الكرة الإفريقية تحت رحمة "العالم الأول" مرة أخرى

2021-06-08 09:01
رئيسا الاتحادين الدولي والإفريقي لكرة القدم جياني إنفانتيو وأحمد أحمد(Getty)
Source
+ الخط -

الكاتب: مسعود علّال

تحظى القارة الإفريقية بمكانة خاصة في العالم؛ لكونها ربما أحد أكثر القارات فقراً وأقلّها أماناً وأضعفها تأثيراً في مختلف المجالات، لكن عندما يتعلق الأمر بكرة القدم فإن القارة الإفريقية كانت دائماً في مستوى التحدّيات من خلال "صناعة" الكثير من نجوم الكرة الذين دوّنوا أسماءهم بحروف من ذهب في سجلات الكرة الأوروبية والعالمية، فضلاً عن المتعة والفرجة التي تقدمها مباريات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، المسابقة الأولى والأكثر شعبية والتي تعدّى الشغف والاهتمام بها حدود القارة.

 لكن يبدو أن هذا الاهتمام لم يشفع لإفريقيا التي لا تزال ترزح تحت سطوة "العالم الأول" ممثّلاً في أكبر الأندية الأوروبية التي تضم في صفوفها العديد من اللاعبين الأفارقة؛ حيث يبقى هذا "العالم" يجسّد نفسه وصيّاً على إفريقيا وعلى القرارات الحاسمة التي يُفترض أن تتخذها.

دأب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" على إجراء كأس أمم إفريقيا مرة كل سنتين، وذلك منذ إطلاق البطولة في العام 1957، وشهدت بعض التحوّلات في موعدها وفي عدد المنتخبات المشاركة فيها، فتحوّلت من السنوات الزوجية إلى الفردية، ثم من الشتاء إلى الصيف بداية من الدورة التي جرت بمصر في العام الماضي، وذلك بسبب تدخل عوامل عدة؛ أبرزها الضغط المتواصل وسطوة "العالم الأول"، والتي غالباً ما تدفع اتحاد الكرة الدولي "فيفا" لاتخاذ قرارات لمصلحتها أضعفت بشكل أو بآخر سلطة الاتحاد الإفريقي؛ فلطالما دفعت الكرة الإفريقية الثمن غالياً من جراء هذه القرارات.

وجاءت تصريحات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" السويسري جياني أنفانتينو بضرورة إقامة كأس أمم إفريقيا كل أربع سنوات بدلاً من سنتين تحت غطاء تطوير كرة القدم وزيادة عوائدها المالية وتحسين البنى التحتية والمرافق، لكنها زادت الوضع تعقيداً على مستوى دول القارة السمراء، من منطلق أن هذه البطولة هي الوحيدة التي تمنح دولاً صغيرة فرصة استضافة أو متابعة حدث كروي كبير يشارك به الكثير من نجوم الكرة، كما ينقل هذا الحدث الكثير من المحطات التلفزيونية في مختلف أصقاع العالم، وبالتالي فإن برمجتها كل 4 سنوات سيحرم الجماهير الإفريقية من الاستمتاع بلحظات من الفرجة والسعادة لفترة طويلة جداً.

أمم إفريقيا
إنفانتينو يريد إقامة كأس إفريقيا كل أربع سنوات(Getty)

وسبق لإفريقيا أن كافحت وتحدّت مراكز قوى عديدة وعلى رأسها الرئيس السابق للفيفا جوزيب بلاتر الذي كان يرغب بشدة في تغيير موعد "الكان" من الشتاء إلى الصيف أو إقامتها كل أربع سنوات، لكنها رضخت في الأخير لسلطة خليفته جياني أنفانتينو، وهي في طريقها لتقديم المزيد من التنازلات.

وأتت تصريحات أنفانتينو بالمغرب في مطلع شهر فبراير/شباط الماضي، على هامش المؤتمر الخاص بتطوير الكرة الإفريقية والبنية التحتية في القارة السمراء، وقد أتت في فترة حساسة جداً يمر بها الاتحاد الإفريقي للعبة، بسبب الاضطرابات التي شابت موعد النسخة القادمة المقررة بالكاميرون والتي بُرمِجَت صيفاً، قبل أن يضطر "كاف" لإعادة برمجتها شتاء بضغط من "فيفا" أيضاً، والذي كان قد قرر نهاية العام الماضي استحداث بطولة جديدة لكأس العالم للأندية بـ24 فريقاً ستجري بالصين في نفس الموعد الذي كان مخصصاً لكأس أمم إفريقيا، قبل أن يعلن "فيفا" عن تأجيل بطولة العالم للأندية إلى موعد آخر بسبب إرجاء الكثير من البطولات على غرار "اليورو" و"كوبا أميركا" على خلفية انتشار وباء "كورونا" المستجدّ.

وأثر هذا التغيير في خطط المنتخبات المشاركة في تصفيات "كان2021"؛ إذ وجدت نفسها مجبرة على تغيير برامجها ومخططاتها، بالتزامن مع ضغط روزنامة المنافسات؛ ذلك أن المنتخبات الإفريقية ستخوض تصفيات "كان2021" وتصفيات كأس العالم وكذلك نهائيات كأس إفريقيا في ظرف أقل من عام ونصف وفي فترات متقاربة جداً.

ومنح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم تحت قيادة الملغاشي أحمد أحمد "السّوط" لاتحاد الكرة الدولي كي "يجلد" منظومة الكرة في القارة السمراء، بسبب فشل القيادة الجديدة لـ"كاف" في تسيير شؤونها وأمور كرة القدم في القارة، فقد وجد الاتحاد الإفريقي نفسه تحت وصاية الاتحاد الدولي في منتصف العام الماضي، في ضربة موجعة لمصداقيته وسمعته، وفتح ذلك الباب على مصراعيه لفرض المزيد من الوصاية على الكرة الإفريقية.


 

شارك: