبان، حتمًا ميرينو ليس منهم.