خلوات الاتحاد الأردني.. خلو من التطوير أم ماذا؟

تحديثات مباشرة
Off
2024-05-12 21:44
من الخلوة التي جمعت الاتحاد الأردني مع الأندية المحترفة (Facebook/JordanFootball)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

لم تكن الخلوة التي عقدها الاتحاد الأردني لكرة القدم أمس السبت، في أحد الفنادق الفارهة في العاصمة عمّان، هي الأولى، فمنذ خمس سنوات وهو يداوم على عقدها، وخاصة في منطقة البحر الميت.

ويهدف الاتحاد الأردني من وراء هذه الخطوات إلى تقريب وجهات النظر مع الأندية المحترفة باعتبارها الذراع اليمنى له والأداة الأهم في بناء الإستراتيجيات وإحداث التطوير.

الاتحاد الأردني يضع إستراتيجية جديدة

ورغم عقد الاتحاد الأردني الخلوة بحضور ممثلي أندية المحترفين وبعيدًا عن وسائل الإعلام التي لم تعد شريكًا رئيسًا، والمديرين الفنيين للفرق، نشر خبرًا عامًا يخلو من أي تفاصيل؛ لكنه أكد بـ"البنط العريض" أنه يخطط لإستراتيجية لمدة خمس سنوات قادمة، دون أن يوضح ما جرى في تفاصيل الخلوة من أطروحات.

وتسرب أن الخلوة شهدت نقاشًا مستفيضًا حول تغيير نظام بطولة دوري المحترفين، اعتبارًا من الموسم المقبل مع تقليص عدد الفرق المشاركة في الموسم الذي يليه إلى 10 فرق بدلًا من 12، واستحداث بطولة لفئة تحت 23 عامًا، وكذلك تأكيد ضرورة النهوض بالبنى التحتية وتحسين الجانب التسويقي والتفاعل الجماهيري فضلًا عن التمكين المالي وانعكاسه على اتفاق الأندية.

ما تسرب من أطروحات يُعَدّ -نظريًا- شيئًا رائعًا؛ لكن هل يتم التنفيذ على أرض الواقع؟ رغم أن الخلوات الماضية ناقشت الكثير من الأمور المهمة؛ لكنها لم تُطوِّر شيئًا في منظومة كرة القدم، بل حدث العكس تمامًا، بدليل عقد خلوة جديدة.

هذه الخلوات التي تُعقَد منذ عدة سنوات، قد خلت في جوهرها من أي تطبيقٍ فعليٍّ على أرض الواقع يعود بالنهضة على حاضر كرة القدم الأردنية ومستقبلها، وما عاد الأمر يتحمل مزيدًا من الإخفاقات، والتدهور الفني على صعيد البطولات.

الشركة الراعية وجوائز البطولات 

التطوير ينبغي أن يبدأ من الاتحاد نفسه، فلجانه التسويقية يجب أن تُفعّل دورها، فليس من المعقول أن يوشك الموسم الحالي أن ينتهي والاتحاد الأردني يعجز عن توفير شركة راعية لمسابقاته.

ورغم انتهاء جائحة كورونا منذ موسمين والتي شهد خلالها قرار الاتحاد الأردني خفض قيمة جوائز البطولات إلى النصف، إذ تقلصت جائزة بطل الدوري المحلي إلى 60 ألف دينار، وهي تُعادِل جائزة هدافٍ لبطولة في الدوريات الأخرى، حيث جاء القرار في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي فرضتها جائحة كورونا؛ لكنه بذات الوقت نسي أن يُخفِّض بالوقت ذاته قيمة العقوبات المالية التي كان يتخذها بحق الأندية وفقًا لتعليماته، رغم أن جائحة كورونا أثرت في الأندية أيضًا من الناحية المالية.

كل ما سبق يحتاج علاجًا سريعًا وقبل بداية الموسم المقبل، وقبل الحديث عن أي إستراتيجية؛ فإن إيجاد الحلول لمثل تلك القضايا يُعَدّ مهمًا، ليتم بعدها وضع محاور الإستراتيجية وتطبيقها على أرض خصبة.

رقابة الأندية ووزارة الشباب 

صحيح أن وزارة الشباب تُعَدّ المظلة الرسمية للأندية؛ لكن هذه الأندية ترتبط كذلك باتحاد كرة القدم ارتباطًا وثيقًا، فهذه اللعبة تُعَدّ الأساس في استمرارية هذه الأندية.

ومن هنا، يجب أن تكون العلاقة بين وزارة الشباب والاتحاد الأردني لكرة القدم وثيقةً، ويكون التنسيق فيما بينهما مستمرًا عبر لجان تنسيقية؛ لحل كافة الإشكاليات التي قد تعرقل مسيرة هذه الأندية.

ولا بد أن تخضع مجالس الإدارات للرقابة، خاصةً في ظل ضعف تأثير الهيئات العامة، باستقطاب محترفين أجانب بصفقات مضروبة تُكلِّف خزينة النادي الكثير دون حسيبٍ أو رقيبٍ تُعَدّ قضيةً جوهريةً، والنادي الذي يتعاقد في الموسم الواحد مع أربعة أو خمسة مدربين، يستوجب حل مجلس إدارته؛ لأن في ذلك عبثًا بالمقدرات المالية لهذا النادي.

وترزح الأندية المحترفة تحت وطأة وضع مالي صعب، تسببت فيه الفاتورة الباهظة لتطبيق نظام الاحتراف، والقرارات المأسوية التي تصدر عن بعض الإدارات، ومن هذه القرارات ما يرتبط بمصالح شخصية أو انتخابية للقادم على حساب مصلحة النادي، وهذا من شأنه أن يؤثر في المستقبل الرياضي للنادي، ما يرخي بظلاله السلبية على لعبة كرة القدم، وهذا كله يحدث في ظل غياب الرقابة.

كذلك؛ فإننا مع بداية كل موسم نشهد إغلاق الملاعب بداعي الصيانة، فكيف لنا أن نُطوّر البنية التحتية؟! ومع تزايد عدد السكان ألا تستحق كرة القدم الأردنية بناء ملعب جديد يتسع لأكثر من 50 ألف متفرج؟

الجماهير .. فاكهة الملاعب!

الكثير من المسؤولين في كرة القدم الأردنية يؤكدون في تصريحاتهم مرارًا وتكرارًا أن الجماهير تعد فاكهة الملاعب، والأندية واللاعبون يعتبرونها اللاعب رقم واحد، وهذا الكلام وحده لا يكفي، فالجماهير أيضًا تحتاج من يُقدّرها فعلًا.

وبدأت الملاعب الأردنية تشهد عزوفًا جماهيريًا ملحوظًا، وخاصةً في هذا الموسم، نظرا لعدم توفر سبل الراحة في المدرجات، والمرافق العامة داخلها تخلو من النظافة، وعملية تأمين اصطفاف السيارات مجهدة، وأسعار تذاكر المباريات ليست في متناول الجميع، وتوقيت مواعيد المباريات الجماهيرية في بعض الأحيان يكون خاطئًا، ولكم أن تتخيلوا أن قمة إياب الدوري الحالي بين الفيصلي والوحدات أُقيمت يوم الأحد بدل إقامتها في يوم عطلة رسمية يضمن وجودًا كثيفًا للجماهير.

مَن قرر إقامة قمة الوحدات والفيصلي يوم الأحد هو الاتحاد الأردني، ولهذا عندما يريد تطبيق إستراتيجية تُحسِّن من الحضور الجماهيري فعليه أن يحسن اتخاذ القرارات.

الدورات التدريبية 

أغرق الاتحاد الأردني السوقَ بعددٍ كبيرٍ من المدربين الذين يحصلون على الشهادات التدريبية ليمارسوا عملهم في تدريب الأندية، ويتردد أن الحصول على هذه الشهادات بات في المتناول، ليتم تصدير كم كبير من المدربين متسلحين بالشهادات على حساب النوعية، والإقالات التي يتعرض لها المدرب المحلي تكاد لا تعد ولا تحصى.

وعطفًا على ما سبق، يجب ضبط عملية منح الشهادات التدريبية، ليتم تصدير كفاءات تدريبية حقيقية، تسهم في إحداث التطوير، خاصة مع أولئك المدربين الذين يتولون الإشراف على الفئات العمرية التي تُشكِّل نواة المستقبل الحقيقي لكرة القدم الأردنية.

تعيين المدربين 

أصبح لزامًا على الاتحاد الأردني أن يكون مسؤولًا بشكل أكبر عن اختياراته للأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية، فكثير من الوجوه تتكرر رغم إخفاقاتها السابقة في مهمات ماضية، وهو ما جعل البعض يؤكد أن "الواسطة" هي معيار تعيين المدربين، وهنا كيف سيحدث التطوير الذي نتمناه؟! فاختيار نفس المدرب لأكثر من مهمة رغم إخفاقه من الطبيعي أن يثير التساؤلات.

المشكلة الحقيقية

طرحت الخلوة فكرة إقامة بطولة الدوري من ثلاث مراحل، حيث يخوض الفريق في الموسم الواحد 27 مباراة بدلًا من 22 مباراة. الفكرة تبدو جيدة وجديدة؛ لكن زيادة عدد المباريات يحتاج زيادة عدد الملاعب، وملاعبنا محدودة للغاية، وقد تتعرض للاستنزاف.

التغلب على ما سبق من قضايا وحده الذي سيجعل الخلوات ذات فائدة، ويسهم في تمكين الاتحاد الأردني من تطبيق إستراتيجيته ليس على الورق، بل على أرض الواقع.

شارك: