منتخب قطر تغير شكلا ومضمونا.. فهل يتم الحفاظ على المكتسبات؟
لم يكن الانتصار الذي حققه منتخب قطر على قرغيزستان بثلاثة أهداف لهدف ضمن تصفيات مونديال 2026، المتغير الوحيد في مسيرته خلال الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الأولى، لأنه الفوز الأول، بل يمكن القول إن زملاء أكرم عفيف تغيّروا شكلًا ومضمونًا.
صحيح أنّ المدرب الإسباني، ماركيز لوبيز، ما زال مصرًّا على أنه غيّر بالأسماء فقط في ظل ظروف الغيابات والإصابات، مقابل الاحتفاظ بذات الفكر، لكننا سنعتبر هذا الطرح تواضعًا من الرجل، الذي لم يشأ أن يشير إلى "كومة" من المستجدات الفنية، بدءًا من الرسم التكتيكي مرورًا بالأسلوب وصولًا إلى التوظيف.. في خطة بدت مختلفة تمامًا، تهدف إلى الاستفادة من كل الأوراق الفاعلة التي يتوفر عليها المنتخب.
اعتدنا من مدرب منتخب قطر أن يلعب بثلاثة لاعبين في العمق الدفاعي، مقابل اللعب بطرفي جنب (ظهيرين)، ومن ثم بثلاثة محاور ارتكاز (بذات المواصفات الدفاعية البحتة)، وبالتالي اللعب بلاعبين فقط في المقدمة (أكرم والمعز) وفقًا لرسم 5-3-2، ومن ثم البحث عن الحلول عبر الأروقة فقط.
كنا في موقع winwin قد أشرنا إلى خيارين مطروحين للتعامل مع المباراة من قبل الجهاز الفني.. الأول، أن يُبقي المدرب لوبيز على طريقته التقليدية بتعويض الغائبين واللعب بالطريقة التي اعتاد أن يلعب بها، خصوصًا في وجود ثلاثة محاور يؤدون ذات الدور الدفاعي البحت، أمام ثلاثة مدافعين في العمق وظهيرين يؤديان دورًا مزدوجًا، ما بين التقدم كأجنحة في الإسناد والانضمام إلى الخط الخلفي، ليكملا عقد المدافعين الخمسة، وهي الطريقة التي لا تسمح سوى بوجود لاعبين في الأمام وفقًا لرسم 5-3-2.
وتطرّقنا إلى ضرورة أن يغيّر منتخب قطر النهج وإظهار جرأة هجومية، من أجل أن يمنح كل أوراق التفوق التي يملكها الفرصة، من دون التمسك بطريقة لم تُجد نفعًا دفاعيًّا، حيث استقبل المنتخب خمسة أهدف في مباراتين، ولم تُجد هجوميًّا بقلة الفاعلية في صناعة الفرص.. وعلى أرض الواقع، يبدو أنّ ما أشرنا إليه قد تمّ!
منتخب قطر يؤكد المستجدات.. فهل يتم تكريس النهج؟
ما تم رصده في مباراة منتخب قطر ونظيره القيرغيزي بدا مختلفًا كليًّا عن سابق المباريات من عدة أوجه، أولها اللعب بأربعة مدافعين من خلال الاكتفاء بقلبي دفاع (خوخي بوعلام ولوكاس مينديز)، واللعب بظهرين تقليدين (إسماعيل محمد وعبد الكريم حسن)، ثم الاحتفاظ بلاعب ارتكاز وحيد يؤدي الدور الدفاعي (أحمد فتحي)، إلى جانب محور مزدوج بين الإسناد الهجومي والارتداد الدفاعي (عبد العزيز حاتم)، ثم اللعب بصانع لعب يؤدي دورًا هجوميًّا بحتًا (أكرم عفيف)، ثم منح الحرية لثلاثة لاعبين في الأمام، وهم عبد الرحمن مصطفى (جناح أيمن)، وإدميلسون جونيور (جناح أيسر)، ثم المعز علي ليكون رأس الحربة المتحرك، مع الإشارة إلى أنّ عملية الارتداد للمواقع الخلفية تجعل الجميع مطالبًا بالدفاع.
مدرب منتخب قطر ماركيز لوبيز، نجح بامتياز في الخيارات الجديدة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مسؤولًا عن تأخر التسجيل، في ظل عديد الفرص السانحة لهز الشباك التي صنعها "العنابي"، والتي بدأت منذ الدقيقة الثانية، ووصلت إلى أربع فرص مع مطلع الدقيقة 12 فقط... فالأمر هنا يتحمله اللاعبون في التجسيم، لأن خطة المدرب أدت المطلوب وأوصلت المنتخب إلى ما يصبو إليه من تفوق فني، وهي الخطة التي استثمرت كل الأسلحة المتاحة بالطريقة الأمثل، مع الإشارة هنا إلى أن كل لاعب كان لديه دور دفاعي محدد.
السؤال المطروح حاليًّا هو التالي: هل سيكون بمقدور مدرب منتخب قطر الحفاظ على ذات الجرأة في قادم المباريات؟ ولا نقصد اللعب بذات الأدوار في مواجهة المنتخب الإيراني المختلف تمامًا عن قيرغيزستان حتى في حال الاحتفاظ بذات الأسماء.. بل اقتصار التغييرات على بعض الجزئيات التي تخص خوض مباراة خارج الأرض أمام منتخب مرشح للتأهل المباشر وتصدر المجموعة، بتقنين بعض الأدوار من دون التخلي عن أسلحة رابحة، سيلجأ إليها المدرب حتمًا في حال التأخر في النتيجة.
ربما يكون منتخب قطر أمام خيار أنسب وهو اللعب أمام إيران بذات الطريقة التي خاض بها المنتخب ثلث الساعة الأخير من مباراة قرغيزستان، وإبقاء الباب مفتوحًا أمام إبداعات ثلاثي هجومي قادر على قلب المعطيات في أي لحظة، من دون الرجوع إلى المربع الأول الذي لم يُعط أكله أمام الصغار.. فكيف سيكون الحال أمام الكبار؟!