ملعب الصفاء في بيروت لا تسكنه إلا الذكريات

تاريخ النشر:
2020-12-24 22:47
-
آخر تعديل:
2021-06-08 09:01
ملعب الصفاء يحن لثوبه الأخضر وماضيه الجميل (winwin)
Source
+ الخط -

صرخة أطلقها عبر موقع winwin هيثم شعبان الأمين العام لنادي الصفاء الرياضي أحد أعرق وأقدم الأندية في لبنان، يصح القول فيها إنها صرخة وجود بعد أن تقاذفت الأنواء هذا الصرح الرياضي العريق الذي طالما خرج المواهب ورفد منتخب لبنان الوطني على مدى سنوات منذ تأسيسه في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي.

عندما تمشي في ملعب الصفاء فكأنك تمشي على التاريخ، تسترجع حقبة ذهبية من إرث الكرة اللبنانية وذاكرتها، فوق أرض لا تسكنها اليوم إلا ذكريات الماضي الجميل.

من هذا المكان عرفت الكرة اللبنانية انطلاقتها الجديدة بعد الحرب الأهلية بقيادة الشيخ غازي علامة الأمين العام السابق للنادي وشقيقه رهيف علامة الأمين العام السابق لاتحاد كرة القدم فيما عرف حينها باتحاد الثاني من أيار عام 1985، بعد أن احتضن كافة البطولات التنشيطية في أوج أيام الحرب محافظة على التلاقي بين أندية الوطن الواحد.

ملعب توقف العمل بإعادة تأهيله قسرياً وترك منذ أكثر من عام مكاناً موحشاَ لا حياة فيه فلا صوت يسمع في جنباته إلا صدى أصوات طيور أو أطفال حفاة يلهون ببقايا حطام وخرق ممزقة تشبه كرة القدم.

يقول شعبان: "لقد توارثنا هذا العمل من أسلافنا الذين أسهموا في وضع الأسس الأولى لهذا النادي وحملنا المشعل وسرنا في طريق ابتسمت لنا حينا عندما صعدنا إلى منصات التتويج وعبست في وجهنا حيناً آخر كالوضع الذي يمر فيه النادي وملعبه التاريخي".

ويلفت الأمين العام إلى أنه قلما نجد فرقا لا تضم لاعبين مروا أو تخرجوا من مدرسة الصفاء أما اليوم حيث يصعب العمل الرياضي فإن الإمكانيات تقل والطموحات تكبر وهذا ما يؤدي إلى اضمحلال المشهد العام حيث بات النادي عاجزاً عن وضع ميزانية كبيرة وبات التوفيق بين الإيرادات والمتطلبات أمراً مستعصياً.

الصفاء الفائز بأول بطولة رسمية بعد الحرب الأهلية عام 1986 وبطل لبنان ثلاث مرات يمر بأزمة وجودية، يقاتل باللحم الحي ولا أحد يلتفت إليه  كما يقول شعبان: "أنهكته التجاذبات وغاب عنه الرعاة، وإن حضروا لم يفوا بالوعود، فاضطر النادي إلى التضحية تدريجياً بنجومه لفائدة فرق أخرى".

أبرز اللاعبين انتقل لأندية منافسة كالعهد وحقق معه لقب كأس الاتحاد الآسيوي، ورغم ذلك توج الصفاء بطلاً عام 2016 قبل أن تبدأ رحلة  التعثر والتخلص من شبح الهبوط.

مع الوقت تحول طموح الفريق البطل الذي لعب يوماً نهائي كأس الاتحاد الآسيوي إلى مجرد البقاء بين أندية النخبة، أما الملعب فله قصة أخرى يسردها شعبان بكثير من الحسرة، معرجاً على بيع العقار من قبل الرئيس السابق وخلاف رئيس مجلس الأمناء مع رعاة النادي ودخوله للسجن.

وتطرق شعبان للحديث عن فشل مشروع الملعب البديل في جبل لبنان لأسباب تتعلق بصلاحية الأرض بعد أن تكبد صندوقه خسارة بقيمة مليون دولار، ثم جاء الحجز على أموال النادي من المالك الجديد للعقار لتكتمل محنة الصفاء بانهيار العملة الوطنية ثم بانفجار بيروت والذي لم يسلم منه النادي وكأن ما أصابه لا يكفي.

وللمفارقة يقول شعبان إن في كل مرة يتفق النادي مع أكاديمية رياضية لكي يعيد تأهيل ملعبه يأتي ظرف ويحول دون إتمام المطلوب وهذا ما وصفه شعبان بلعنة حلت على النادي وأبقت الملعب أسيرا للظروف.

ويختم شعبان: "الأزمة الاقتصادية أنهكت الصفاء المنهك أصلا فهو يصارع لتأمين ميزانية بالحد الأدنى بعد أن تـُرِك يواجه مصيره وحيداً، ولولا مساعدات الاتحاد والأصدقاء لما تمكن من الوقوف على قدميه". 

حال الصفاء من حال ملعبه الذي لم يعد ملكا للأوقاف، فمال الوقف ذهب وبات النادي يسير وحيداً على عكازين لتجنب السقوط، في مرحلة هي الأصعب والأدق في تاريخه لأنها باختصار تتعلق بمصير صرح رياضي عريق يعاند القدر من أجل البقاء.

شارك: