مؤتمر الكاف بالمغرب يضع اتحاد الكرة الجزائري في أزمة سياسية

2021-06-08 09:01
رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم خير الدين زطشي- صورة أرشيفية (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

يعيش اتحاد الكرة الجزائري أزمة طاحنة غير مسبوقة امتدادا للأزمات والمشاكل التي يواجهها منذ فترة طويلة، في إطار سعي القيادة الحالية للاتحاد برئاسة خير الدين زطشي للاستمرار لولاية أخرى بعد نهاية ولايته الأولى، وتعدت الأزمة المجال الرياضي لتمتد إلى الجانب السياسي في خضم الأحداث المتسارعة التي شهدتها الجمعية العمومية للاتحاد الإفريقي للعبة "الكاف" نهاية الأسبوع الماضي، والتي أفرزت مشكلة كبيرة مفاجئة للاتحاد الجزائري.


لم يتخلص اتحاد الكرة في الجزائر من مشكلته الأولى مع وزارة الشباب والرياضة التي ترفض تماما مطالب الاتحاد بعقد جمعية استثنائية لتعديل قوانينه الأساسية، حتى وجد الاتحاد نفسه في قلب أزمة عاصفة جديدة بسبب تورطه في المشاركة بتعديل إحدى لوائح الاتحاد الإفريقي خلال جمعيته العمومية الأخيرة.


حيثيات الأزمة


حملت اللائحة المعدّلة التي جرت المصادقة عليها بالإجماع بحسب بيان للاتحاد الإفريقي، صبغة سياسية محضة، إذ يتعلق الأمر بالمادة الرابعة التي تحدد شروط وإجراءات انضمام اتحادات جديدة للكاف، وكانت تنص المادة قبل تعديلها على أن الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مفتوح لجميع الطلبات من الاتحادات الوطنية الإفريقية، ويخضع ذلك لسلطة الجمعية العمومية للموافقة عليها.

بينما تنص المادة الخامسة على أنه يشترط على أي اتحاد يرغب في الانضمام إلى الكاف أن يتقدم فقط بطلب للأمانة العامة للاتحاد الإفريقي، مصحوبًا بإعلان ينص على التزامه بالامتثال للوائح والتوجيهات وقرارات الاتحاد وقوانين اللعبة.


وبالمقابل تنص التعديلات الجديدة، وفق وسائل إعلام مغربية وإفريقية، على أنه يشترط على كل اتحاد يرغب في الانضمام إلى الكاف أن يكون مكتمل العضوية لدى الأمم المتحدة، وإلا فلن يُقبل طلبه، ويعني هذا القرار بشكل مباشر وفق وسائل إعلام جزائرية ومغربية، قطع الطريق على انضمام محتمل للصحراء إلى الكاف، إذ تعد الجزائر أحد أبرز مساندي استقلال الصحراء وداعمي قضيتها منذ سنوات طويلة، بينما توجد القضية الصحراوية في قلب نزاع سياسي جزائري- مغربي.


هل وقع الاتحاد الجزائري في المحظور؟


تضمن جدول أعمال الجمعية العمومية للكاف بالفعل، مقترحا لتغيير بعض القوانين، دون أن يذكر بالتفصيل وبصراحة ماهية القوانين التي سيتم تعديلها أو تغييرها، ويبدو أن هذا الأمر لم يتفطن له ممثلو الاتحاد الجزائري، إذ أظهر مقطع فيديو متداول إعلان الأمين العام للكاف بأن التعديلات الجديدة جرت المصادقة عليها بنسبة مئة بالمئة، دون أن يذكر اعتراض أي طرف عليها.


إلا أن تمرير تعديل هذه المادة بحضور رئيس الاتحاد الجزائري ونائبه وكذلك الأمين العام للاتحاد وعدم تسجيلهم موقفا يعترضون به على تمرير هذا الأمر، أثار لغطا كبيرا لدى وسائل الإعلام، وصل صداه إلى أعلى هرم في السلطة، بحسب تقارير صحفية جزائرية.


وشكّل تعديل هذه المادة صدمة قوية لدى وسائل الإعلام والجماهير في الجزائر، إذ ترى في ذلك انتهاكا صريحا للقضية الصحراوية، واستفزازا مباشرا للسلطات الجزائرية، وكان وقع هذا الأمر أشد على اتحاد الكرة الجزائري، الذي وجد نفسه في موقف حرج للغاية، وعنونت جريدة "النهار" صدر صفتحها الأولى يوم الأحد: "زطشي يطعن القضية الصحراوية ويتجاوز الخطوط الحمراء"، وأضافت الصحيفة: "احتفالات في المغرب بعد انتصار دبلوماسيته الرياضية على الجزائر".


حرب تسريبات


بينما أظهرت وثيقة مسربة من وزارة الرياضة أن الأخيرة حذرت زطشي من وضعها أمام الأمر الواقع ومغامرته بصورة الجزائر، تعليقا على سوء تسيير الأخير لمساعيه بالترشح لعضوية مجلس اتحاد الكرة الدولي "الفيفا" والذي تم التحضير له بطريقة سيئة جدا، بداية من رفض ملفه من طرف الفيفا، ثم إنصافه من طرف محكمة التحكيم الرياضي الدولي "كاس"، نهايةً بانسحابه من سباق الانتخابات، ما أفرز فوز المغربي فوزي لقجع والمصري هاني أبو ريدة بمنصبي عضوية مجلس الفيفا.


وقبل تسريب وثيقة الوزارة، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي بالجزائر تسريب عدة وثائق، تخص مراسلات الاتحاد الدولي لنظيره الجزائري، تنص على ضرورة قيام الأخير بتعديل قوانينه الأساسية قبل جمعيته العمومية الانتخابية المرتقبة خلال النصف الأول من السنة الحالية، وحملت تلك المراسلات تهديدا صريحا بإمكانية تعرض الاتحاد الجزائري للعقوبة في حال لم يعدل قوانينه، في ظل رفض وزارة الرياضة ذلك.


زطشي يتهم الوزارة بتسريب وثيقة رسمية


ومن جهته نفى الاتحاد الجزائري في بيانات مختلفة أن يكون قد انتخب أو صادق على تعديل القوانين الأساسية للاتحاد، ومنها المادة المذكورة سلفا، مؤكدا أنه لا يمكنه الانخراط في أمور تضر بالمصلحة العليا للبلاد ومبادئها وسياستها.


وفي أول رد فعل له حول ما حصل، تحدث رئيس الاتحاد الجزائري مباشرة للصحفيين لدى عودته من المغرب إلى الجزائر، حيث قال في هذا الشأن: "بعض الأطراف تسعى لتغليط الرأي العام، موقفنا ثابت ولا أحد يعطينا دروسا في الوطنية، أو في قضيتي فلسطين والصحراء، نحن لم نصوت تماما على القانون المتعلق بخصوص تعديل شروط انضمام الاتحادات للكاف، وقمنا أيضا برفض الحصيلة المالية للكاف".


وأما بخصوص تسريب الوثيقة الصادرة عن وزارة الرياضة بخصوص ترشح لعضوية مجلس الفيفا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال زطشي :"تسريب الوثيقة من طرف الوزارة أمر خطير جدا، لأن تلك الوثيقة لم تحمل ختم استلام من طرف الاتحاد، نحن نتعامل بثقة مع الوزارة وكانت الأمور تسير في ظروف حسنة لكن تسريب تلك الوثيقة يجعلني أتساءل حول هوية من قام بهذا الفعل". وختم قائلا: "سنرفع دعوى أمام العدالة ضد مجهول لتحديد هوية من سرب تلك الوثيقة من داخل الوزارة، ونشرها بمواقع التواصل الاجتماعي".


 

شارك: