شاهد | 3 عوامل أدت إلى نهضة كرة القدم في موريتانيا
"إن الخمول الذي تعاني منه كرة القدم في موريتانيا ليس قدرًا محتومًا حتى نستسلم؛ ولكنه مرض يحتاج إلى علاج"، بهذه الكلمات بدأت النهضة الكروية الموريتانية من طرف قائلها أحمد ولد يحيى، الرئيس الحالي للاتحاد الموريتاني لكرة القدم.
موريتانيا بلد المليون شاعر، لم تكن معروفة في الساحة الكروية الأفريقية، ولكن الوضع تغير بعد قدوم أحمد ولد يحيى وانتخابه رئيسًا للاتحاد الموريتاني يوم 29 يوليو/ تموز 2011.
وبالإضافة إلى عمل رئيس الاتحاد الكروي الموريتاني، توفرت عوامل أخرى أدت إلى تطور كرة القدم في موريتانيا، مما أدى لتأهل منتخب المرابطين ثلاث مرات متتالية إلى كأس أمم أفريقيا.
دعم الحكومي لتحقيق نهضة كرة القدم في موريتانيا
كرة القدم في موريتانيا كانت تعاني من مشكلات عدة، وصلت إلى تسليط عقوبات قاسية على منتخب المرابطين بسبب انسحابه من تصفيات كأس أمم أفريقيا 2010، ولكن الوضع تغير مع قدوم أحمد ولد يحيى لرئاسة الاتحاد الموريتاني لكرة القدم عام 2011.
ولكن ولد يحيى لم يكن وحده في مشروع نهضة كرة القدم في موريتانيا، بل حظي بدعم من أعلى هرم في رأس السلطة، وهو الرئيس السابق للبلد محمد ولد عبد العزيز.
نهضة كرة القدم في موريتانيا ارتبطت بإرادة تجسدت في وقوف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على تطور كرة القدم في هذا البلد عن طريق حرصه شخصيًا على توفير الإمكانيات المادية وتحسين البنى التحتية وحضوره شخصيًا لمتابعة مباريات منتخب موريتانيا أو المرابطين"مثلما يلقب؛ وذلك لدفع عجلة كرة القدم في البلد.
واستمر الدعم الحكومي للبلد مع الرئيس محمد ولد الغزاوني الذي سار على خطى سلفه، وأسهم كذلك في توفير عوامل النجاح حتى تكون النهضة الكروية الموريتانية حقيقة على أرض الواقع سواء على مستوى المنتخب الأول أو منتخبات الفئات السنية والأندية الموريتانية بشكل عام.
وقام الرئيس محمد ولد الغزواني شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بتدشين توسعة مقر الاتحاد الموريتاني لكرة القدم ومقر أكاديمية تابع للاتحاد ومقر للقناة الرياضية الموريتانية ومركز للطب الرياضي.
"العراب" أحمد ولد يحيى
بداية مشروع نهضة كرة القدم في موريتانيا كانت مع انتخاب أحمد ولد يحيى رئيسًا للاتحاد الموريتاني لكرة القدم عام 2011، حيث وضع مخططًا للنهوض بالساحرة المستديرة في بلده ليكون لها شأن في الساحة الكروية الأفريقية والعربية والمغاربية.
ولد يحيى هو رجل أعمال موريتاني ولد يوم 7 يناير/ كانون الثاني 1976 بمدينة (نواذيبو) شمالي البلاد، ودخل عالم كرة القدم عن طريق تأسيس نادي نواذيبو عام 1999، والذي أصبح فيما بعد واحدًا من أشهر الفرق في موريتانيا.
ووضع ولد يحيى "عراب" النهضة الكروية إستراتيجية أخرجت الكرة الموريتانية من النفق المظلم الذي كانت فيه، والتطور لم يشمل منتخب موريتانيا الأول فحسب، بل امتد إلى العديد من قطاعات كرة القدم في موريتانيا.
وقام ولد يحيى رئيس الاتحاد الموريتاني والذي أصبح نائبا لرئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم منذ عام 2019 بفتح أكاديمية تستقبل الشباب رياضيًا ودراسيًا، كما أصبحت فرق الفئات السنية تشارك في دورات خارجية مثل بطولة "كوتيف" في إسبانيا، وهو ما سمح لبعض اللاعبين الموريتانيين بالتوقيع لأندية أوروبية.
وسعى الاتحاد الموريتاني بقيادة ولد يحيى إلى إنجاح النهضة الكروية الموريتانية عن طريق تطوير البنى التحتية، حيث تم تطوير ملعب شيخا ولد بويدية وزيادة سعته من 1000 إلى 8500 مقعد وأصبح يحتضن اللقاءات الدولية.
وفي عهد ولد يحيى أصبح لموريتانيا دوري ممتاز ودوريات للفئات السنية، كما نجح نادي نواذيبو الذي أسسه عام 1999 ورحل عن رئاسته عام 2011 في بلوغ دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا لأول مرة في تاريخه خلال موسم 2023-2024.
ونجح الاتحاد الموريتاني كذلك تحت رئاسة ولد يحيى في إقناع العديد من اللاعبين مزدوجي الجنسية في حمل قميص منتخب موريتانيا، وآخرهم أبوبكاري كويتا مهاجم نادي سانت تروند البلجيكي والذي يعد واحدًا من هدافي الدوري البلجيكي موسم 2023-2024.
مساعدة الاتحاد الدولي لكرة القدم
ومن بين العوامل الأخرى التي أدت إلى النهضة الكروية الموريتانية هي مساعدة ودعم الفيفا لموريتانيا عبر بعض البرامج، وأبرزها برنامج FifaForward لتطوير كرة القدم العالمية.
واستخدم الاتحاد الموريتاني لكرة القدم مبلغ 11.1 مليون دولار الممنوح من برنامج الفيفا لتطوير البنية التحتية وإحداث تغيير كروي جذري في موريتانيا، ويعتبر مقر الاتحاد الكروي وملعب الشيخة بويدية من بين المرافق التي استفادت من تمويل برنامج الفيفا.
وحصلت موريتانيا أيضًا على دعم من الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره أول بلد يستفيد من مشروع "الفيفا" لكرة القدم المدرسية، واستفاد البلد من هذا المشروع عام 2019، حيث يدعم هذا البرنامج البطولات المدرسية التي يلعب فيها الأطفال في الفئات السنية الصغيرة.
وقام "الفيفا" عبر هذا البرنامج بتقديم معدات مدرسية وكروية لتحقيق أهداف هذا المشروع المتمثلة في نشر ثقافة ممارسة مختلف الرياضات ومنها كرة القدم في موريتانيا وغيرها من البلدان، ونشر لعبة كرة القدم وإكساب الممارسين ثقافتها منذ سن صغيرة.
أبرز نتائج النهضة الكروية الموريتانية
ومن أبرز نتائج نهضة كرة القدم في موريتانيا هو التطور الحاصل في مستوى المنتخب الموريتاني، وأولى ثمار العمل الذي قام به مسؤولو كرة القدم في البلد كان التأهل إلى كأس أمم أفريقيا للمحليين عام 2014 التي نظمتها جنوب أفريقيا، رغم الخروج من الدور الأول لتلك الدورة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن منتخب موريتانيا للاعبين المحليين شارك في كأس أفريقيا للمحليين "الشان" عام 2018 بالمغرب وغادرها هي أيضًا من الدور الأول.
وعاد منتخب موريتانيا للمحليين للمشاركة في "الشان" للمرة الثالثة، وذلك في نسخة الجزائر 2022، غير أنه نجح هذه المرة في تجاوز دور المجموعات، وتأهل إلى ربع النهائي الذي أقصي فيه على يد حامل اللقب في تلك الدورة السنغال.
وعلى مستوى منتخب موريتانيا الأول، فإنه نجح في التأهل إلى كأس أمم أفريقيا لأول مرة في تاريخه خلال نسخة مصر 2019، وغادرها من الدور الأول، ليؤكد بعدها تطور كرة القدم الموريتانية بمشاركة منتخب "المرابطين" في "كان" 2021 الذي ودعه من الدور الأول كذلك.
وفي منحى تصاعدي يؤكد النهضة الكروية الموريتانية، تأهل منتخب المرابطين إلى كأس أمم أفريقيا 2023 المقررة إقامتها في كوت ديفوار، حيث أوقعته القرعة ضمن المجموعة الرابعة إلى جانب منتخبات الجزائر وأنغولا وبوركينا فاسو.
وعلى مستوى أندية كرة القدم في موريتانيا، حقق نادي نواذيبو إنجازًا تاريخيًا بوصوله إلى دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا موسم 2023-2024 كأول فريق موريتاني يحقق هذا الإنجاز.