تحليل | كيف طوّع ديشامب قدرات غريزمان في أدوار مركّبة جديدة؟
يمكن اعتبار صانع ألعاب أتلتيكو مدريد الإسباني، أنطوان غريزمان (31 عامًا) القطعة الأهم في تشكيلة المنتخب الفرنسي منذ أعوام، وفي كأس العالم قطر 2022 ساعدت تمريراته الحاسمة الثلاث "الديكة" على بلوغ المباراة النهائية للمونديال الثاني تواليًا.
لا يلعب غريزمان دورًا محددًا في تشكيلة المدرب ديدييه ديشامب، فهو بمثابة "الجوكر" أو القطعة الحرّة في وسط الملعب، يساند خط الدفاع ويزيد مع خط الهجوم، كما يعرقل الخصم ويصنع الأهداف، أدوار مركّبة ومتشابكة لا يجيدها سوى "غريزو".
في كأس أمم أوروبا 2016، أنهى غريزمان المسابقة متوجًّا هدّافًا لها بـ6 أهداف، وفي نهائيات روسيا لم يتفوق على أهدافه الـ4 سوى الإنجليزي هاري كين (6 أهداف)؛ حيث أسهم غريزمان بشكل لافت في وصول فرنسا إلى نهائي يورو 2016 والتتويج بمونديال 2018.
غريزمان والدور الجديد مع ديشامب
استلهم المدرب ديشامب بوضوح أدوار غريزمان في الرسم التكتيكي 4-4-2 للأرجنتيني دييغو سيميوني في أتلتيكو مدريد؛ إذ وظّف اللاعب في مناطق حيوية في وسط الميدان، حيث يمكنه صنع الفارق، بدور صانع الألعاب الكلاسيكي بالمركز "10".
تطوّرت أدوار غريزمان بعد كأس العالم 2018 بروسيا؛ حيث صار بعيدًا عن المرمى، وثبّت أقدامه على دائرة المنتصف، في عمق الملعب.
لطالما ابتعد غريزمان عن منطقة الجزاء بعد مونديال روسيا، ونبعت خطورته من القدوم من الخلف إلى الأمام، حيث يقدّم التمريرات الذكية الكاسرة للخطوط. لا يمكن -تكتيكيًا- اعتبار لاعب ريال سوسيداد السابق ضمن خط الهجوم، بل يلعب خلف خط الهجوم.
يقول غريزمان بعد الفوز على المغرب 2-0 في نصف نهائي مونديال قطر: "أصبحت حرًا تمامًا في دوري الجديد بالملعب، يجب أن أكون حلقة الوصل بين الدفاع والهجوم. أمام ثلاثة لاعبين مبابي جيرو وعثمان؛ لذلك أملك خيارات لعب أكثر، وهذا يسهّل عملي".
أمّا المدرب ديشامب، فيوضح عن دور اللاعب الجديد: "بالتأكيد سيسجّل أهدافًا أقل، لكن هذا لا يهم؛ لأنه يحب التدخلات واستخلاص الكرة"، في حين أن زميله المصاب بول بوغبا مازحه عبر "إنستغرام" قائلًا بعد مباراة المغرب: "Griezmannkante".
تشرح الصورة التالية من منصة "Opta" أماكن لمس غريزمان للكرة في كأس العالم 2018 وكأس العالم الحالي 2022. حيث يتضح الفارق بين أماكن تمركز اللاعب في قطر وقبل 4 سنوات في روسيا.
لمسات اللاعب للكرة في قلب الصندوق وعلى قوس منطقة الجزاء أصبحت حاليًا أقل بنسبة (1٪)، في حين أن لمساته للكرة زادت في ثلث الملعب الأول بنسبة (3٪). كما أن لمساته في وسط الملعب أصبحت أكثر بنسب هائلة، يمكن ملاحظة نسبة (4.4٪) في يمين الوسط.
ماذا قدّم غريزمان في مونديال قطر؟
أسهم تحرير غريزمان في عمق وسط الملعب في نبوغه بعملية صناعة الفرص؛ إذ يحتل المركز الأول في عدد الفرص التهديفية المصنوعة في كأس العالم 2022 بواقع (21 فرصة), كما يحتل صدارة مقدّمي التمريرات الحاسمة بـ3 تمريرات.
مباريات | تمريرات حاسمة | تمريرات حاسمة متوقعة | صناعة فرص | دقة تمريرات |
5 | 3 | 3.45 | 21 | 90٪ |
ما يلهم أكثر أن معدّل التمريرات الحاسمة المتوقّعة لغريزمان بلغ (3.45) ومع تبقي مباراة على النهاية، فإن "غريزو" قد يصبح صاحب أفضل نسبة تمريرات حاسمة متوقّعة في تاريخ كأس العالم. الرقم القياسي الحالي للأرجنتيني دييغو مارادونا (3.46).
في الحقيقة يحتل غريزمان المركز الأول بين لاعبي مونديال قطر، من حيث صناعة الفرص التهديفية وتقديم التمريرات الحاسمة، ونسبة التمريرات الحاسمة المتوقعة، وكذلك نسبة التمريرات الحاسمة المتوقعة من اللعب المفتوح.
كانتي أم غريزمان؟
في مباراة المغرب، قام غريزمان بتدخلات دفاعية واعتراض للكرة أكثر من زميليه لاعبي الوسط أوريلين تشواميني ويوسف فوفانا. المثير أنه قام بـ101 عملية ضغط على الخصم، في رقم قياسي لأي لاعب فرنسي في تاريخ كأس العالم.
ما جعل الدولي الإيفواري السابق ديدييه دروغبا يقول عبر إذاعة "بي بي سي" البريطانية في تحليله للمباراة: "إنه يشبه كانتي أكثر من غريزمان الذي نعرفه، إنه لاعب عبقري في الوسط، إنه ميزان ديشامب الحسّاس والجندي المهجول".
في خريطة الإسهامات التهديفية التالية لغريزمان بمونديال 2022، تشير الكرات الحمراء إلى التمريرات الحاسمة، والكرات البيضاء إلى الفرص التهديفية المصنوعة. تبدأ التمريرة برأس الخط المستقيم الرفيع وتنتهي إما بالكرة الحمراء أو البيضاء.