اذكروا محاسن صقر أفريقيا 

تحديثات مباشرة
Off
2023-08-20 15:20
حامد بريمة الملقب بصقر السودان وأحد أفضل حراس المرمى في أفريقيا (winwin)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

حرب السودان أصبحت واقعًا مريرًا، كلما هممت بالكتابة في الشأن الرياضي السوداني دَسَّتْ تلك الحرب اللئيمة أنفها قسراً بين سطوري مُخْرِجة لسانها لي لتخبرني أن الأخبار منذ اندلاعها تبدأ بها وتنتهي، أحد اللاعبين الأطول مسيرة في نادي المريخ السوداني أسلم الروح إلى بارئها، وشهر أبريل هذا العام يلفظ أنفاسه وحرب السودان الحالية تُنْهي أسبوعها الأول جَزْلَةَ مُشَمَّرَةٌ عَنْ سَاعَدِهَا تصيح هيت لك عام الرمادة السوداني 2023، وبالطبع لم يجد خبر وفاته الاهتمام الكافي آنذاك فقد كان صوت الحرب أعلى. 

رحل عنا إلى الضفة الأخرى في 23 أبريل هذا العام حارس مرمى نادي المريخ والمنتخب الوطني، اللاعب الأسطورة الملقب بصقر السودان وأحد أفضل عشرة حراس مرمى في أفريقيا، حامد بريمة، بعد رحلة ليست بالقصيرة مع المرض أسلم بعدها الروح إلى بارئها بعد أن سَطَّرَ تاريخاً كروياً عظيماً في ملاعب الكرة السودانية والأفريقية والعربية.

ولد حامد بريمة عيسى صاحب القميص رقم 1 في أول يناير 1956، وبدأ مشواره الكروي محترفاً في عام 1976 بفريق النهضة الدامر "مدينة شمال السودان" والذي لعب له لمدة عام ثم انتقل بعدها إلى نادي المريخ في عام 1978، وسطع نجمه سريعاً وتم اختياره للمنتخب القومي. اشتهر بولائه للمريخ والمنتخب القومي حتى اعتزاله في أواخر عام 1996. كان الفقيد من اللاعبين السودانيين القلة الذين تم اختيارهم لمنتخب العرب، أيضاً في عام 1989 اُختير ضمن عشرة لاعبين بالقارة السمراء من الاتحاد الأفريقي (الكاف) ومجلة france football فرانس فوتبول "المتخصصة في الكرة الأفريقية والعالمية" كأفضل حارس مرمى في أفريقيا. عمل بعد اعتزاله حتى رحيله مدربًا لحراس المرمى بنادي الوكرة القطري. 

عمَّ الحزن الوسط الرياضي السوداني بعد أن نعاه الاتحاد العام لكرة القدم السوداني وتوافد قدامى اللاعبين لتعزية أسرته في رحيله، ونعاه مجلس إدارة نادي الأهلي المصري برئاسة الكابتن محمود الخطيب؛ واصفاً إياه بـ "أسطورة حراسة المرمى لمنتخبات السودان وأفريقيا والعرب"، وأيضاً غرد أحمد شوبير، نجم النادي الأهلي المصري والمنتخب الوطني السابق، في تغريدة مصحوبة بصورة لحامد بريمة قائلاً: "أتقدم بخالص العزاء في وفاة الحارس الكبير السابق للمنتخب السوداني ونادي المريخ الكابتن حامد بريمة" .

حصل الراحل على العديد من الألقاب في مشواره الكروي، ويصفه جمهور ناديه -المريخ- بالأخطبوط لبراعته الفائقة، ووصفته الصحف التونسية بصقر أفريقيا وأنه يعتبر واحدًا من أميز الحراس في القارة السمراء بعد أدائه الفخم في مباراة الذهاب بين الترجي والمريخ وفوز المريخ (2-1) ثم صمود الأخطبوط بريمة في مباراة الإياب بتونس لمدة 75 دقيقة رغم أن التوقعات كلها كانت ترجح فوز الترجي؛ لكن لم ينجح الترجي في الوصول لشباك الأخطبوط إلا عبر ركلة جزاء ظالمة، ولقَّبَه الصحفيون الأفارقة والكينيون خاصة بأنه "هر أي القط"، قال عنه الكابتن محمود الخطيب: "إن مثل حارس المريخ الأسطورة حامد بريمة لن يتكرر قريباً".

أبرز محطات إنجازاته القارية كانت مع فريقه المريخ في سيكافا بدار السلام في عام (1986) وحقق بطولتها أمام فريق الشباب التنزاني مستضيف البطولة، كذلك شارك في كأس دبي الذهبي أمام فريق الزمالك المصري، وكان بطل تلك المباراة بعد أن تصدى لركلتي ترجيح من لاعبي الزمالك محمد حلمي ومجدي طلبة ليقود المريخ للفوز بلقب كأس دبي الودي عام 1987، وفاز مع المريخ بكأس الكؤوس الأفريقية (مانديلا) في عام (1989).

اشتهر الراحل بسرعة بديهته وطرائفه التي يتناقلها الجمهور ففي حوار سابق له مع صحيفة اليوم التالي سُئل عن أمنية له لم تتحقق فقال: "اللعب للهلال -الفريق الخصم- لأنني ما كنت أريد للهلال أن يبقى نادياً بلا بطولات خارجية، وكنت أريد أن أحقق له إنجازاً خارجياً".

ومن طرائفه الشهيرة، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺎرك ﻣﻨﺘﺨب السودان الوطني ﻓﻲ دورة شرق ووسط أفريقيا ﻋﺎم 79 وكان أداء اﻟﻔﺮيق حينها سيئًا ﺟﺪًا ونتائجه مخيبة للآمال؛ إذ نال هزيمةً مُرَّةً ﻣﻦ تنزانيا (0-4)، وتصادف وقتها أن الكابتن مصطفى النقر فقد دبلة خطوبته خلال المواجهة؛ ففي اليوم التالي ذهب بعض اﻟﻼﻋﺒﻴﻦ للملعب ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦها وعلى رأسهم حامد بريمة، وفي أثناء اﻟﺒﺤﺚ بأرجاء اﻟﻤلعب ذﻫﺒ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﺰاء النقر والجيلي ﻟﻠﺒﺤﺚ فيها ﻋﻦ ضالتهم وﻫﻨﺎ ﺻﺎح ﻓﻴﻬﻢ ﺣﺎﻣﺪ ﺑﺮﻳﻤﺔ: "ﻳﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ إﻧﺘﻮ ﺑﺘﻔﺘﺸﻮا اﻟﺪﺑﻠﺔ وين؟! ﺗﻌﺎﻟﻮا ﻓﺘﺸﻮا ﻫﻨﺎ ﻓﻲ منتصف اﻟﻤلعب لأنكم لم تدخلوا خط تمنتاشر الخصم أصلًا حتى ﺗﻔﺘﺸﻮا ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺪوق".

رحم الله الكابتن حامد بريمة الأخطبوط، أسطورة الكرة السودانية، صقر أفريقيا وقط السودان الذي أعطى وما انفك حتى وافاه الأجل، وأتمنى عقب انتهاء دخان هذه الحرب اللعينة، أن يجد حقه في التأبين والتكريم الذي يليق بمسيرته الكروية العظيمة. 

شارك: