والدة مبابي لم تعد وكيلته.. قصص نجاح وفشل عن وكلاء العائلات
لم يكن خبر اضطرار فايزة العماري إلى التخلي مُجبرة عن وكالة نجلها كيليان مبابي بالخبر العادي؛ فهو يعني أن كل الجلسات الرسمية التي يُحتمل أن يجريها مبابي مع ريال مدريد للانضمام إليه، أو مع باريس سان جيرمان بشأن تجديد عقده لن تكون العماري فيها الممثلة الرسمية للمهاجم الفرنسي، حتى مايو/ أيار من العام المقبل على أقل تقدير، وهو موعد أقرب اختبار للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لاعتماد وكلاء لاعبين جدد.
الفيفا كان قد أجرى تعديلًا في عام 2015 سمح من خلاله لعدد هائل من الأشخاص بأن يصبحوا وكلاء لاعبين، فبعد أن كان الأمر يتطلب اختبارات عدة ودراسة لمبادئ العقود القانونية، وأخلاقيات كرة القدم، وقواعد الفيفا، وقواعد انتقالات القُصّر، وغيرها من الأمور، بات كل ما هو مطلوب دفعُ مبلغ متواضع يختلف من بلدٍ لآخر، وسجل جرائم نظيف وتأمين.. بعدها بإمكانك أن تصبح وكيل لاعبين.
بعد ذلك، استوعب الفيفا وجود عدد كبير من وكلاء اللاعبين، حتى إن موقع "بيتوين إكس" كشف عن حصول وكلاء أعمال اللاعبين عن مبالغ تصل لـ653 مليون دولار في عام 2019، وهو رقم يفوق ما حصلوا عليه في 2015 (آخر عام قبل تسهيل الإجراءات) بحوالي أربعة أضعاف، لذلك بدأ فيفا في إعادة ترتيب الأمور، ووضع قواعد أكثر صرامة، لينخفض عدد الوكلاء المسجلين حاليًا في الفيفا من حوالي 15000 وكيل إلى 4766 فقط معتمدين.
ولأنه كان في إمكان أي شخص أن يصبح وكيل أعمال في تلك الفترة، أصبحت ظاهرة وجود وكيل أعمال من عائلة اللاعب أمرًا لا يمكن تجاهله، بعد أن كثر عددهم إلى حدٍ كبير خاصة من الآباء، لكن لماذا يقرر اللاعب تعيين فرد من عائلته وكيلًا لأعماله؟
يفتقد بعض اللاعبين الثقة في وكلائهم، وهو أمر مفهوم بالنظر إلى أن المنطق يصب في صالح الثقة في أفراد العائلة، وما يجمع من روابط الدم مع اللاعب. أحد الرؤساء التنفيذيين بأحد أندية البريميرليغ كشف في وقتٍ سابق لموقع "ذي أثلتيك" عن أن أحد اللاعبين اتصل به ليسأله عما إذا كان يريد فعلًا التعاقد معه كما أخبره وكيله، فأنكر المسؤول هذا الأمر، ليقوم اللاعب بالتخلص من وكيله الذي كذب عليه فورًا.
لكن مسؤول نادي البريميرليغ المذكور آنفًا حكى لـ"ذي أثلتيك" عن أنه جلس في مكتبه في يوم ما مع والد أحد اللاعبين الذي كان وكيله كذلك، فاستمر الوالد يحكي لمدة دقائق عن التضحيات التي قدمها لابنه في السنوات الماضية، وكيف وصل به من ذلك المكان إلى تلك المكانة، قبل أن يتم حديثه بالقول: "الآن لحظتي أتت لأحصل على رد الدين"، فما كان من المدير التنفيذي إلا أن اعتدل في مقعده وهو يستمع لطلبات الوالد الباهظة في التعاقد قبل أن يخبر الوالد: "اسمع أيها الوقح. إنها وظيفتك كوالد أن تساعد أولادك على تتبع أحلامهم. أنت لا تحصل على رد دين عن أحلامهم على حساب تطورهم"، ثم قام بطرده وإيقاف الصفقة، مؤكدًا للموقع الأمريكي أن هناك كثيرين مثله.
تدفعنا تلك القصة للحديث عن عدة أنواع من الوكلاء
نيمار "سنيور"
"حتى لحظة معينة، نيمار ابني. لكن منذ اللحظة التي يغادر فيها البيت، يصبح عملي". هكذا كان والد نيمار جونيور صريحًا في الحديث عن عمله كوكيل أعمال لابنه، علمًا أن كثيرين يرجعون السبب في قرار الدولي البرازيلي بالانتقال لباريس سان جيرمان إلى القوة الدافعة التي أتم بها الوالد الأمر.
لكن قد لا يرى كثيرون أن والد نيمار قد حرم ابنه من مسيرة أفضل في كرة القدم، بل أمّن له كثيرًا من الأموال، فيما كان عدم تقديم نيمار لمسيرة تضاهي موهبته الجبارة يرجع إلى نيمار نفسه، الذي كان أسلوب حياته سببًا رئيسيًا في ذلك.
خورخي ميسي
الشيء نفسه يعود إلى أفضل لاعب في العالم 7 مرات ليونيل ميسي، الذي يعمل والده وكيلًا لأعماله منذ الصغر؛ فهو الذي كان يتفاوض في كل تجديد تعاقد مع برشلونة، وكذلك في مسألة رحيله إلى باريس سان جيرمان، ولو أن كثيرين يُرجعون تغير شخصية ميسي لشخصية أكثر نضوجًا في السنوات الأخيرة مع برشلونة إلى عدم إقامة والده في المدينة الكتالونية في تلك السنوات، بعدما عاد للعيش في الأرجنتين، والتنقل بين دول عدة بشكل عام.
عدم كفاءة؟
لكن الأمر المشترك بين نيمار سنيور وخورخي ميسي يعود إلى وقوع نجليهما في الكثير من المشاكل الضريبية، وعدم تسديدهما لها بشكل منتظم، ما جعلهما عرضًا لملاحقات قضائية مستمرة.
عدم الكفاءة لا يتعلق فقط بالمشاكل الضريبية، بل ينسحب على الكثير من الأمور، فأحد رؤساء الأندية أخبر "ذي أثلتيك" أنه يفضّل العمل مع وكيل أعمال من عائلة اللاعب؛ فهم ضعيفو الخبرة، وغالبيتهم مفاوض سيئ لا يعرف خبايا مثل هذه الأمور.
تشارلي كين
تصريحات رئيس النادي واقعية في بعض الأحيان، فهناك مثال حي على هذا الأمر حدث مع وكيل أعمال هاري كين وشقيقه في نفس الوقت، تشارلي كين، الذي كان سببًا رئيسيًا في ضياع صفقة انتقال كين إلى صفوف مانشستر سيتي، قبل وصول إيرلينج هالاند إلى صفوف الفريق السماوي.
يحكي موقع "فوتبول ذي بول" عن القصة بأنه عندما جلس تشارلي كين مع رئيس توتنهام دانييل ليفي لتجديد تعاقد المهاجم الإنجليزي في 2018، نجح ليفي في خداع تشارلي، بعدما أقنعه بعدم وضع شرط جزائي لفسخ عقد كين، ليعده برحيل اللاعب باتفاق "جنتلمان" في حال وصول العرض المناسب، وهو ما أنكره ليفي بعد ذلك، مؤكدًا أنه لم يحدث أي اتفاق من هذا القبيل.
واندا نارا
من أحد المهاجمين المذهلين إلى لاعب لا يتصدر اسمه الصحف من دون مشكلة ما! حولت واندا نارا مسيرة المهاجم الأرجنتيني ماورو إيكاردي إلى كارثة، بعدما تركت زوجها ماكسي لوبيز لترتبط بإيكاردي، لكنه لم يكن ارتباطًا فقط على المستوى الأسري، بل على المستوى العملي كذلك، بعدما أصبحت وكيلة أعماله.
نارا أدخلت إيكاردي في الكثير من المشاكل مع الإنتر ومع جماهيره، لينتقل بعد ذلك إلى باريس سان جيرمان في خطوة خاطئة أخرى تم دراستها ماليًا أكثر منها كرويًا في فريق يعج بالنجوم، قبل أن تتراجع مسيرة اللاعب أكثر وينتقل إلى غلطة سراي.
الأمر نفسه ينطبق على أكثر من وكيل لاعب، كوالدة أدريان رابيو التي أدخلت نجلها في مشاكل عدة مع نادي باريس سان جيرمان، وكانت سريعة الغضب إلى الدرجة التي جعلتها تشتبك يومًا ما مع والد مبابي في المدرجات، عندما أضاع الأخير ركلة جزاء في إحدى مباريات المنتخب الفرنسي.
لكن ليس كل وكلاء العائلات كارثيين.. هناك خوان ماتا
خوان ماتا "سنيور" لم يكن وكيلًا ضعيف الخبرة، بل بدأ حياته كلاعب كرة القدم في عدة أندية أبرزها ريال أوبييدو وريال بورجوس، قبل أن يحترف وكالة الأعمال مع الكثير من اللاعبين قبل العمل مع ابنه، لذلك كان من الطبيعي أن يتولى أعمال نجله بعد ذلك.
والحقيقة أن مسيرة ماتا كانت مثالية في كثير من الأمور، بعدما التقطه المدير الرياضي لفالنسيا أميديو كاربوني من ناشئي ريال مدريد، ليمنحه الخفافيش الفرصة للتألق رفقة دافيد فيا ودافيد سيلفا قبل الرحيل إلى البريميرليغ، تحديدًا إلى صفوف تشيلسي، ومع انتهاء دوره رفقة البلوز الذي ربح معه دوري أبطال أوروبا، كان الانتقال لمانشستر يونايتد خطوة حافظ بها على مكاسبه الرياضية.
آريين روبن
الأمر نفسه ينطبق على الجناح الهولندي آريين روبن الذي عمل والده هانس روبين وكيلًا لأعماله لفترة طويلة. هانس كان وكيل أعمال معتمدًا من الفيفا، ومنح ابنه مسيرة ممتازة مستقرة في الأندية التي نجح فيها.
إن لم تمتلك فردًا خبيرًا من العائلة، فلم لا تجرّب نفسك؟!
عبقري داخل الملعب عبقري خارجه. لذلك تقبل كثيرون فكرة أن يتولى لاعب وسط مانشستر سيتي كيفين دي بروين وكالة أعمال نفسه. الدولي البلجيكي تفاوض بنفسه مع السيتي على آخر تجديد لعقده، وطلب فقط إحصائيات من إحدى شركات الإحصائيات لدعم موقفه في المفاوضات قبل توكيل محام لإنهاء المستندات الورقية اللازمة لإنهاء الصفقة، وهو نموذج قد يفكر فيه بعض اللاعبون مستقبلًا، رغم أنه يطرح تساؤلًا حول مدى قدرة اللاعب على التفاوض مع أندية أخرى في فترة تعاقده، وإحصائيًا، لم يكن الأول في ذلك بل سبقه إدين هازارد.
الجناح المعتزل مؤخرًا كان واحدًا من اللاعبين الذين قضوا فترة طويلة في إدارة أعماله بنفسه والتفاوض حولها، خاصة في مسألة تجديد تعاقده مع تشيلسي لأكثر من مرة، لكن بمجرد تعيين هازارد لوالده تييري كوكيل لأعماله في 2019، تصاعدت نغمة رحيله إلى ريال مدريد، حتى انتهت بانتقاله إلى صفوف نادي العاصمة الإسبانية.
الأمر يبدو متشابكًا، ووجهات النظر تختلف كثيرًا في هذا الصدد. بعض اللاعبين يثقون أكثر في عائلاتهم، وبعض اللاعبين يعينون أفراد العائلة بدافع الإحراج أو لمنح أقاربهم فرصة لجمع المال بشكل أكثر رقيًا من الإنفاق عليهم، لذلك يبدو الموضوع متشابكًا أكثر.