فهمي هويدي.. كرة القدم عشق وصل إلى ذروته عند أبو تريكة!

تحديثات مباشرة
Off
2023-05-13 12:50
أرشيفية- أسطورة كرة القدم المصرية محمد أبو تريكة (Getty)
وسام كنعان
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"الحق الذي لا يستند إلى قوة تحميه باطل في شرع السياسة".. قد تكون هذه الجملة التي قالها يوماً ما المناضل الكوبي "تشي غيفارا" بمثابة خارطة طريق وخطّة عمل لكتّاب ومفكرين وسياسيين وصحافيين خاضوا في العمل السياسي والاحتكاك مع أصحاب القرار! وقد يكون الصحفي والكاتب المصري فهمي هويدي واحداً من هؤلاء. طبعاً لن يكون غريباً أن تخطف كرة القدم قلوب فنانين وأدباء وشعراء وغيرهم ممن استلهموا في أعمالهم من الساحرة المستديرة، لكنّ المفاجأة أن تجد كاتباً سياسياً يعترف بعشقه لهذه اللعبة رغم ظنون عابرة بأنها لن ترقى لأكثر من لعبة، ولن تأسر قلوب أشخاص مهتمين بالسياسة وغيرها! هكذا، ثبت مرات عدّة بالدليل القاطع والبرهان الجلي أن الأفكار المعلبة ومسبقة الصنعة ستترنّح تحت وطأة الدراما التي تكتنزها كرة القدم، وسحر دهشتها، ورفعة المزاج الذي تصنعه تماماً مثلما تنهار مفاهيم السياسة، ويتبدد التعصّب ليتحوّل إلى تشجيع لواحد من الفرق المتنافسة. فالمتعة سيدة المشهد والكرة وحدها من تحكم، والقرار النهائي للحكم من أوّل مرة أو بعد العودة للفار حديثاً!

تخرّج هويدي في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1960، ثم التحق بقسم الأبحاث في جريدة "الأهرام" منذ عام 1958، ليقضي فيها 18 عاماً تدرّج خلالها في مواقع العمل، إلى أن صار سكرتيراً لتحرير الجريدة. انضم منذ 1976 إلى أسرة مجلة "العربي الكويتية" وأصبح مديراً لتحريرها. تخصص منذ عشر سنوات في معالجة الشؤون الإسلامية؛ لذا اعتبر من أبرز المفكّرين الإسلاميين المعاصرين.. كرّس معظم مجهوداته لمعالجة إشكاليات الفكر الإسلامي والعربي في واقعنا المعاصر، داعياً إلى ترشيد الخطاب الديني، ومواكبة أبجديات العصر. اعتزل الحياة العامة منذ قرابة 10 سنوات في حالة تقاعد بعد مشوار صحفي مترف بالغنى.

تلك السيرة غالباً ستخلّف نوعًا من المفاجأة بأن يكون الرجل مهتماً بكرة القدم، بل ويكشف لاحقاً عن أنه كان لاعباً أيضاً، وإن كان الحزم والظهور المتسم بالانضباط الصارم من صفات الرجل، مع الاهتمام الوافي بالإستراتيجيات والاتفاقات، فإن لكرة القدم لغزاً عميق المفعول يبطل كلّ تلك المواضيع ويستبدلها بالفرح العامر بشكل لا إرادي، والانسجام المطلق مع روح اللعبة ومنطقها المتصاعد بطريقة غير منتظمة لكنّها خلّاقة للحد الأقصى.

يقول فهمي هويدي: "جعلني محمد أبو تريكة أعشق كرة القدم، ورغم علاقتي التي توترت حيناً، وانقطعت في حين آخر، ففي المرات التي أتيح لي أن أتابعه فيها كنت أجده لاعباً ماهراً ينزل إلى الملعب، وكأنه مقدم على نزهة وليس معركة، ويتعامل مع الكرة باعتبارها صديقاً لها وليس لاعباً بها، وأحيانا كنت أجده فناناً يغازل الكرة ويغزل بها، في حين يبدو غيره، وكأنهم "شلة فتوات" سلّطهم مدربهم على الفريق الآخر.. لقد أعادني أبو تريكة بأدائه ومواقفه إلى مقاعد مشاهدي كرة القدم، حتى ضربت صفحاً عن ذكرياتي القديمة معها، حين كنا، ونحن تلاميذ في الابتدائية نلاعب فريقاً من أبناء المنطقة التي نسكنها بحلوان، وقفزت لأضرب الكرة برأسي فإذا بي أصطدم برأس لاعب في الفريق الآخر وتشج رأسانا، فنسقط وقد كست الدماء وجهينا، الأمر الذي استوجب إجراء عدة غرز في جبهة كل واحد منا لا يزال أثرها باقياً عندي حتى الآن، وكان اللاعب الآخر الذي شُج رأسه هو الكابتن محمود الجوهري الذي أصبح  مديراً فنياً لاتحاد كرة القدم".. يشرح هويدي ويضيف: "هذه الحادثة أصابتني بعقدة من كرة القدم في وقت مبكر، نسيتها وتجاوزتها بمضي الوقت؛ لكن العقدة تجددت مع هزيمة يونيو/ حزيران 1967، التي لا أعرف لماذا أصابتني بالزهد في الرياضة كلّها، بحيث انقطعت عن مشاهدة مباريات كرة القدم، وبعد مضي عقد أو اثنين عدت إلى مشاهدتها بصورة متقطعة في أوقات الفراغ، إلى أن ظهر أبو تريكة في الأفق".

شارك: