نشيدٌ في نادي النجمة اللبنانيّ

تحديثات مباشرة
Off
2023-08-23 17:10
نادي النجمة اللبناني (Facebook/NejmehSC)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كَتب الشّاعرُ جورج غريّب قصيدة عموديّة متعددة الأقسام، متنوّعة القوافي، في نادي النّجمة اللّبناني، وقد سُمّيت بالنّشيد، وجاءت في ستة عشر بيتاً شعرياً.

لم يكن جورج غريّب محض شاعر فحسب بل عُرف بأنه أكاديميٌّ وكاتب موسوعيٌّ في مجالَي التاريخ والأدب، والنّاظر في أسماء مؤلّفاته والموضوعات التي تطرّق لها يدرك سعة اطّلاعه وغزارة علمه، واهتمامه بقضايا التاريخ واختلاف الشعوب وامتداد العصور وتنوّع المشارب والثقافات، ناهيك من اهتماماته الأدبية الواضحة في إطارَي النّثر والشّعر، ولا يبدو ذلك غريباً على مَن درس الآداب الشرقية وعُني بها.

عاصر الشّاعر جورج غريّب نادي النّجمة معاصرة حياتية موازية، وكان إضافة إلى اهتماماته الأدبية والتاريخية مَعنيّاً بالرياضة محباً لكرة القدم وكرة السلّة ومختلف أنواع الرياضات الأخرى، وكان معجباً باللاعبين المتميزين، ومتابعاً للأخبار الرياضية، فقد تأسس نادي النجمة في عام 1945م، وهو العام نفسه الذي تخرّج فيه، وأنهى دراسته في معهد الآداب الشرقية في الجامعة اليسوعية، وكان جورج غريّب في ذلك الوقت بأوج شبابه في الخامسة والعشرين من عمره تقريباً.

بدأ جورج غريّب نشيده في نادي النّجمة بقوله:
لِمَن يُغنّي الملعبُ             ويَستجيبُ المَطلبُ ؟
لِنَجمةٍ يَزهُو بها                لُبنانُنا والعَرَبُ
***
كم تَركنا في بِلادي            مِن بُطولات التّحدّي
حُبّها ملءُ الفؤادِ              مَجدها في الأرضِ مجدِي
إنَّنا يوم التّنادي               حلمنا من غير حَدّ

يفتتح الشاعرُ النّشيدَ بالتّساؤل، وهو أسلوب يشدّ انتباه السامعين المتلقّين لأشعاره؛ إذ يتساءل عن سبب غناء الملاعب وابتهاجها، ولِمَن يُوجّه، ويتساءل لِمن تستجيب وتخضع وتتعاون في سبيل تحقيق الفوز، لكن سرعان ما تأتي إجابته في السّطر الثّاني من النّشيد، إذ يقول: (لِنجمة)، مُجيباً بدون أدنى تردّدٍ، فنادي النّجمة مَحلُّ فخر ومَحطّ زُهوٍّ للُبنان كلّها، بل للعرب جميعهم.

نلحظ أنّه يكتفي بقوله (نجمة)، إذ يذكر اسم النّادي بدون أيّ تفصيلاتٍ تدلُّ عليه، فعلى الرغم من مجيء الاسم نكرة إلّا أنه في عقل الشاعر وتصوّراته أعرف المعارف، ولا شبهة لديه ولا شكّ في انتشار سمعة هذا النادي الحَسنة وشُهرته الطيبة بين صفوف الشباب العرب جميعهم، فمحضُ ذكر الاسم يكفي للدلالة والإشارة على ما يقصده، فنادي النّجمة أشهر من نار على علم.

ويتابع الشّاعرُ حديثَه ويتغنّى بالبطولات التي حققها نادي النّجمة، وكم واجه من تحدّياتٍ استطاع التغلّب عليها، وكم حَلم لاعبوه بأحلام واسعة تليق بأدائهم الذي تجاوز كلَّ خيال وجمال.

نَجمةٌ نحن حِماهَا             فاشهدِي يا حقَب
أيّ إعصارٍ يهبُّ                يوم نَجتاح الملاعِب
فالمدى للنَّصر دربٌ          حين تشتدُّ المصاعِب
كادَ أن يَعصفَ رحب         بين مَغلوبٍ وغالِب
هَكذا النَّجمةُ يُدوِّي           في عُلاها اللَّعب


من اللّافت للنّظر أن الشّاعر يتحدث بصيغة المتكلّم مرتكزاً على ضمير (نحن)، وكأنّه فردٌ أساسيٌّ من أفراد الفريق، ويدلُّ ذلك على مدى حبّه للفريق وأعضائه وشعوره بالانتماء إليهم، والانصهار في بوتقتهم، والتّفيُّؤِ تحت ظِلالِهم. ثم يتابع تصويره لأدائهم الذي نال منه كلّ إعجاب فيقول هم كالإعصار في ساحات الملاعب، وما بينهم وبين النصر سوى قَطعُ المدى وإن صَعُبت الظّروف وتعقّدت وتعسّرت المسارات.

فلننظر معاً إلى قوله الآتي وهو يكمل تصوير أداء اللّاعبين مُحمّلاً كلماته إعجاباً شديداً وحبّاً كبيراً لنادي النّجمة ولاعبيه، إذ يقول:
وإذا داقَ النَّفير              ودُعِينا للنِّزال
يملأ السَّاحه زَئير           يتصدّى للمُحال
يا لتاريخٍ  يُشير            أنَّنا رَهن المعالي

ثُمَّ يختم النّشيد بتكرار المقدّمة، ويُضيف سطراً واحداً يختصر فيه شعوره بأبسط شكل وأعمق شعور؛ إذ يجعل النادي نجمة حقيقية تشع في الدّجى وتنير الطرق لا لناس ولا لأمثالها من النجمات اللواتي يخف بريقهنّ، بل للشُّهب المتطايرة، وهذا يدلّ على شدة بريقها وقوة لمعانها الذي غالب أنوار الشّهب وسَناها في الليالي الحالكة، فأي إعجاب هذا الذي حواه صدر الشاعر وعبّر عنه بمثل هذا الجمال البهيّ في قالب شعري قريب المأخذ سلس العبارات عميق المعاني.


لمن يغني الملعب             ويستجيب المطلب
لنجمة يزهو بها                لبناننا والعرب
من سنا النجمة ليلا        تستنير الشهب

شارك: