مصائب قوم كرة العراق!

2022-11-13 15:31
المنتخب العراقي خسر أمام نظيره المكسيكي برباعية نظيفة (facebook/iraqfa)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

سبعة أيام فقط، وتتجه أنظار الكون إلى مدينة الدوحة وهي تحقّق حلم العرب الذي طال منذ 92 عاماً؛ بحثاً عن بطولة مونديال يحتفون بها على أرضهم، حتى جاء أبناء قطر في الموعد ليجمعوا العالم في ليالٍ مُضيئة بكرنفالات أقوى المنتخبات من جميع القارّات الساعية لإثبات وجودها في النسخة الـ22، الأكثر تشويقاً، قبل افتتاحها المُرتقب.

وكان لبعض المنتخبات المشاركة في المونديال جولات اختباريّة مع بعض منتخبات المنطقة لجسّ النبض، واستشعار الثِقة، والوقوف على الفوارق الفنيّة في محاولة اختزالها أو تدعيمها قُبيل الدخول الرسميّ في البطولة، وحفلتْ بعض نتائج اللقاءات الدوليّة الوديّة بنتائج مروِّعة، وأخرى قانِعة، في ضوء درجة الاستعداد الذهنيّ والبدنيّ، وتكامل صفوف النجوم من عدمه!

وحظي منتخب العراق بمباراتين كبيرتين مع فريقين من أمريكا الشمالية والجنوبية، هُما المكسيك والإكوادور، وبالكاد نجح العراق في جمع مجموعة من لاعبيه، بعد أن سمح رئيس اتحاد كرة القدم، عدنان درجال، وزملاؤه في الهيئة التنفيذيّة بالمُغامرة في خوض المباراتين، برغم ابتعاد المنتخب عن التجمّع وخوض الوحدات التدريبية مدة 214 يوماً، منذ 1 أبريل/ نيسان 2022، قبل أن يتمكّن من تخصيص 12 ساعة فقط على مدى ستة أيام في ملعب "الشعب الدولي" بقيادة مدرّبه "المؤقّت" راضي شنيشل، من يوم الثلاثاء 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، قبل الدخول في مواجهة ثقيلة أمام المنتخب المكسيكي حامل التصنيف العالمي (19) مقابل (70) لمنتخب العراق يوم 9 نوفمبر 2022.

وأسهم إيقاع اللعب لـ90 دقيقة في شعور العراقيين بلا استثناء بـ"الخجل الشديد"، وهُم يشاهدون أسود الرافدين محاصرين في مساحة دفاعهم لمنع لاعبي المكسيك من مضاعفة رصيد أهدافهم الأربعة، التي سُجِّلتْ على طريقة "التمرين الخفيف"، وسط استياء المدرب الأرجنتيني جيراردو مارتينو من ضعف المنافسة، وعدم تحقيقها الهدف المرسوم لها قبل دخوله موقعة كأس العالم للتباري مع المنتخب السعودي (على أساس تشابه أسلوب اللعب في منطقة غرب آسيا)، حتى أن مارتينو أهمل أصول اللياقة في نهاية المباراة، ولم يذهب لمصافحة شنيشل كتقليد مُتعارف بين "الملاكات" الفنيّة في اللعبة!

هل تورّط أسود الرافدين في القبول بمواجهة كهذه ناقِصة أدوات التحضير المُكافئ؟ نعم، برغم بروز أصوات مُدافعة عن خيار الاتحاد، نادَتْ بضرورة الابتعاد عن منافسة المنتخبات الضعيفة في المنطقة ومنح الثقة للاعبين حتى لو جاءت على حساب الهزيمة الثقيلة، وكُنّا سنتفق مع هذا الرأي لو كان منتخب العراق مُستعداً فنيّاً ولديه مدرب مستقرّ وتشكيل معلوم في مراكز اللعب مع البُدلاء.

بعد ثلاثة أيام، وضع أسود الرافدين أنفسهم أمام تحدٍ جديد، بمواجهة منتخب الإكوادور المصنّف (44) عالمياً، وحزموا أمرهم بتناسي الرُباعيّة المكسيكية في جيرونا، ودخلوا ملعب سيفيتاس ميتروبوليتانو بمدريد وهُم عازمون على حفظ ماء الوجه لمنتخب تلاعبت به ظروف البلد والاتحاد، ليكون رهن الاستعداد للمناسبات الطارئة من دون منهج يدُلّنا على مصيره لأكثر من شهر!

المفاجأة التي طبّل لها إعلام الفيسبوك وتويتر أن صمود أسود الرافدين أمام نجوم الإكوادور ومدرّبهم الانفعالي الأرجنتيني غوستافو ألفارو (الطامح لذات هدف مواطنه مارتينو قبل لقاء قطر في الافتتاح) يُعد دافِعاً إيجابيّاً لهم، بعد كبوة المكسيك، لنهوض قريب بصُحبة المدرب الإسباني خيسوس كاساس!

بينما الأخطاء الساذجة في ممارسة الواجبات الدفاعيّة والهجوميّة لم تزل توصم أفراد المنتخب بـ "البلاهة"، نتيجة تشتّتْ الفكر في أثناء تمرير الكرة، وعدم المحافظة عليها لـ30 ثانية! وسوء التغطية، وكيفية مواجهة الغريم بدلالة خطأ المدافع بمدّ ذراعه وتسبّبه بركلة جزاء (د3 من الوقت بدل الضائع)، وكذلك الاستسلام التام للمهاجم، وغيرها من المؤشّرات التي تؤكّد أن التعادل مع الإكوادور مُنجَز الحارس الشجاع جلال حسن وحده!

ولا مناص من الاعتراف بأن مصائب قوم كرة العراق، التي أضاعها أهل الكرة أنفسهم بسوء قرارات المزاج والتفرّد، غدت بمثابة فوائِد لدى منتخبات أخرى اغتنمت التقهقر، وعزّزت قواها، وجرّبت كل فنون التسالي في مساحة اللعبة، وسط حسرات الجمهور العراقي الذي سئِم انهيار الجيل الجديد فاضحاً هشاشة تكوينه الفني، الذي يبقى بحاجة إلى الخبرة الأجنبيّة في جميع مراحل الصقل من البراعم إلى الشباب، ولا مجال للمُماحكة في استعراض المُقارنة بين المدربين الوطنيين والأجانب.

ماذا عن المدرّب المُراقِب كاساس؟ هل قوّض الأداء الهزيل لأسود الرافدين ثقتهِ بنفسهِ وأشعرهُ بالندم على قبول المهمّة المُحرجة معهم؟ من دون شك أن الأيام تحمل قرارات مصيريّة لا يمكن التكهّن بها، لا سيما أن منسوب التفاؤل لا يكفي كاساس ليروي العراقيين عطش البطولة من كأس خليجي 25 في البصرة، فالمهمّة المستحيلة بدأت الآن وخيارات النجاح أصعب ممّا تصورها!

شارك: