رياضي يمني ينجو من الموت 3 مرات قبل المشاركة في الآسياد

تحديثات مباشرة
Off
2023-09-30 12:36
لحظة دخول الرياضيين اليمنيين في حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية 2022 (Getty)
Source
المصدر
AFP
+ الخط -

سجل الوفد اليمني مشاركته في آسياد هانغتشو في ظل المعاناة من ظروف استثنائية فرضتها الحرب، وسط المعاناة وغياب الدعم وعدم توافر أبسط المقومات للتدريب، في حين وصل أحدهم إلى المشاركة في البطولة بعد نجاته بأعجوبة من "موت محقق" 3 مرات.

ومنذ عام 2014، يشهد اليمن حربًا مدمّرة تسبّبت بمقتل وإصابة مئات الآلاف، في ظل معاناة البلد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

في عدن، يحمل سعيد الخضر أسطوانات الغاز على كتفيه، وينقلها إلى المنازل ليكسب قوت عائلته. في صنعاء، يعمل عبد الله فايع حارس أمن وقبلها سائقًا لتوصيل الطلبات إلى المنازل.

ويروي الخضر كيف نجا ثلاث مرات من الموت في عدن خلال وجوده في سيارة محمّلة بالبضائع تسقط القذائف حولها: "لولا دعاء الوالدين، لكنت لحقت بأصدقائي الذين قضوا في الحرب".

كذلك كاد زميله في البعثة لاعب الووشو يوسف إسكندر (25 عامًا)، يفقد حياته بالفعل. راويًا ما حدث معه: "في بداية الحرب، بينما كنت خارجًا مع زملائي من صالة التدريبات في تعز، سقطت أمامنا قذيفة هاون، فاخترقت الشظايا قدميّ، وبُتِرت قدم أحد زملائي، واستُشهد آخر".

ويضيف: "توقفت عن اللعب من 2015 إلى 2021. الإصابة أخّرتني كثيرًا، لكن رغم ذلك تجاوزتها، لكي أشارك في الصين وأرفع علم اليمن عاليًا".

ويقول يوسف الذي ينتظر مع زوجته مولودًا ثانيًا قريبًا: "الرياضة لا تكفي لإعالة أسرة، أنا أعمل في حمل وتفريغ حمولات من المخازن إلى الشاحنات، وأحيانًا أنقل الأحجار ومواد البناء من الأرض إلى الأدوار الأعلى".

ويتابع حامل فضية البطولة العربية في بيروت 2014: "أفرغ من ساعة إلى ساعة ونصف فقط يوميًا للرياضة. صنعت كيسًا للملاكمة، وأتدرّب عليه في البيت".

واستعدادًا للدورة الآسيوية، خصّصت وزارة الشباب والرياضة، حسب يوسف، مكافأة شهرية للمواصلات بقيمة 20 ألف ريال يمني بعملة صنعاء (نحو 35 دولارًا أمريكيًا).

يجزم صاحب الوجه البشوش أن تداعيات الحرب حالت دون توفير بيئة مناسبة للتدريب والاستعداد للألعاب الآسيوية، ويقول: "الصين تستعد منذ سنة ونصف تقريبًا، فيما نحن استعددنا لمدة شهر فقط في الصين".

كلاهما يجمعهما شغف بالرياضة. ورغم عدم توافر الحد الأدنى من مقومات التدريب والتمويل، يشاركون مع يمنيين آخرين، في دورة الألعاب الآسيوية في غوانغجو الصينية ضمن وفد يمني موحّد.

وتبدو البعثة اليمنية المشاركة في الآسياد كأنها الوجه الوحيد للوحدة في البلاد، حسب رئيسها عبد الستار الهمداني الذي قال: "لم يعد في اليمن إلا اللجنة الأولمبية التي تعمل بشكل وطني، وأكبر دليل الدخول بعلم موحّد في الافتتاح".

ويشير الهمداني، وهو رئيس اتحاد كرة السلة في بلاده، إلى أن الرياضة دفعت ثمن الحرب من خلال شحّ الدعم المادي، مع اقتصار المساعدات المحدودة على "اللجنة الأولمبية الدولية والمجلس الأولمبي الآسيوي".

أوتو ستوب

ويقول سعيد الخضر (19 عامًا) إن "حبّ الرياضة يجري في عروقي. أعمل من الصباح حتى الثالثة عصرًا في توصيل أسطوانات الغاز إلى المنازل، ثم أذهب إلى المنزل، أستحم، وأذهب إلى تمارين الجودو على بعد 9 إلى 10 كيلومترات".

ويضيف الخضر وهو أب لطفل وحيد: "غالبًا ما أعاني في المواصلات، فأضطر أن أوقف سيارة متوجهة إلى المكان نفسه أوتو ستوب"، وتابع الشاب الفارع الطول: "قبل شهرين، خصّص لي النادي حيث أتدرب، مبلغًا رمزيًا للمواصلات؛ لكنه ليس كافيًا، فأنا أدفع ثلاثة آلاف ريال يمني عملة عدن (دولاران أمريكيان) يوميًا ذهابًا وإيابًا".

ويؤكد سعيد إنه حاول ترك اللعبة بسبب صعوبة الاستمرار: "منحت بدلة الجودو لشخص آخر، لأنني كلّ ما رأيتها في المنزل أتشوّق للعب. صمدت أربعة أو خمسة أشهر، ويومًا ما قادتني قدماي إلى النادي مجددًا، فاشتريت من جيبي الخاص بدلة جديدة بـ300 دولار".

وتضمّ بعثة اليمن في الآسياد 32 شخصًا، منهم 10 لاعبين و8 لاعبات، كثيرون بينهم مثل الخضر أنهكتهم الحرب، لكنهم أصرّوا على تمثيل بلادهم في المحفل القاري.

حارس أمن.. ساعٍ للهجرة

وفيما يؤكد يوسف أن فرصًا عدة أتيحت له للخروج من اليمن "مع عقود للتجنيس، لكنني رفضت"، ويسعى زميله في لعبة الجودو عبد الله فايع (29 عاماً) إلى فرصة لمغادرة اليمن.

ويقول فايع: "أسعى للهجرة إلى فرنسا التي تهتم كثيرًا بالجودو، ويمكن للمرء أن يتدرب ويعمل ويعيل أسرته، لكن ليس لدي المال الكافي". كان عبد الله يتمنى أن يعود بميدالية إلى صنعاء، لكن على غرار آخرين، لم يستطع التفرغ للرياضة. ويقوم بعمل شاق بدوام طويل. "أعمل حارس أمن، وقبلها عملت سائقًا على دراجة نارية لتوصيل الطلبات".

ويتابع متحسّرًا: "بعد العمل، أذهب إلى التدريبات، وأنا متعب ومرهق. الظروف لا تساعد على الاستعداد لبطولات كبيرة".

وفيما يخلو رصيد اليمن، المطوّق بالظروف الصعبة والذي حصد تاريخيًا برونزيتين في التايكواندو والووشو في دورتي 2002 و2006، من أي ميدالية مع انتصاف الدورة تقريبًا، يؤكد الهمداني أن بلاده ستمثل في أولمبياد باريس 2024 بعدد أقل من الرياضيين.

ويقول: "لن نشارك في الألعاب الجماعية لصعوبة خوض التصفيات؛ لكن لدينا بطاقات بيضاء (دعوة) في السباحة، ألعاب القوى، والملاكمة"، متوقعًا أن يتراوح عدد أفراد البعثة بين 8 و10 رياضيين.

ويتابع أن الرياضيين الذين جاؤوا إلى غوانغجو "فرضوا أنفسهم بقدراتهم المالية والتدريبية الخاصة". وبالإضافة إلى صعوبات حياتهم اليومية، يتوقف رئيس البعثة أيضًا عند مسألة الخروج من اليمن والدخول إليه. "نحتاج للوصول إلى أوّل مطار ما بين 15 إلى 20 ساعة في البرّ، يتخللها تنقل بين النقاط العسكرية، وإثبات أننا لا نرتبط لا بهذا ولا بذاك الطرف".

شارك: