نونو سانتو.. وداع اتحاديّ حالِك!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-11-09 18:39
نونو سانتو المدرب السابق لنادي الاتحاد السعودي (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

طريق الأمل محفوف دائمًا بالأشواك والصعوبات والمنغصات، والخوف الذي يحوم في الأفق من أن تتحول بارقة الأمل إلى سراب، فيضيع كل شيء في لحظة، وهذا ما ينطبق تمامًا على نادي الاتحاد السعودي الذي أقال مدربه البرتغالي نونو سانتو.

بالنسبة لعشاق نادي الاتحاد، لم تكن مسألة إعفاء أو إقالة المدرب البرتغالي مفاجئةً لهم، خصوصًا وقد فاض بهم الكيل وهم يطالبون الإدارة بالتدخل الفوري، لوضع حدّ للانهيار الكارثي الذي يصاحب فريق كرة القدم من مباراة إلى أخرى.

وعلى النقيض من ذلك، لم يكن البرتغالي نونو سانتو يتوقع إقالته في هذا الظرف الحساس الحالك، لم يَدُر بخلده أن ضربة آسيوية واحدة ستكون قاصمة وحاسمة وقاتلة وسببًا في فك ارتباطه بالاتحاد.

عندما تَسابَق نجوم "العميد" على ضياع الفرصة تلو الأخرى أمام القوة الجوية العراقي في دوري أبطال آسيا، كان نونو سانتو على مقاعد الاحتياط يحترق، وقد جالت بخاطره كل السيناريوهات المحتملة؛ لكنه للأمانة لم يكن يتوقع الإقالة الفورية، بينما الاتحاد على مرمى حجر من مونديال الأندية.

لقد اجتهد الكثير من الفنيين والمحللين في تطويق الأسباب الحقيقية التي دفعت إدارة الاتحاد لـ "قطع عِرق المدرب وتسييح دمه"؛ لكن السواد الأعظم من الاجتهادات لامست فقط تخوم ما يحدث للاتحاد مع المدرب البرتغالي من تراجع في النتائج، ولم تتوغل أو تتغلغل تلك الاجتهادات إلى العمق حيث في الإعادة إفادة.

ولتوضيح الصورة أكثر فأكثر، يمكن القول إن نونو سانتو دفع ثمن (الطبطبة) على رؤوس لاعبيه المحترفين، حيث بدا في مباريات كثيرة أنه يعتمد مبدأ الكم على حساب الكيف، طمعًا في إرضاء هذا وعدم إغضاب ذاك، والنتيجة أن الفريق فقد هويته تمامًا، وخارت قواه نفسيًّا، حتى فقد القدرة على التمييز بين الألوان.

وفيما يبدو أن المدير الفني البرتغالي نفسه كان مُكرَهًا على تنفيذ سياسة احتواء اللاعبين الأجانب الكبار، وفق صيغة تكتيكية لا تخدم التوازن، وهو عندما يعتني بالأسماء على حساب الانضباط التكتيكي داخل الملعب، فلأنه في الأصل عبد المأمور، ينفذ التوجيهات على طريقة: (مُجبَر أخوك لا بطل).

ومن يمعن النظر في الصورة النشاز التي يظهر بها الاتحاد مع سانتو في كل مباراة؛ ما عليه سوى قراءة واقع الفريق في قسمات وجه المهاجم الفرنسي كريم بنزيما الذي أبدى مرات ومرات معارضته لطريقة تجييش النجوم التي قتلت النسبة والتناسب في توزيع الأدوار.

كانت نقطة قوة الاتحاد التي أسهمت في تتويج الفريق بلقب الدوري السعودي الموسم الماضي، متانة دفاعه وانضباط لاعبي الوسط تكتيكيًّا، وانتهازية خط الهجوم، هذه النقطة تبخرت هذا الموسم مع نفس المدرب كخيط دخان.

أبدًا لم تكن مشكلة بطل الدوري السعودي هذا الموسم إدارية؛ لكنها بالمعنى الحرفي أزمة فنية تعدد فرسانها، بين مدرب ذي شخصية ضعيفة أمام سطوة النجوم، ولاعبين لا يؤدون واجباتهم كفريق واحد متماسك.

وعندما تشاهد الأهداف الساذجة التي تدخل مرمى الاتحاد في كل مباراة تقريبًا، تسأل بلسان كل اتحادي يصرخ من القهر:

لماذا لا يمارس اللاعبون مهمة الضغط العكسي عند فقدان الكرة؟

وهل المدرب مسؤول عن هذا الهذيان الذهني والتحلل النفسي والتآكل المعنوي؟

كيف يلعب الاتحاد دون رواقين حقيقيين يساهمان في تقليل الاحتقانات الدفاعية؟

وهل على الفرنسي نغولو كانتي أن يلعب دور السوبر مان، يدافع ويهاجم ويصنع ويسجل؟

والسؤال الأهم الذي يضع نونو سانتو في قفص الاتهام مفاده:

ما الفائدة التكتيكية من اللعب برأسي حربة (كريم بنزيما وعبد الرزاق حمد الله)، وهما يمتلكان نفس المواصفات ونفس الأدوار؟

لا يمكن إرجاع سبب إقالة نونو سانتو إلى الملاسنة التي دارت بينه وبين (الحكومة) القائد كريم بنزيما، من منطلق أن ما حدث بين المدرب والقائد بعد خسارة الاتحاد أمام القوة الجوية العراقي، لم يكن إلا تتويجًا لخلافات سابقة قطعت نهائيًّا شعرة معاوية.

بالتأكيد علامات الاستفهام التي تتكاثر كالذباب تدين بشدة المدرب البرتغالي، الذي عجز عن السيطرة على غرفة ملابس الفريق، تمامًا مثلما رضي على نفسه أن يكون خيال مآتة أمام سطوة المحترفين.

لقد تلقيت رسالة من لاعب اتحادي كبير يسألني عن جدوى إقالة سانتو في هذا الظرف العصيب، وكانت إجابتي إن الإقالة في حد ذاتها سلاح ذو حدين.

يمكن للاتحاد أن يتعافى سريعًا من كبوته، لأنها فنية فقط، وتتعلق بأهمية تعقيم الأدوات الفنية، شريطة أن يصاحب هذه العملية رقابة إدارية حتى يتم القضاء على الفوضى غير الخلاقة التي شاعت في عهد سانتو.

ومن جانب آخر، يمكن أن تكون الإقالة -والفريق على أبواب مشاركة تاريخية في مونديال الأندية بعد أسابيع قليلة- وبالًا على الفريق، في حال فشلت الإدارة في قراءة واقع ومحتوى الفريق من كافة الجوانب.

الاتحاد من الأساس لا يحتاج إلى مدرب رادع ذي شخصية قوية فقط؛ لكنه يحتاج إلى مناخ صحي يذوب فيه الواحد في الكل، والكل في الواحد، وتلك نظرة ثاقبة يمكن لجمهور الاتحاد أن يفرضها مستقرًا ومنطلقًا نحو مرحلة جديدة تعيد إلى الاتحاد هيبة فنية افتقدها مع المغضوب عليه نونو سانتو.

شارك: