دوري أبطال ريال مدريد.. بات يقينًا ولم يعُد مزحة!

تحديثات مباشرة
Off
2024-05-09 16:42
دوري أبطال ريال مدريد.. هل بات حقيقة يجب الاعتراف بها إلى حين إشعار آخر؟ (X/realmadrid)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

دوري أبطال ريال مدريد.. كان هذا الشعار الذي يحمل شكلًا من أشكال التهكم وما يزال، أحد أسلحة "المدريديستا" القوية في مواجهة جماهير منافسيهم في كل مكان "في الملعب، والمقاهي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أي مساحة لنقاش يدور رحاه"، حول إثبات السطوة والهيمنة على الكرة الأوروبية ومسابقتها الفخرية الأهم على مستوى الأندية.. دوري الأبطال.

ليلة أخرى خالدة من ليالي "سانتياغو برنابيو" الأوروبية، بصم عليها ريال مدريد بشخصيته التي باتت علامة مسجّلة له وبحقوق محفوظة، عندما أوهم بايرن ميونخ المتسلّح بعقلية الألمان التي تأبى الاستسلام، بأنّه رمى المنديل واستسلم لهدف ألفونسو ديفيس في الدقيقة (68)، قبل أن ينفجر بركان "البلانكوس" في "خواتيم العادة"، ويرشّح "رجل الدكة" خوسيلو ماتو، ليكون عريس الليلة ويلعب دور البطولة المطلقة، بتوقيع هدفين قياسيين مثيرين للجدل في ظرف دقيقتين فقط (88 و90)، كانا كافيين للإعلان عن فرحة عارمة لأهل الدار وإدخال الضيوف في دراما "هيتشكوكية" تحت وقع "هيستيريا الصدمة".

لماذا دوري أبطال ريال مدريد ؟ التاريخ يجيب

دوري أبطال ريال مدريد هو بلا شك شعارٌ يستفزّ الجماهير الأخرى، غير أنّ فيه نصيبًا من الوجاهة على الأقل استنادًا لما يسرده التاريخ من حقائق وأحداث، تفكّ إلى حد كبير شِفرة هذه "العلاقة الغرامية العجيبة" بين "ملوك إسبانيا" والكأس "ذات الأذنين"، معشوقة أندية القارة العجوز والجماهير حول العالم.

وفي هذا السياق لن نُسهب بسرد حزمة من الأرقام لا فائدة من ذكرها، يكفي فقط أن نستدلّ بثلاث حقائق تاريخية تلخّص "قصة الريال الملهمة" مع المسابقة، أولها وأوضحها وأكثرها انتشارًا أنّ الريال هو حامل الرقم القياسي للتتويج بالبطولة (14) مرة، وثانيها الذي يفسّر جانبًا من هذه "الكاريزما" الفذة في المسابقة، بلوغ النهائي للمرة الثامنة عشرة يوم أمس وهو رقم استثنائي في قارة مثل أوروبا، التي تعجّ بالأندية العملاقة صاحبة العراقة، أمّا ثالثها، فخسارته للنهائي في 3 مناسبات فقط من جملة 17 مباراة نهائية خاضها حتى الآن (باستثناء الموسم الحالي)، وهو ما يمكن اعتباره حصيلة "مرعبة".

كلّ ما فات هو أساس مهم، شَحَنَ أرصدة الخبرة والتمرّس بالبطولة عند كل من يتقمّص الزي الأبيض من إدارة ولاعبين وحتى جماهير، حيث إنّ الكل يحدوه إيمان راسخ ودائم في التتويج بلقب الـ"تشامبينزليغ" وهو ما دفعهم في أمسية الأمس لارتداء أقمصة كُتب عليها "A POR LA 15" أي إلى الخامسة عشرة (الكأس)، وهذا الأمر ساري المفعول حتى إن كان وضع الفريق على مستوى الليغا مضطربًا، وهو ما حدث في عديد المواسم، حين كان "الميرينغي" يعزف لحن النشاز محلّياً مقابل تفنّنه في "إطراب" الجميع قاريًا.. معادلة غير منطقية ولكنها تثير الإعجاب، لذلك لا لوم على مدريدي بعد اليوم يردّد المقولة الشهيرة.. "دوري أبطال ريال مدريد".

كما أنّ هناك معطى آخر يتناساه الأغلبية، وهو أنّ ريال مدريد يبتعد عن أقرب ملاحقيه في سباق التتويج بالبطولة الأهم، إن كان من المقبول أن نسمّيه "سباقًا" من الأساس، بفارق الضعف، عن ميلان الإيطالي صاحب الألقاب السبعة، والذي لم يعانق الكأس منذ 17 عامًا، لذلك فإنّ الفوارق بين الريال وبقية الركب شاسعة، وليست مرشّحة للتقليص الكبير، على أقل تقدير في السنوات القليلة القادمة.

حجج واهية بدّدتها الأقدام

تمسّك المعسكر المناهض لكل ما هو مدريدي منذ سنوات، بأنّ تفرّد الريال مع المسابقة، يعود في جزء منه لألقابه الخمسة، التي حصدها تزامنًا مع نشأة البطولة، أعوام 1956 و1957 و1958 و1959 و1960.

غير أنّ هذه الحجة الواهية والبالية، لم تعد تصلح حتى للمُزاح، لأنّ الريال الذي هجر لقب البطولة منذ عام 1966 ولمدة 32 عامًا، عاد ليسترجع ثقافته ويحز اللقب في 1998، ثم أتبعه بلقبين آخرين في 2000 و2002، قبل أن يغيب مجددًا لـ12 عامًا، ويعود زمن الهيمنة المدريدية، انطلاقاً من رفع الكأس العاشرة التي تعرف بـ"لا ديثيما" عام 2014، وتحقيق الثلاثية التاريخية أعوام 2016 و2017 و2018، قبل أن يتوقف قطار التتويجات عام 2022، حيث من المنتظر أن يستأنف المسير مجددًا من محطة ويمبلي، معقل النهائي هذا العام أمام بوروسيا دورتموند في 1 يونيو/ حزيران المقبل.

حنكة أنشيلوتي و"غفلة" توخيل يُبرزان جانبًا من القصة

ليس بعيدًا عن محور "دوري أبطال ريال مدريد".. يقف رجل متّزن وأنيق بكاريزما إيطالية أخّاذة، وبنبوغة تكتيكية فريدة، يلخّصها حاجبه المرتفع ورأسه الأبيض، الذي اشتعل شيبًا لكثرة اختباره محن هذه المسابقة لاعبًا ومدربًا.

كارلو أنشيلوتي، الذي يملك في رصيده 4 ألقاب لدوري الأبطال (2 مع ميلان و2 مع ريال)، لم يفوّت فرصة اللجوء لمخزونه الثري في المسابقة، والقيام بكوتشينغ تاريخي أقحم فيه خوسيلو بدلاً عن فيديريكو فالفيري، وفي لمح البصر كوفئ بـ"سرقة الانتصار" والخروج من مأزق بايرن، قاطعًا تذكرة العبور إلى النهائي السادس في تاريخه من جملة 10 مناسبات خاضها فيها الدور نصف النهائي.

أمّا توخيل، الذي لا يعدّ نكرة في تاريخ البطولة، فهو حامل لقبها في 2021 مع تشيلسي، فقد خانه مزيج بين قلة الشجاعة وغياب التركيز، ليقوم بتغييرات قلبت وضع فريقه الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل، رأسًا على عقب، فإخراج ليروي ساني (في الدقيقة 76) وهاري كين وجمال موسيالا (85) وسلب البافاري كل أسلحته الهجومية وتعويضها بأخرى أقل جودة (كيم مين جاي وشوبو موتينغ وتوماس مولر)، وكل ذلك قبل حوالي 10 دقائق من نهاية الوقت الأصلي، دليل على أنّ المدرب الألماني، لا يعرف ريال مدريد جيدًا، الذي يحذق فنون العقاب في آخر الأنفاس.

ريال احتاج لأكثر من الـ"DNA"  لإزاحة البافاري

ولكي لا نقسو كثيراً على توخيل في المآخذات الفنية التي أثرت لا محالة وبشكل مباشر في واقع التأهل في النهاية، يمكن التأكيد على أنّ ما يُحسب للريال أيضًا أنه لم يكن "اتّكاليًا" ولم يعتمد فقط على "روح الفانلة البيضاء" -إذا صحّ القول- وإنّما تميّز أغلب لاعبيه بالسخاء على مستوى العطاء البدني، لتجاوز منافس قوي مثّل واحدًا من أهم العقبات وأكثرها تعقيدًا، أمام زملاء الجناح البرازيلي المتوهّج فينيسيوس جونيور.

بعيدًا عن شعار "دوري أبطال ريال مدريد".. بذل نجوم "الملكي" أنفس ما يملكون فنّياً ولا سيما بدنياً لضمان رضوخ عزيمة ألمانية لا تلين غالباً، فالـ"DNA" وجينات البطولة وحدها لم تكن كافية لتحقيق المُراد، لذلك مرّ الريال لما هو أبعد.. الروح، الرغبة، الإصرار على بلوغ الهدف وانتقاء المستحيل وتجاوز حدودك القصوى.. كلها "مكنونات مدريدية" تؤكد أنّ الريال أزاح بايرن بـ"جدارة المجهود" بعيداً عن الخوض في الصافرة المضطربة للبولندي سايمون مارسينياك، التي أسالت الكثير من المِداد.

شارك: