الأسواق الثّقافيّة والرّياضيّة عند العرب قبل الإسلام

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-07-08 13:07
أرشيفية- من فعاليات أُقيمت في سوق عكاظ بالسعودية عام 2017 (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

هناك في أسواق العرب قبل الإسلام كانت تُقام منافساتٌ رياضيّةٌ وثقافيّةٌ بين أبطال العرب في الجاهلية وقبل الإسلام في بعض الرياضات.

وقد كان للعرب أسواق عديدة تُعقَد في مواسم معينة، منها ما كان خاصًا بما يجاورها من القرى كسوق هجر وحجر اليمامة، والأسواق الأخرى كانت عامّة يتوافد إليها الناس من كل مكان مثل سوق عكاظ وسوق ذي المجاز.

وهذه الأسواق لم تكن أسواقًا تجاريّةً عاديّة مقتصرةً على البيع والشّراء، بل كانت أشبه ما يكون بالملتقيات الثقافية والرياضيّة التي كان لها دور كبير في الحياة الدّينية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، يتناشدون فيها الأشعار ويتفاخرون ويتنافرون ويتفادون ويلبون ويتنافسون في مختلف الرّياضات.

وأشهر هذه الأسواق:

أولًا: سوق عكاظ؛ ويعد أشهر هذه الأسواق، وكانت بداية هذه السوق بعد عام الفيل ببضعة عشرة سنة، وسبب التسمية بعكاظ أن الناس كانوا يعكظون في هذه السوق بعضهم بعضًا بالمفاخرة.

قيل في لسان العرب: "وعُكاظ: سُوق للعرب كانوا يَتَعاكَظُون فـيها؛ قال اللـيث: سُميت عكاظًا لأَنّ العرب كانت تـجتمع فـيها فـيَعْكِظ بعضُهم بعضًا بالـمُفاخَرة أَي يَدْعَكُ، وقد ورد ذكرها فـي الـحديث؛ قال الأَزهري: هي اسم سُوق من أَسْواق العرب ومَوْسم من مَواسم الـجاهلـية، وكانت قبائل العرب تـجتمع بها كلّ سنة، ويتفاخرون بها ويَحْضُرها الشعراء فـيتناشدون ما أَحدثوا من الشِّعر، ثم يَتفرّقون، قال: وهي بقرب مكة، كان العرب يجتمعون بها كل سنة، فـيُقـيمون شهرًا يَتبايعُون ويتفاخرون ويتناشدون، فلـما جاء الإِسلام؛ هَدَمَ ذلك".

ثانيًا: سوق ذي المجاز؛ يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد سوق عكاظ، وسُمي بذلك لأن العرب كانت تجتاز منه إلى عرفات.

كانت العرب تنتقل إليه بعد رؤية هلال ذي الحجة، ويمكثون به إلى اليوم الثامن، وتقع السوق على مسافة ثلاثة أميال من عرفة بناحية جبل كبكب.

جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود: "وسوق ذي المجاز: بفتح الميم والجيم المخففة وبعد الألف زاي وكانت بناحية عرفة إلى جانبها. وعند ابن الكلبي مما ذكره الأزرقي، أنه كان لهذيل على فرسخ من عرفة. وقول البرماوي كالكرماني موضع بمنى كان له سوق في الجاهلية".

وقال في النّهاية في غريب الحديث والأثر: "ذو المجاز؛ هو موضع عند عرفات كان يُقامُ به سُوقٌ من أسواق العرب في الجاهلية. والمجاز: موضع الجواز، والميم زائدة. قيل سُمّي به لأن إجازة الحاجّ كانت فيه".

ثالثًا: سوق مجنة؛ واسمها مشتقّ من الجنّ أو الجنون أو الجنّة التي هي البستان وكانت ذات خضرة ونضرة ومياه وكانت العرب تأتي إليها بعد عكاظ ويقضون بها آخر أيام ذي القعدة "قيل عشرة وقيل عشرين" قبل أن يتحولوا إلى ذي مجاز، يُقال: إن موقعها هو ما يُعرف الآن بوادي فاطمة.


جاء في معجم البلدان: "مَجَنّةُ : بالفتح، وتشديد النون، اسم المكان من الجنة وهو السّتر والإخفاء، ويقال: به جنونٌ وجِنّةٌ ومَجَنّةٌ، وأرضٌ مَجَنّة: كثيرة الجنّ؛ ومَجنّةُ: اسم سوق للعرب كان في الجاهلية وكان ذو المجاز ومجنّة وعُكاظ أسواقًا في الجاهليّة، قال الأصمعي: وكانت مجنة بمرّ الظهران قرب جبل يُقال له الأصفر وهو بأسفل مكة على قدر بريد منها، وكانت تقوم عشرة أيام من آخر ذي القعدة والعشرون منه قبلها سوق عُكاظ وبعد مجنة سوق ذي المجاز ثمانية أيام من ذي الحجة ثم يعرّفون في التاسع إلى عرفة وهو يوم التروية، وقال الدّاودي: مجنة عند عرفة؛ وقال أبو ذؤيب:

سُلافةُ راحٍ ضُمّنَتْها إداوةٌ
مقيَّرةٌ ردفٌ لمؤخرة الرحلِ
 
تزوّدها من أهل بُصرى وغزّة
على جَسرة مرفوعة الذّيل والكِفْلِ
 
فوافَى بها عُسفانَ ثم أتى بها مَجَنّةَ
تصفو في القلال ولا تغلي
 
وقيل: مجنة بلد على أميال من مكة وهو لبني الدُّئِل خاصة، وقال الأصمعي: مجنة جبل بني الدُّئِل خاصة بتهامة بجنب طفيل، وإياه أراد بلال فيما كان يتمثّل:
 
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة
بواد وحولي إذخر وجليلُ
 
وهل أرِدَنْ يوماً مياه مجنّةٍ
وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطفيلُ؟"

وهذه الأسواق كان العرب يجتمعون فيها فيمارسون الرياضات الفرديّة والجماعيّة، فما أهم هذه الرياضات التي كانت تمارَس في هذه الأسواق؟ وإلى ماذا آلت أحوال هذه الأسواق بعد الإسلام؟ هذا ما نجيب عنه في المقال القادم بإذن الله تعالى.

شارك: