حكاية الهدف الذي قتل صاحبه في كأس العالم 1994!

تاريخ النشر:
2021-09-11 19:49
أندريس إسكوبار الذي قتل نتيجة خطأ عادي في كرة القدم (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

هل تحلم باحتراف كرة القدم يوماً ما؟ إذا كان الجواب بـ "نعم" فعليك التزام الحذر، لأن تسجيل هدف في مرمى فريقك بالخطأ، قد يكلفك حياتك، خصوصا إذا كنت مواطناً كولومبياً تمثل منتخب بلادك في المحافل الدولية، وبالذات كأس العالم والمواجهات المثيرة.


هذا تحديداً ما عاشه أندريس إسكوبار مدافع منتخب كولومبيا، الذي حطم أحلام شعبه في مونديال 1994، بعد خروجهم من الدور الأول بسبب هدفٍ سجله إسكوبار بالخطأ في شباكه، لينتهي الأمر بمقتله في كولومبيا عبر رجال العصابات الذين لم يستسيغوا فكرة الخروج المرير والمبكر من المونديال.


من هو أندريس إسكوبار؟


أندريس إسكوبار مدافع منتخب كولومبيا ومدافع أتلتيكو ناسيونال، لاعب هادئ ومنضبط ومحبوب من الجميع، حمل أحلام جيل ذهبي في كولومبيا، سافروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتقديم أفضل ما لديهم في مونديال 1994، بعد تألق ملفت في التصفيات انتهى بتلقي شباكهم هدفين فقط.


لقد امتلكت كولومبيا في تلك الحقبة، فريقاً مرعباً أثار إعجاب الكثيرين، حتى أن الكولومبيين نجحوا في الفوز على الأرجنتين في بوينس آيرس بخمسة أهداف دون رد، كل ذلك منحهم الثقة الكبرى قبل المشاركة في المونديال، بحثاً عن تحقيق نتائج ملفتة هناك.

أندريس إسكوبار كان لاعباً محبوباً في كولومبيا

 

لعنة بيليه وتوقعه المشؤوم لتألق كولومبيا

لا أحد يعلم ماذا أصاب كولومبيا في المونديال، رغم تألقها اللافت في التصفيات، إلا أن البعض يلقي باللوم في وداع كولومبيا المبكر على أسطورة كرة القدم البرازيلية بيليه، الذي شكلت توقعاته في كثير من الأحيان لعنة تلاحق المنتخبات والأندية التي يتحدث عنها.

قصة أول فوز عربي في نهائيات كأس العالم


بيليه في تلك الحقبة تابع باهتمام ما تقدمه كولومبيا من نتائج مثيرة للإعجاب، فخرج أمام الملأ مراهناً على وصول كولومبيا إلى نصف نهائي مونديال الولايات المتحدة 1994، لينتهي الأمر بخروج الكولومبيين مبكراً من الدور الأول، والسبب لعنة بيليه كما يراها البعض.


ما علاقة رجل المافيا الشهير بابلو سكوبار بالحادثة؟


يرى البعض أن تراجع مستوى منتخب كولومبيا في مونديال 1994، يعود إلى رجل العصابات الشهير بابلو سكوبار الذي لا تربطه أي صلة قرابة باللاعب أندريس إسكوبار، لكن علاقات مميزة جمعته بنجوم كولومبيا في تلك الحقبة، حتى أنه ساهم بشكل أو بآخر في فوز أتلتيكو ناسيونال بكأس ليبرتادوريس عام 1989.

لاعلاقة لوفاة أندريس إسكوبار برجل العصابات بابلو سكوبار


بابلو سكوبار كان يستحوذ على أتلتيكو ناسيونال في ذلك الوقت، ودفع الكثير من الأموال لإبقاء اللاعبين المنافسين في منازلهم، تمهيداً لفوز فريقه باللقب، وعند اعتقاله تراجع مستوى الكثير من النجوم الكولومبيين، الذين حرصوا على زيارته في السجن ضمن فضيحة كبرى طالت الحارس الشهير هيغيتا في ذلك الوقت، كادت أن تنتهي بسجنه واستبعاده من مونديال 1994.


نتائج صادمة أدت لكارثة غير متوقعة


كولومبيا كانت تأمل تقديم ما هو جيد في المونديال لتعويض الحالة المأساوية التي تعيشها البلاد في تلك الحقبة، لكن المفاجأة كانت خسارة منتخب بلادهم في المباراة الافتتاحية أمام رومانيا بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، وسط تألق ملفت لجورج هاجي، لتتحول عبارات الإشادة إلى هجوم لاحق على نجوم كولومبيا، فخسر الكثير من المقامرين أموالهم، وانهالت رسائل التهديد على اللاعبين، فاختطف الابن الرضيع للمدافع لويس شونتو هيريرا، وتلقى تشونتو رسالة مفادها أن شقيقه قتل في حادث سيارة مدبر، لتتحول حياة الجميع إلى كابوس في تلك الليلة.

الهدف الذي تسبب بمقتل أندريس إسكوبار


وأثناء التحضير للمواجهة الثانية أمام الولايات المتحدة، تلقى المدرب ماتورانا تهديداً بقتل جميع أعضاء الفريق حال الاعتماد على لاعب خط الوسط المخضرم غابرييل باراباس غوميز أساسياً، ليسيطر الخوف بالكامل على اللاعبين الكولومبيين وتنتهي الحكاية بخسارة جديدة أمام الولايات المتحدة بهدفين مقابل هدف وحيد، جاء منها هدف بصورة عكسية أحرزه أندريس إسكوبار في مرمى بلاده أثناء محاولته قطع كرة عرضية نفذها جون هاركس، وهي اللحظة التي صرخ فيها ابن أخيه قائلاً: "أمي سوف يقتلون أندريس"، لكن الأم ردت قائلة: "بالتأكيد لن يحدث ذلك، الجميع يحب أندريس في كولومبيا، والناس لا يقتلون بسبب هذا النوع من الأخطاء".


ومع انطلاق صافرة النهاية، ودعت كولومبيا رسمياً منافسات المونديال بصورة مبكرة، بعد خسارتين أمام رومانيا والولايات المتحدة، وسط صدمة كبيرة سيطرت على أسكوبار، الذي سرعان ما بدأ التفكير بصورة مغايرة للمستقبل الذي ينتظره وعائلته.


كيف مات أندريس إسكوبار ومن قتله؟


بعد مأساة المونديال، وبفعل الفوضى الكبيرة التي سيطرت على كولومبيا عقب وفاة رجل العصابات بابلو سكوبار، قرر المدافع أندريس إسكوبار اصطحاب صديقته باميلا كاسكاردو، وقبول العرض المقدم من ميلان الايطالي، فكرة القدم لم تعد جيدة في كولومبيا، وسيكون من الأفضل للجميع الرحيل صوب أوروبا.


إسكوبار بدأ التحضير للسفر، وقرر الخروج بصحبة أصدقائه لأول مرة منذ العودة من المونديال، وهو القرار الذي لم يعجب بعض أصدقائه الذين نصحوه بالبقاء في المنزل بسبب الخطر الذي يسيطر على شوارع كولومبيا، لكن أندريس كان يفضل الخروج أمام الملأ ولقاء الشعب الكولومبي، قائلاً: "يجب أن أظهر وجهي للشعب الكولومبي".

قاتل إسكوبار غادر السجن لحسن السلوك

ربما كان إسكوبار جريئاً، لكن ما هو مؤكد أنه أظهر وجهه للأشخاص الخطأ، فبعد ليلة جيدة في إحدى الحانات، غادر إسكوبار المبنى مبتعداً عن بعض الهتافات الساخرة من الحاضرين، لاحقه أربعة أشخاص واصفين إسكوبار بالشاذ، إلى جانب إهانات أخرى، ليحاول إسكوبار تجاوزهم بسيارته، ليفاجئ الأربعة المدافع الراحل بست رصاصات أطلقت من بندقية واحدة على الأقل، لتخترق جسده ويعلن عن وفاته رسمياً بعد نصف ساعة فقط.


تحقيقات الشرطة الكولومبية أثبتت أن الأخوين بيدرو وخوان غالون، وهما من أبرز تجار المخدرات في كولومبيا، متورطان في حادثة مقتل إسكوبار، لكن رشوة بقيمة (3) ملايين دولار كانت كافية لتوجيه الاتهام إلى شخص آخر، وهو هامبرتو كاسترو مونيوز الذي اعترف بقتل إسكوبار، وحكم عليه بالسجن (43) عاما، ليتم الافراج عنه بعد (11) عاماً فقط بسبب حسن السير والسلوك.


وداع تاريخي للراحل إسكوبار في كولومبيا

جماهير غفيرة كانت في وداع الراحل أندريس إسكوبار
 

ودع أكثر من 100 ألف كولومبي جثمان إسكوبار داخل ملعب كرة السلة في ميديلين، لكن البعض يرى أن عملية قتله لم يكن مخططا لها، وأن خطأ المدافع الكولومبي تمثل في الدخول بشجار غير مبرر مع تجار المخدرات، لكن أبرز ما في الأمر أن الراحل إسكوبار كان يؤمن بأن الرياضة ستساعد كولومبيا على نبذ العنف والدمار داخل البلاد، مما يجعله بحاجة ماسة إلى تقديم أفضل ما لديه من خلالها.


إسكوبار، وعلى لسان صديقه الدبلوماسي سيزار موريسيو فيلاسكيز، كان يرى في كرة القدم حياة ومدرسة لتعليم القيم والتسامح، ولتقبل الفوز والخسارة، كان يرى كرة القدم بمثابة فرصة لتوحيد كولومبيا، فظل إسكوبار مؤمناً بمعتقداته حتى أضحت كرة القدم سبباً في مقتله.

شارك: